سجالات عقيمة على هامش الثورة

صلاح بدرالدين

 يجب الاعتراف بقدرة وتفوق
الطارئين على العمل الوطني والمتسللين الى صفوف المعارضلت وراكبي موجة الثورة
المتمتعين بامتلاك الأموال والعلاقات العامة والارتباطات غير المرئية بأنظمة
إقليمية وأوساط دولية وبتشجيع من بعض مراكز الاعلام الرسمية المحسوبة على الأنظمة
والحكومات القائمة المعنية بالقضية السورية وخلال أعوام أربعة من عمرها واضافة الى
مواقعهم في حركة الثورة المضادة  على اثارة المسائل الثانوية على حساب القضايا
المصيرية وجر الكثيرمن المثقفين والناشطين من أصحاب الأقلام الجادة الملتزمة بأهداف
الثورة الى الانشغال بأتفه الأمور الجانبية على حساب قضايا استراتيجية مصيرية
وتوجيه أنظار السوريين الى معاركهم الجانبية على حساب المعركة الوطنية الرئيسية . 
 يصر هؤلاء جميعا ورغم خلافاتهم حول المواقع والنفوذ والأدوار على المضي في ايهام
السوريين بأنهم وبمسمياتهم المختلفة وكتلهم وأحزابهم وزعاماتهم ( المعارضة
والمتعارضة ) وأطيافهم المتلونة أنهم هم الثورة وهم من يقررون المصير ببلاغاتهم
وبياناتهم ومؤتمراتهم الصحافية أما الثوار والمناضلون الوطنييون والحراك الثوري
العام ومئات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والمخطوفين الذين كانوا ومازالوا عماد
الثورة وقلبها  ووجهها وصورتها فماهم الا أرقام أما الأهداف العظيمة التي يحملها
الثواروالصراع التاريخي  مع نظام الاستبداد فتبقى بالدرجة الأخيرة أمام معارك تصفية
الحسابات بين أمراء الطوائف وورثة الأموال المنهوبة وفرسان فضائيات النظام الاقليمي
الرسمي .
 مارأيناه وماسمعناه في الأسبوعين الأخيرين بخصوص وصول السيد لؤي حسين
رئيس – تيار بناء الدولة – وصحبه الى تركيا وظهوره في مؤتمر صحافي مع رئيس الائتلاف
السيد خالد خوجة وما خلف من هرج ولغط وسجالات وماقيل من روايات واتهامات متبادلة
ليس الا فصلا جديدا من المشهد العام لوظيفة تلك الجماعات المشار اليها آنفا وتحركها
على هامش الثورة وليس في داخلها .
 الائتلاف ( بمؤسساته ورئيسه ) ليس مفوضا باسم
الشعب وليس منتخبا ولامخولا من الثوار حتى يضفي صفة الوطنية والثورية على الآخرين
والمحتفى به لايعدو كونه ممثلا لمجموعة صغيرة تدعي المعارضة مثل غيره من ممثلي
الجماعات الحزبية والكتل والفئات التي تشكل أطياف المعارضات ظهر الأول نتيجة عوامل
جغرافية إقليمية و- اخوانية – والثاني قيد التأسيس كمحصلة صراع موازين قوى داخل
الفئة الحاكمة بلمسات واضحة من قائد فيلق القدس الإيراني الحاكم الفعلي بدمشق
والمشرف على إدارة القامشلي ومعابرها الحدودية .
 السجال العقيم الذي لم يتوقف
بعد بهذا الخصوص وبكل مفرداته الطائفية البغيضة لايعبر من قريب أو بعيد عن خطاب
الثورة الحقيقية وليس الثورة المضادة بركاب موجتها من الدواعش والنصرة ومن يلف
لفهما فلايجوز بأي حال من الأحوال ( وهذا ليس دفاعا عن حسين وصحبه ) تقييم الفرد
السوري على ضوء دينه ومذهبه وقومه بل على موقفه السياسي ومن منطلق واضح وحاسم أن
صراعنا مع نظام سياسي مستبد دموي له قاعدته الاقتصادية والاجتماعية وأذرعه الأمنية
والعسكرية والحزبية يحاول استغلال القومية العربية وحزب البعث والدين الإسلامي
والمذهب بمافيهم مواطنونا من أتباع المذهب العلوي لترسيخ وجوده الفئوي العائلي
المافيوي .
  ومن هنا نقول أن النقاش حول الموضوع المثار قد خرج من اطاره الوطني
السليم ولم يعد يتعلق بالقضية السورية والثورة كما نفهمها فليس هناك مايشغل بال
السوريين عن قضيتهم المركزية وهي تحقيق أهداف الثورة باسقاط نظام الاستبداد واجراء
التغيير الديموقراطي وصولا الى سوريا تعددية جديدة ولن يتم ذلك الا بتضافر الجهود
من كل المكونات الوطنية عبر مؤتمر وطني عام عماده قوى الثورة والتجديد ينبثق عنه
مجلس سياسي – عسكري مشترك وبرنامج مرحلي انقاذي . 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…