مبادرة دي مستورا وما يلوح في الأفق

افتتاحية جريدة المساواة *
في الفترة الأخيرة شهدت منطقة الشرق الأوسط تطورات متسارعة وظهرت انقشاعات في العلاقات المتوترة بين العديد من بلدانها وبدت للمراقبين إمكانية فكّ عقد استعصت على الحلّ بعد أن سُدّ أكثر من باب أمامها ويأتي هذا من خلال انطلاق مباحثات الملف النووي الإيراني بين إيران ومجموعة 5+1 بداية من مسقط عاصمة سلطنة عمان الخليجيّة وكان انعقادها هناك ذات مغزى سياسيّ له أهميته إلى فيينا رافقتها تصريحات متفائلة وتزامناً مع ذلك جاءت زيارتان هامتان لرئيس جمهورية العراق ثمّ لرئيس برلمانها إلى السعودية لكسر الجمود الذي شاب العلاقات بين بلديهما, ومعلوم أنّ كليهما يقفان في جانبين مختلفين من الأزمة السورية أعقبتهما مباحثات سعودية روسية أيضاً تناولت العلاقات الثنائيّة والملف السوريّ وذلك بعد استقبال الأخير وفداً من بعض أطياف المعارضة السورية, إضافة إلى ما يلفت النظر من قيام تركيا بمراجعة لسياساتها الأخيرة حيال الأوضاع الساخنة في المنطقة والتي لاقت امتعاضاً حتى من أصدقائها وسُجّلت أكثر من إشارة استفهام حولها وحول دورها في سوريا وعلاقاتها المتباينة مع المعارضة السورية ولامبالاتها من تمدّد داعش على مقربة من حدودها إلى حدّ اتهامها بتسهيل تنقّل الداعشيين عبر حدودها
وكذلك استمرارها تبنّي مواقفها المتشنجة حيال الكرد وحساسيتها المفرطة تجاه القضيّة الكرديّة الأمر الذي يجمع عليه المراقبون من أنّها ستكون الخاسر الأكبر في ما إذا استمرت في سياساتها تلك, وفي هذه الأجواء جاءت مبادرة المبعوث الأممي إلى سوريا ( دي مستورا ) والتي لم تظهر الكثير من تفاصيلها بعد, سوى تجميد القتال بدءاً من حلب وفتح ممرات إنسانية والتمهيد لحوار بين كافة الأطراف على قاعدة جنيف (1 ) وما تلتها, لتبعث شيئاً من الأمل لحلّ سياسيّ ينتظره السوريّون منذ أكثر من سنة وسط استمرار العنف المفرط وازدياد معاناة السوريين وتمدّد المجموعات التكفيرية والإرهابية وعلى رأسها داعش لتبتلع كلّ ما يمت إلى الثورة من قيم نبيلة وتقضم المزيد من المساحات وتقطع أوصال البلاد بشكل مخيف, كلّ ذلك ينبئ للمتتبّع عن ترتيبات تلوح في الأفق ومهما تكن هذه الترتيبات فإنّ ما يجمع عليه كلّ المهتمين هو أن لا حسم عسكرياً في سوريا وأنّ الخيار الأخير هو للحلّ السياسيّ الذي يجب كما أكّدنا عليه مراراً ألا يجعل من الأزمة السورية أرقاماً وصوراً لمأساة إنسانية فحسب,بل تقدّر حجم التضحيات التي قدّمها الشعب السوري لبناء سورية ديمقراطيّة اتحاديّة لا مجال فيها للاستبداد وهضم الحقوق وليس للإرهاب والإرهابيين أيّ حلم في أية بقعة منها.

 

 
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…