عن «وثائق» سربست نبي ولغته ومضاربه…؟!

هوشنك أوسي

بعد إثارتي السؤال عن طبيعة وماهيّة معارضة
المربّي الفاضل، والأستاذ في جامعة صلاح الدين، الدكتور سربست نبي لنظام الأسد،
أثناء تواجده في سورية، قبل اندلاع الثورة السوريّة؟، وكيف عبّر هذا الموقف المعارض
للنظام عن نفسه؟، حراكاً سياسيّاً وكتابيّاً؟، نشر السيد الفاضل المذكور، وثائق،
معتبراً إيّاها، الفيصل والردّ والجواب الشافي على سؤالي، والدليل “الدامغ” حسب
وصفه، على معارضته لنظام الأسد.
طبعاً، جرى ذلك، في سياق ما يمكن اعتباره مرافعة
مقتضبة في الدفاع عن النفس، ولكن، بلغة أقلّ ما يُقال فيها بأنها “سوقيّة”
و”تخوينيّة”، مزايداتيّة عارية، ولا ترقى إلى لغة المثقف والأستاذ الأكاديمي ومربّي
الأجيال، حيث قال: 
(هذه بعض الوثائق والقرارات الأمنية، الصادرة عن القيادة الأمنية
العليا في سوريا بحقي، أثناء عملي الجامعي في سوريا. أقدمها لبعض المرتزقة الكورد
المأجورين عند المعارضة السورية والإخوان المسلمين. هذا جزء من تاريخي الذي يشرفكم
ويشرف كل قادتكم في المعارضة الإرهابية. إن كنتم لا تعلمون. قرارات الإدارة العامة
للأمن السياسي، التي كنتم مجرد كتبة تقارير لديها حينه، بعدم تسوية وضعي في
الجامعة، ومنعي من العمل في جميع الجامعات العامة والخاصة، برغم تسوية وضعي بقرار
من مجلس التعليم العالي… يا جراء البعث سابقاً والإخوان لاحقاً نباحكم لن يجدي
نفعاً معي، ولن تثير الغبار عند مضاربي
لسنوات عديدة
التزمت الصمت حتى لا أفتعل تهريجاً استعراضياً, وأصطنع هالة من البطولة الفارغة عن
نفسي على غرار البعض. أما وقد حان الوقت, فأني أريد بنشر هذه الوثائق الرسمية أن
أكشف للأصدقاء, وأردّ على افتراءات أبواق النظام وعملائه السفلة في الوسط الكوردي,
الذين حاولوا الإساءة إليّ خدمة لدعايات المخابرات السورية, وسنكشف فيما بعد المزيد
من الحقائق, ونكتفي الآن بهذه الوثائق
الدامغة).
هكذا نسق من الخطاب “الشعبوي”، “العصبوي”، الذي لا يمت
بأيّة آصرة إلى محاولة الاشتغال في حقل الفكر والمعرفة، ليس بالشيء الجديد أو
المستجدّ أو الطارئ لدى نبي، بل هو ركن أصيل من أركان “مشروعه” أو طموحه السياسي –
الثقافي، بالمقارنة بين المنشور أعلاه، وبعض المقالات أو التصريحات الأخرى الصادرة
عنه، في فترات مختلفة.  
وعطفاً على منشوره المعزز بالوثائق المرفقة، آمل
أن يتّسع صدر المربّي الفاضل، الأستاذ الأكاديمي، د. سربست، لتسجيل الملاحظات وطرح
الاسئلة التالية:
1 – بما أن هذه هي “بعض الوثائق والقرارات
الأمنية، الصادرة عن القيادة الأمنية العليا في سوريا” بحقك، أثناء عملك الجامعي في
سوريا؟، فأنت مطالب بتقديم المزيد، وألاّ تبخل علينا بتسليط الضوء على هذه المساحة
المجهولة من ماضيك المعارض لنظام الأسد، وما نجم عنها من قرارات أمنيّة اتُخذت
بحقّك، ظلماً وجوراً وعسفاً، على خلفيّة حراكك المعارض؟. ذلك أنه، بصراحة، وطبقاً
لما جاء في منشورك، نحن لا نعلم ” قرارات الإدارة العامة للأمن السياسي”، ويبدو انك
تعرفها أفضل من غيرك؟!.
