نداء إلى مسؤولي الأحزاب الكردية والكردستانية

د. محمود عباس

كرد جنوب غربي كردستان، في الخارج والداخل مقتنعون أن سلطة بشار
الأسد مصدر البلاء المستفحل بين الأحزاب الكردية، ومعظم أطراف القوى المعارضة لا
تقل عنها حقدا على الكرد وقضيتهم، إما من المفهوم الديني أو القومي العنصري.
 يا
أيتها الأحزاب الكردية، كفاكم متاجرة بالوطنية، تحرروا من الإملاءات الخارجية،
تخلصوا من أوهام التكتيكات الأنية، أمنعوا مؤيديكم ومناصريكم من الحروب الكلامية،
أحرموا التخوين والمشادات الكلامية المبتذلة، ثقفوهم على الانتقادات الواعية،
أدفعوهم للبحث عن ردم هوة الخلافات.
 كفاكم يا شريحة قيادة الأحزاب، بث ثقافة الكره والبغض بين المجتمع الكردي، علموا
الشباب على محبة البعض، لا تدفعوهم على محاربة الكردي، ثقفوهم على الدفاع عن الوطن
قبل الحزب، لا تعلموهم على عبودية الفرد والأيديولوجية بدون مناقشتهما وبوعي، وعلى
منطق الوطن لا الحزب.
فلا تدافعوا عن أخطائكم، ولا تبرروها بحجج ومفاهيم
طوباوية، فالاعتراف بالخطأ يزيد من احترام الأخرين لكم، والذات للذات.
  ثقافة
الحزب والشريحة المؤيدة والمناصرة هي ثقافة الشريحة المسيطرة على مسيرة الحزب، فما
يظهر في الإعلام وأدبيات الحزب، وما تعكسه الحروب الكلامية والمشادات المبتذلة
والتطاول على القيادات والمفاهيم وغيرها، هي نتاج تلك الشريحة، وهي تعكس ضحالة
الوعي السياسي الثقافي هناك. فهل لكم (يا أيتها الشريحة) أن توسعوا مدارككم،
وتتحرروا من ثقافة عقود من الزمن الغابر، ثقافة سلطة البعث.
     الإنسان الكردي
البسيط يدرك أن منطقتهم محاطة بالأشرار، وقدرة المدافع غير كافية على حمايتها،
بالشكل المطلوب، ولا بديل عن تلاحم ونبذ الخلافات والاتفاق على أبسط الأمور، وهو
الدفاع المشترك.
وأصبح الكردي يعلم أن هوة الخلافات تتوسع بين الأطراف والمجتمع،
والعداوة بين الكرد تتوسع بقدر ما تتوسع أو تتقلص بين الأحزاب، المغذين بشكل مباشر
وغير مباشر للأحقاد بين الشرائح المتعددة، وهذه تتوسع أو تتقلص حسب رغبة القوى
الإقليمية.
 ويعلمون أن الثغرات في المجتمع الكردي كثرت بقدر كثرة الخلافات بين
الأحزاب، وهذه تسهل تغلغل الأعداء من خلالها.
 الأغلبية يرون أن المصائب الأتية
من الأحزاب المتقاتلة بين بعضها لا تقل عن مصائب الأشرار المعادية للكرد، ومنابعها
أعداء الكرد. 
يعلمون أن اغلبيه الناس تحررت من إملاءات القوى الإقليمية
المسيطرة إلا الأحزاب الكردية، الذين يزجون بالكرد في خدمة أجنداتهم، وعليه تكثر
الانتقادات والتهجمات عليهم وعلى القيادات.
 حتى أولئك الذين يؤيدون الأحزاب
مقتنعون في داخلهم أن التصوف السياسي لاستراتيجية دون أخرى تقضي على الذات قبل أن
تقضي على العدو، والنتيجة الفشل قبل بلوغ المأرب.
 والحركة الثقافية الواعية
تصرخ منبهة الحركة السياسية لكن الأحزاب لا تود أن تسمع أو تمنع عنها
الاستماع.
  فهل لأنكم تنفذون أجندات القوى الإقليمية، أم أن هذه جبلتكم، ولا
تستطيعون فعل غيره لأنكم تشربتم تلك الثقافة وعلى مر العقود ولا قوة فكرية على وضع
البديل. 
الأغلبية تعي أنكم وراء معظم الصراعات الإعلامية من الفيس بوك إلى
الأقنية التلفزيونية، وأحزابكم مقادون من قوى تجبركم على خلق هذه الصراعات، لأنكم
تستمدون نشاطاتكم من فضلات موائد القوى الإقليمية.
 ونحن نعلم أن كل طرف يحث
مناصريه ومؤيديه على تكثيف الاتهامات، وتخوين الآخر، وقتل كل بادرة وطنية تجمع
الأطراف على كلمة سواء.
 ونحن نعلم أن هذه التكتيكات ستؤدي إلى خلق ثقافة العداء
بين المجتمع الكردي وبروز عداوات من الصعب جدا إزالتها في القادم من الزمن.
ونحن
نعلم أن ما تزرعه الأحزاب الكردية، تدمر الكرد وتقوي العدو، وما يقال عنه نجاح عند
البعض ليس سوى سراب وسيزول قريبا، وتضمر أمال بلوغ الغاية على هذا النهج.
   كفاكم متاجرة بدماء الشهداء، والتضحية بالشباب لمصالح حزبية، وزرع الأحقاد بين
الشعب.
كفاكم تخوين البعض، وتنقية الذات، والتباهي بالقدرات الضحلة أمام
العدو.
كفاكم نبذ البعض، والتقرب من العدو، تحت حجة التكتيك
والاستراتيجيات.
 لا نسمي الأطراف بأسمائها، فالشمس لا تعوزها قصد أو برهان،
فحبائل سلطة بشار الأسد وأطراف من المعارضة، والأعداء المتربصين بالكرد، وطرق
الشرائح المجندة من قبلكم، معروفة. 
 ونتمنى ألا نضطر يوما إلى التسميات وتوجيه
الأصابع، وبسند من الإخوة الكتاب السياسيين الواعيين.
 لقد كثر أعداد المتربصين
والذين يستخدمون الكرد لأجنداتهم. مصير كوباني ينتظر مدن أخرى. أيتها الأحزاب
الكردية في جنوب غربي كردستان، عليكم بالتقارب، وتقليص الخلافات.
 يجب إصدار
أوامر صارمة لتنبيه المؤيدين والمناصرين بالكف عن التهجمات والتخوين، وابتذال
البعض.
    تحتاج الشريحة المسؤولة والغارقة في الصراعات الحزبية، إلى بيانات
واضحة وتوجيهات متتالية، والشعب ينتظر منكم مثل هذه التوجيهات.
 عليكم البحث عن
نقاط الشراكة برغبة دون إملاءات القوى الإقليمية.
 عليكم تشكيل قوة ذاتية، على
الأرض، لفرض الذات على المحاط والقوى الدولية، فالقادم لا يبشر بالخير، وبهذه
الخلافات أنكم أضعف من أن يكون لكم وجود وهيبة.
 عليكم أن لا تطمسوا الحقيقة
المؤسفة التالية: يتفاقم بين الشعب الرهبة منكم ومن صراعاتكم بسوية لا تقل عن بشائع
سلطة بشار الأسد والأشرار المحيطين بالمنطقة.

د. محمود
عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…