وأخيرا أثبت – الائتلاف – أنه «نملة» من ورق

 صلاح بدرالدين

اذا كانت دول الاقليم والعالم المعنية
بالقضية السورية تتحادث وتتحاور أو تتصارع فيما بينها حول الملف السوري فانها بذلك
تبحث عن مصالحها في جزء استراتيجي هام من العالم أولا وأخيرا واذا ماتطابقت  مصالح
السوريين جزئيا في تطلعاتهم الى غد أفضل وفي بعض الجوانب ومن دون تخطيط مسبق أو
تنسيق وبمحض الصدفة مع مصالح البعض فهذا لايعني أن السوريين الطامحين الى التغيير
الديموقراطي واسقاط الاستبداد وبناء البديل الوطني يشاركون في تقرير مصير مستقبلهم
عبر جماعات معارضة بمختلف توجهاتها ومسمياتها بما فيها – الائتلاف – والتي أخفقت في
كسب ثقة الثوار خلال الأعوام الماضية وبالتالي عدم تمثيل طموحاتهم في تحقيق شعارات
الثورة وأهدافها .
جماعات المعارضة بكل أطيافها القديمة منها والمموهة والمدجنة والمتسللة بعيدة عن
الفعل والمبادرة وبسبب افتقارها الى الحد الأدنى من تمثيل الشرعيتين الثورية
والوطنية وعدم امتلاكها البرنامج السياسي الواضح الحاسم وقيامها أصلا على قاعدة هشة
غير ديموقراطية وغير شعبية وبدون قيادات مجربة صلبة منتخبة فانها تدعى الى العواصم
الاقليمية والعالمية والاجتماعات ولاتدعو رغم أنه من المفترض أن القضية سورية وتهم
الشعب السوري بدرجة أولى وحتى لوكانت الجهة الداعية من هيئة الأمم المتحدة وليست من
أطراف معادية للشعب السوري مثل نظام روسيا فانه قابل للنقاش والأخذ والرد لأن من
أولويات مبدأ حق تقرير المصير لأي شعب أو دولة أن يكون الشعب عبر ممثليه مصدر قرار
الحاضر والمستقبل .
فاذا كان نظاما ايران وروسيا في طور تبديل سياستهما تجاه
القضية السورية كما يدعي البعض استنادا الى مؤشرات فهذا يعني فشلهما بعد أن اقترب
نظام الاستبداد الى هاوية السقوط بفضل ضربات الثوار وصمود السوريين وبفضل عوامل
دولية أيضا وان غيرا تكتيكهما السياسي فلاشك من أجل تطبيع النفوذ والسيطرة (
المذهبية والعسكرية ) في حال تمت أية صفقة حول مستقبل سوريا وفي الحالة هذه يجب أن
لايحسب  ” تودد ونفاق “النظامين كحسنة أو منة بل يجب مطالبتهما بالاعلان الصريح عن
الندامة في دعم نظام مجرم قاتل لشعبه بسلاحهما وأموالهما وتقديم الاعتذار للشعب
السوري ويجب أن لايكافآ بالاستحسان والتحاور وتلبية مطالبهما في التحول من عدو الى
وسيط نزيه هكذا بكل سهولة أو محج لعقد المؤتمرات ومحطة لجمع المعارضات من كل حدب
وصوب .
حتى الآن وبسبب (مافي بالميدان غير حديدان) راهن بعض السوريين وعن حسن
نية على امكانية أن يقدم – الائتلاف – خدمة ما للقضية السورية ولكنه بات يثبت يوما
بعد يوم أنه مجرد ديكور مصطنع ووليد مشوه خرج من رحم الكذبة الكبرى في التاريخ
السوري ( المجلس الوطني السوري ) وأفراد مستفيدين من صدقات المحاور الاقليمية
يعتاشون ويغتنون من الرواتب بحسب المحاصصة على أساس الدين والقوم والمذهب وحتى من
مكافآت الكتابة بالقطع على صحف خليجية معروفة كوسيلة مبتكرة في الارتشاء على حساب
الدم السوري والأنكى من كل ذلك يقوم بدور شاهد زور في نحر الثورة والقضية وأداة
طيعة في تنفيذ المشروع الايراني المدعوم من روسيا .
على السوريين وبالسرعة
الممكنة التهيؤ لمواجهة التحديات القادمة واستحقاقات المستقبل وذلك من خلال مؤتمر
وطني جامع لقوى الثورة والحراك الوطني الثوري وكل من يسعى الى اسقاط الاستبداد
واجراء التغيير الديموقراطي واعادة بناء سوريا الجديدة التعددية الديموقراطية من
دون شروط مسبقة انطلاقا من مبدأ اللجوء الى الشعب وصناديق الاقتراع الحر وينبثق عن
هذا المؤتمر مجلس سياسي – عسكري يقود المرحلة الانتقالية بكل متطلباتها وبخلاف ذلك
فان المستقبل وحتى لو سقط رأس النظام هناك تخوف حقيقي من عقدصفقات من وراء ظهر
السوريين والابقاء على النظام بكل أركانه مع ترسيخ نفوذ روسيا وايران وتبديل
الطبيعة الديموغرافية والجيوسياسية لوطننا وهذا لن يحقق السلام ولن يعيد بناء سوريا
المهدمة بل يؤسس لحروب أهلية طويلة أكثر شراسة وتدميرا من كل ماحصل منذ أكثر من
أربعة أعوام .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…