2 – تقديمك لهذه الوثائق، يجب أن يكون
للرأي العام الكردي، ولكل من يريد أن يفهم ويعرف ويحيط بتجربة سربست نبي المعارضة
لنظام الأسد، وليس “لبعض المرتزقة الكورد المأجورين عند المعارضة
السورية والإخوان المسلمين”، حسب قولك ووصفك. ذلك أنه، من المفترض أنك لست مجبراً
على نيل شهادة حسن سلوك معارض لنظام الأسد، طالما أنك واثق من نفسك ومن سيرتك
المعارضة لهذا النظام، الى هذه الدرجة من التكبّر والتجبّر اللغوي –
الكلامي؟.
3 – ليس كل من يحاول الاستفسار عن تجربة
وماضي سربست نبي المعارض لنظام الأسد، هو كردي مرتزق ومأجور لدى المعارضة السوريّة
والأخوان المسلمين. ومعيب جداً هذا كلام غوغائي، مزايداتي من شخص في مقامك
الأكاديمي والثقافي الكريم!.
شخصيّاً، لست جزء من هذه
المعارضة. ولم اسعَ لأن أكون جزءاً منها. لم اتهافت وألهث وراء المشاركة في مؤتمر
انطاليا، كما حاول غيري، ولا في أي مؤتمر من مؤتمرات المعارضة السوريّة، كما حاول
غيري!. ومقالاتي في نقد المعارضة السوريّة، في الصحافة العربيّة والكرديّة، هي أكثر
من أن يمكنك إحصاؤها. فضلاً عن أن تركيزي على نقد الإسلامي السياسي عموماً، وجماعة
الاخوان على وجه الخصوص، في سورية وتركيا ومصر، أخذ حيّزاً واسعاً وهامّاً من
مقالاتي النقديّة تلك. ويمكنني إيراد الكثير من المقالات المنشورة بهذا الخصوص،
تأكيداً وتصديقاً لهذا القول والموقف. وعليه، الكلام عن الارتزاق لدى المعارضة
والإخوان، في حال كنت تشير فيه إلى كاتب هذه الأسطر، فهو مردود، نصاً وروحاً،
وشكلاً ومضموناً، كلمة كلمة، حرف حرف، فضلاً عن كونه تعبير عن الافتراء العاري. زد
على ذلك، سبق وأن أبديت إعجابك وإشادتك بما كتبته في نقد
المعارضة.
4 – المخابرات السياسيّة السوريّة، وأية
جهة أمنية، معروف عنها، بأنها لا تفصح عن أسماء كتّيبة التقارير لديها!. فمن أين
عرفت أن هؤلاء “الكرد” كانوا كتّيبة تقارير لدى هذه الجهة الامنيّة؟!. أم هو كلام،
يلقى هكذا، كيفما اتفق، عملاً بمقولة: “الهجوم خير وسيلة للدفاع”؟. وعليه، انت
مطالب بالكشف عن “كتّيبة التقارير” لدى المخابرات، وبالوثائق أيضاً، لئلا تتهم
بالافتراء ونشر الأباطيل، معاذ الله!.
5 – بما أنا
تاريخيك المجيد في معارضة نظام الاستبداد والفساد، يشرّفنا، فأنت مطالب بإبراز
نماذج من مقالاتك النقديّة السياسيّة الواضحة والصريحة والمباشرة في نقد نظام
الأسد، قبل اندلاع الثورة السوريّة؟!. طبعاً، المقالات النظريّة او التنظيريّة
العامّة في نقد الاستبداد والفساد، تنطبق على أي نظام استبدادي في مكان من العالم.
وعليه، نريد التخصيص والتحديد في نقد نظام الأسد، بصريح العبارة وبشكل مباشر في
حراكك الكتابي، وعدم العودة إلى بعض المقالات او الدراسات ذات الطابع التنظيري
الفكري العام. بخاصة انك كتبت مقال الرأي السياسي، وانتقدت فيه النظامين العراقي
والتركي، في حينه. وبالتالي، من المهم ان تكون دائرة النقد السياسي الصريح والمباشر
في مقالاتك، المنشورة على صفحات الانترنت، قد شملت نظام الاسد
أيضاً؟!.
