محمود برو
قبل البدء بأجراء تحليل سياسي لاجتماع موسكو المزمع عقده في فترة – من الشهر الجاري ، لابد من الاشارة الى عدة نقااط في غاية الاهمية:
النقطة الاولى هي ان روسيا حليفة قوية للنظام وداعمة له من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتجارية.
النقطة الثانية وهي ان روسيا وقفت ضد الثورة السورية منذ انطلاقتها وناصرت حكم الطاغية بشار الاسد من خلال استخدامها حق الفيتو اربعة مرات ضد اي قرار مناهض لحكم بشار او تطبيق اية عقوبة بحقه.
النقطة الثالثة هي ان روسيا لم تعترف حتى اليوم بشكل رسمي بسقوط الالاف من الشهداء على ايدي الآلة العسكرية الاسدية ومرتزقته من يتامى ملالي ايران ومريدي المالكي وحزب الله اللبناني.
النقطة الرابعة هي ان روسيا لم تعترف حتى اليوم وبشكل رسمي بالوجود التاريخي للشعب الكردي على ارضه كردستان، ولم تعترف بعدالة حقه في تقرير مصيره وفقا للمواثيق والاعراف الدولية واسوة بجميع شعوب العالم.
النقطة الخامسة هي ان خارطة الطريق التي يعمل عليها موسكو لا توجد فيها اية اشارة الى حل القضية الكردية في سوريا بموجب دستور جديد للبلاد أو اعتبار الكرد شركاء المستقبل في الوطن السوري في السراء والضراء.
النقطة السادسة هي ان روسيا لم تغير موقفها وخيارها قيد أنملة اتجاه بشار الاسد وحل الازمة السورية، انما عملت وماتزال منذ بداية الثورة وحتى اليوم وبكل جهدها من اجل بقاء النظام البعثي الحليف الاستراتيجي لها في منطقة الشرق الاوسط.
النقطة السابعة هي ان الدلالات السياسية للاجتماع لا تشير نهائيا على شخص الاسد او مصيره أو حتى آلية التعامل المستقبلي معه أو تقديمه الى المحاكم الدولية العادلة لتقرير مصيره وصدور الجزاء العادل بحقه.
من خلال قراءة دقيقة وتحليل واقعي للنقاط اعلاه نصل الى حقيقة مفادها ان الهدف من الاجتماع هو ان يتم جلسات حوارية للوصول الى توافقات بين اجزاء المعارضة للعمل من اجل فتح الحوار مع النظام الدموي. والعودة الى الخانة رقم واحد التي تصب في ديمومة النظام والمزيد من القمع والدمار في سوريا.
اعتقد ان هكذا اجتماع بمقدماتها الغير صحيحة والغير دقيقة لا يمكن ان تؤدي الى نتائج دقيقة ومفيدة . بل انها ستؤدي الى المزيد من التشرذم في صفوف المعارضة عامة.
ان الدعوات الشخصية واهمال قطاعات واسعة ذات قوة جماهيرية لا تستهان بها من مختلف اطياف المجتمع السوري وتحديدا المجتمع الكردي، هي عبارة عن خطة جديدة لتضييع الوقت لصالح النظام وإلهاء المعارضة ووضعها في متاهات جديدة صعبة الخروج تتناغم مع المتاهات البدائية التي باشرت بها روسيا في بداية الثورة السورية من احتضان القوى والهيئات التي رفضت اسقاط النظام و عارضت جميع القرارات الدولية التي صدرت وقتها ضده.
اعتقد ان الشيئ الملفت للنظر هو دقة توقيت الاجتماع المتزامن مع خطة المبعوث الأممي وكذلك تهديد داعش الواضح للمنطقة، وانتقال الأضواء إلى مكافحة الإرهاب وداعش بدلا من إسقاط النظام .
ايضا الملفت للمظر هو أنه حتى قبل عدة أشهر البعض من المدعويين كان يرفض حتى زيارة موسكو واللقاء بالمسؤولين وكانت روسيا متهمة لديهم بلعب دور في سفك الدم السوري من خلال الوقوف إلى جانب النظام السوري . حقيقة ان هذه الازدواجية في الموقف السياسي والعملي لدى بعض الناس، دون ان يحدث اي تغيير جوهري في سياسة موسكو وموقفها من النظام، يعتبر مهزلة اخلاقية اتجاه دماء الشهداء وثورة الحرية والكرامة.
اضف الى ذلك ماورد في جريدة الحياة اللندنية ان الهدف من الاجتماع هو تشكيل حكومة انتقالية ومجلس عسكري بالمناصفة / مع سلطة النظام القائم ودمج المنشقين الى الجيش النظامي لمحاربة داعش إضافة إلى مبادئ دستورية تعترف بـ «المكون الكردي»؟؟!! ولامركزية إدارية. هذا ايضا يؤكد صحة ما ذكرته اعلاه.
اعتقد ان الغالبية العظمى من الكرد يناضلون من اجل تحقيق الفيدرالية في سوريا التي يثبت فية خصوصية الكرد ارضا وشعبا وقضية. بكلمة أخرى ان الكرد غير مستعدين للوقوع في فخ موسكو الذي خان جمهورية كردستان في عام . الكرد مستعدون ان يخرجوا رؤوسهم في التاريخ، لا ان يخرجوا التاريخ من رؤوسهم.
اللعبة السياسية اصبحت واضحة كوضوح الشمس في النهار.
فليعلم كل الخيرين من ابنا جلدتي ، ليس فقط بالنسبة للاجتماع المزمع بل بالنسبة لاي محفل دولي في المستقبل، انه بدون هيئة كردية موحدة ذات قاسم مشترك واضح المعالم والهدف وممثلا لكل الاطياف الكردية في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا، لا يمكن الحصول على اي مكتسب لصالح القضية الكردية ولا يصبح للكورد ثقلهم النوعي والفعال والمؤثر في المعادلة الدولية لتغيير منحى القرار لصالح القضية الكردية العادلة.
وإلا فان الدول العظمى واصحاب القرار ستتعامل مع الكرد مثلهم مثل التاجر المفلس الذي يتهرب منه الناس كون جعبته فاضية.