بيان من اتحاد الديمقراطيين السوريين: مأساة الضمير الإنساني

    تتفاقم يوميا مأساة السوريين داخل وطنهم وخارجه ، ويبدو وكأن جميع انواع
الحماية قد رفعت عنهم ، وأن هناك حكما بالقضاء عليهم أصدرته دولة لها قدر من النفوذ
والقوة يلزم بقية العالم بتنفيذه ، دون تحفظ او اعتراض .
    بدأت مأساة
السوريين بقرار اخذه النظام حول قتلهم بالقنابل والصواريخ ،وطردهم من وطنهم ،
بمشاركة إيرانية / روسية، وتأييد أميركي / دولي . واستكملت بمواقف البلدان العربية
منهم ،وخاصة بلدان الخليج ، التي منعتهم من دخول أراضيها، وأبعدت المقيمين منهم
فيها لاتفه الأسباب ، وبلدان اللجوء كلبنان والأردن ومصر والعراق وشمال افريقيا ،
التي وضعتهم في معازل ورأت فيهم حالا أمنية وخطرا يجب ضبطه بجميع الوسائل ، وفعلت
وسعها لارغامهم على الرحيل عنها . 
وبلغت مأساة السوريين قمتها في هجرة مئات آلاف منهم إلى اوروبا ، في قوارب مطاطية
وقديمة ، تملكها مافيات تتاجر بالبشر ، اخذت منهم مبالغ مالية كبيرة بالقطع النادر
مقابل اغراق وقتل كثيرين منهم في البحر الابيض المتوسط ، بسلاح هو قواربهم التي
اشتروها بأبخس الأثمان كي تغرق بحمولتها، بعد ان تنطلق من سواحل التموسط الجنوبية ،
وخاصة في ليبيا ، حيث يشجع انعدام الأمن تجمع مافيات الموت على  سواحلها ، وتسمح
الفوضى لهم بحشر حمولات بشرية كبيرة في قواربها غير المعدة لعبور البحر، لتكون
النتيجة هلاك الهاربين من الموت بالقنابل والصواريخ تحت انقاض منازلهم في سورية ،
وغرقهم في بحر ابتلع الى اليوم عشرات ألاف منهم، بينما ترك اصحاب القوارب عشرات
آلاف آخرى لمصيرها في عرض البحر ، بعد فرارهم منها وعودتهم إلى ليبيا لابتزاز غيرهم
من الهالكين ، بينما تتجاهل دول العالم ومؤسساته أنهم بشر ولهم الحق في الحياة ،
وتتركهم لقتل متعددة الأوجه ، يتربص بهم في بلادهم وخارجها ، وأينما حلوا وكيفما
ارتحلوا .
  يدين “اتحاد الديمقراطيين السوريين ” باشد العبارات وضوحا الدول
العربية التي ترفض لجوء السوريين إلى ارأضيها وفتح حدودها أمامهم، وتغطي موقفها
المشين منهم ، ومشاركتها في قتلهم عبر   حملة تشنها ابواقها الاعلامية تتظاهر
بالدفاع عن حقوقهم … ولكن في أوروبا ، دون ان تخجل من ذرف دموع التماسيح عليهم،
واعتبار نفسها جزءا من ” وطنهم” العربي المزعوم. 
  ويدين ” الاتحاد” ايضا الدول
التي تتفرج على المأساة وكأنها لا تجري تحت أعينها ، وعلى رأسها الولايات المتحدة
الأميركية وروسيا، الدولتان اللتان تصفيان حساباتهما ضد بعضهما البعض بدماء الشعب
السوري، وترفضان إقامة مناطق آمنة في وطنه يعود إليها من نفيه القسري خارجه ، ولا
تجدان وسيلة لوقف قتله غير فرض حلول ظالمة عليه تتعارض مع رغبته في الحرية والأمن
وتنقذ النظام الأسدي،الذي يقتلهم  ويطردهم بالقوة من وطنهم ، ويشردهم ويلاحقهم إلى
المهاجر ، بل ويتفق مع إيران على ترحيلهم من مناطق يعيشون فيها منذ آلاف السنين ،
لاستبدالهم بغرباء ارهابيين وشذاذ آفاق يريد توطينهم فيها . 
  كما يدين ”
الاتحاد” منظمات الأمم المتحدة ، التي تبدي قدرا من الاهتمام بافاعي افريقيا يفوق
الف مرة ما تبديه من اهتمام بشعب مسالم يقتل، رغم أنه من مبتكري جميع مفردات
الحضارة البشرية، وأن أوابده تؤكد باعه الطويل في إرساء لبناتها، التي تعيش البشرية
اليوم ايضا في ظل انجازاتها وقيمها ، ولولاها لما كانت الحياة لائقة بالإنسان ،
ولما بلغ ما نراه من تقدم ورقي .  
  ويشكر “الاتحاد” تركيا ودول أوروبية
كالمانيا وايطاليا واليونان والسويد وصربيا ،على ما تقدمه للسوريين القادمين إليها
من خدمات وتسهيلات ، ويطالب الاتحاد الأوروبي باعتماد سياسات إنسانية حيالهم ،
وبشرعنة وضعهم كضيوف لهم حقوق انسانية، ويطالبه بالعمل لمساعدة المقاومين في سورية
على إطاحة الاسد ونظامه ، ما دام بقاؤه لب المشكلة ، وهو الذي يحول دون عودتهم إلى
وطنهم . 
  ويهيب “الاتحاد” بالسوريين ،الذين لا تضطرهم ظروفهم للهجرة، أن يبقوا
حيث هم ، داخل سورية وخارجها، فالنظام قرر اخراجهم ، لاعتقاده انهم سيهزمونه ان
بقوا في بلادهم ، وأن معظمهم يتصرف كمن يرى في ثورة الحرية المعنى الحقيقي لحياته . 

غازي عينتاب في 30/8/2015 

رئاسة
اتحاد الديمقراطيين السوريين 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…