6 – قرار شعبة الأمن السياسي بمنعك من
التدريس في الجامعات السوريّة، واستجابة وزارة التعليم العالي وجامعة تشرين لذلك،
ليس قرينة تؤكد بأنك كنت تمارس حراكاً معارضاً لنظام الأسد، بحيث يشكل خطراً على
أمن الدولة. فسورية وقتئذ، كانت محكومة بحالة الطوارئ والأحكام العرفيّة، والقرارات
الأمنيّة التعسّفيّة، لا يمكن لأية جهة إداريّة، تربويّة، قضائيّة ردّها. زد على
ذلك هذه القرارات التعسفيّة، طالت الكثير من الكرد والعرب السوريين، ممن لم يكن لهم
أي نشاط معارض أيضاً. والسؤال هنا: أثناء طعنك في القرار ورفعك دعوى على كل من
(رئيس مجلس الوزراء، وزير التعليم العالي، رئيس جامعة تشرين، ورئيس جامعة دمشق)
امام المحكمة الإداريّة، ما هي الوثائق والأدلة الدامغة التي أبرزها لهيئة المحكمة،
والتي تؤكد فيها بطلان هذا القرار، وأنك لا تشكل خطراً على أمن الدولة؟. ذلك انه من
غير المعقول ان ترفع دعوى، وتكلّف محامي دفاع، دون أن تبرز ما يشير ويؤكد حالة
التظلّم لديك. وهنا، نريد أن نعرف تلك الوثائق أيضاً، التي تؤكد بطلان قرار وزارة
التعليم العالي المستند على كتاب شعبة الأمن السياسي؟. كما نريد أن نعرف، ماذا كانت
“طلباتك النهائيّة”، طبقاً لما جاء في إحدى الوثائق (نص القرار الصادر عن المحكمة
الاداريّة) التي نشرتها.
7 – ولئن الشيء بالشيء
يّذكر، وفي سياق “تشكيلك” خطراً على أمن الدولة، نتيجة حراكك المعارضة لنظام الأسد،
“الذي يشرّفنا” حسب تعبيرك، يحقّ لنا السؤال هنا: هل كان لك حراك سياسي ضمن أي
تنظيم كردي أو عربي معارض لنظام الأسد؟. متى كان ذلك؟ وهل يمكن أن تبرز لنا ما
يؤكّد ويوثّق ذلك، طالماً أنك تتحدّث بالوثائق عن هذا التاريخ
المشرّف؟!.
والحال هذه، إذا كان لك أي نشاط سياسي
بارز ضمن أي من أحزاب المعارضة السوريّة، الكرديّة منها أو العربيّة، وطالما أنه
كان لك حراك كتابي واضح وصريح وجريء في نقد نظام الأسد، فطبيعي أن يقوم نظام شمولي،
استبدادي، قمعي…، باتخاذ قرار ظالم ومجحف بحقّك، ومنعك من التدريس في الجامعات
والمعاهد السوريّة؟!. هل يمكنك أن تؤكد ذلك، ودوماً
بالوثائق؟!.
8 – أما عن
قولك (يا جراء البعث سابقاً والإخوان لاحقاً نباحكم لن يجدي نفعاً معي، ولن تثير
الغبار عند مضاربي). فاكتفي بالقول: ؟؟؟!!!؟؟؟.
9 –
وبخصوص كلام السيد الدكتور والمربّي الفاضل سربست نبي (لسنوات عديدة التزمت الصمت
حتى لا أفتعل تهريجاً استعراضياً, وأصطنع هالة من البطولة الفارغة عن نفسي على غرار
البعض. أما وقد حان الوقت, فأني أريد بنشر هذه الوثائق الرسمية أن أكشف للأصدقاء,
وأردّ على افتراءات أبواق النظام وعملائه السفلة في الوسط الكوردي, الذين حاولوا
الإساءة إليّ خدمة لدعايات المخابرات السورية, وسنكشف فيما بعد المزيد من الحقائق,
ونكتفي الآن بهذه الوثائق الدامغة). لا أحد يريد الإساءة لك. بقدر ما تسيء أنت
لنفسك، بهكذا كلام سوقي، موتور، عنترياتي. من حق الناس أن تعرف. ومن حقها أن تسأل
وتنتقد وتسجّل الملاحظات على تجربة كل من يعتبر نفسه من النخب ويشتغل في الحقل
العام. 
وختام القول، وليس آخره، طبعاً، آمل ان تبقى
مضاربك عامرة بالخير والتواضع والقول الحسن، وحسن المساجلة والنقاش مع المختلفين
معك في الموقف والرأي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…