ما بين القاهرة وموسكو المعارضة السورية تمنى بأشد الهزائم وأكبرالإنكسارات

اسماعيل حمه
نتائج اجتماعات المعارضة السورية في القاهرة, التي تنصل من التوقيع علي وثيقتها فيما بعد بعض المعارضين,  شكلت نكسة وهزيمة كبرى للمعارضة السورية بكل المعاني, وتفتح عليها أبواب عواصف جديد من التشظي والإنقسام, فلأول مرة تتجاهل الوثيقة التي خرجت بها هذه الإجتماعات وبشكل فاضح الثوابت والمحددات التي وضعتها المعارضة السورية لنفسها خلال السنوات الأربعة الماضية, بدءا من مستقبل النظام ورأس النظام, مرورا بآليات انتقال السلطة التي حددتها وثيقة جنيف1 لاسيما موضوع تشكيل هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات, وصولأ الى القضايا الكبرى الأخرى كالقضية الكردية وغيرها من القضايا التي رغم اهميتها وحيويتها لم تذكر بصورة مباشرة في الوثيقة وانما جاءت الإشارة اليها تلميحا في صيغة عمومية لا تضع على عاتق اصحابها اية التزامات مباشرة ومحددة, لتأتي هذه الوثيقة أقرب الى خطاب تلك الفئة من  ((المعارضة)) التي كانت متهمة بأنها محسوبة على النظام أو من صنعه.
 إجتماعات القاهرة جاءت تحت مبرر لصياغة موقف موحد للمعارضة بكافة اجنحتها وتياراتها تمهيدا لما يسمى باللقاء التشاوري بين النظام والمعارضة في موسكو, ولذلك يمكن فهم ومعرفة ما يجري في موسكو الآن وتصور ملامح مخرجات هذا اللقاء من خلال السقف الذي خرجت به اجتماعات القاهرة حتى قبل الإعلان الرسمي عن نتائج اللقاء, والتي تعني بعبارة مختصرة انهيار سقف المشاريع التي عملت تحتها المعارضة خلال سنوات الماضية من عمر الثورة  وخاصة ما يتعلق منها بتغيير النظام وإسقاط راس النظام, بل وإنهيار كل الأحلام الوردية التي صنعت عن سوريا المستقبل, دولة ديمقراطية تعددية تقطع مع الإستبداد والدكتاتورية وتحفظ حقوق الجميع في الحرية والمساواة.
 من الواضح ثمة صفقة تفاهم اقليمية ودولية محورها القاهرة, الرياض, موسكو, طهران, واشنطن وبعض الدول الاوربية, تحاول اعادة تأهيل النظام وشرعنة عودته الى احضان المجتمع الدولي ولو مؤقتا, للإستفادة من خدماته في مواجهة الإرهاب الذي يستحوذ على كل الإهتمام من لدن المجتمع الدولي ويتصدر في أجنداته كأولوية على ما عداها من القضايا, وهذا ما يمكن فهمه من كلام وزيرة خارجية روسيا الموجه للوفدين المفاوضين والذي يقول فيه (( أن مواجهة الارهاب وهزيمته يتطلب وحدة جهود النظام والمعارضة)), مع العلم المسبق للجميع بأن أية تفاهمات يخرج بها هذا اللقاء لن تكون لها أثر على الأرض, ولن تؤدي الى أي مخرج للأزمة المعقدة والمركبة التي تعاني منها سوريا, لأن أية معالجة أومكافحة جدية للارهاب ومواجهته يتطلب معالجة الأسباب الكامنة وراء ظهوره وانتعاشه.
ولكن يبدو, لا نيات جدية متوفرة في حل الازمة السورية في المدى المنظور وفق التصورات الوردية التي رسمتها المعارضة لسوريا المستقبل, وأن المشاريع التي تعمل عليها الدولة الكبرى وخاصة الولايات المتحدة والغرب في سوريا والمنطقة, في ظل تنامي ظاهرة الارهاب وفرضها لحالة التقسيم وتشكيلها لحدود وكيانات جديدة, باتت تتجاوز قضية الصراع بين النظام والمعارضة الى ما هو أبعد من ذلك بكثير  له علاقة بإعادة تتشكيل دول المنطقة وجغرافيتها وفق اسس جديدة  قد نشهد فيها اختفاء لدول وظهور دول جديدة على انقاضها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…