بيوار إبراهيم
صباح الخير يا أخي و يا صديقي, بالأمس رأيتك ممدداً بثوب أبيض رغم عتمة المساء في قريتك. كدت أرى إبتسامتك مطبوعة من وراء ثوبك الناصع. كدت أسألك لم أنت ممدد هكذا يا أخي؟ ٌقم كي أشاطرك الحديث و نحن نحتسي قهوة ألم هذه الأرض في فناجين الأسى. شيء ما نبهني أن العتمة التي خيمت على سماء قرية تل إيلون من وهم و سديم لأن نور شمس العلم الكوردي مازال مضيئا يرفرف فوق قامتك كي لا تبقى في الظلمة. لم يكن هناك عويل أو صراخ لم يكن هناك سوى الهسيس من أنفاس مندهشة بين رحيلك الصامت و صدى روحك الذي سكن الأمكنة عبر قلمك الذي لا زال يصرخ في وجه الشر و في وجه الكذب و في وجه كل شيء يرتدي أثواباً مزيفة في هذا الوقت الذي لا يبعث فيه بالسكينة أو الطمأنينة.
كأن الأرض ترفض البكاء و تحاكي السماء ألا تمطر كي لا تمحي آثار الصامدين و الصامتين في الحياة. القهوة تبتسم بحزن و أسى بين شفاه الصباح لأن الموت بات يأخذ لنفسه كل ما هو عزيز على قلب الحياة. في خبر مرضك أخبرتك, إياك أن تموت لأن المرحلة بحاجة لرجال أنقياء و صادقين! ضحكت ملئ قلبك و قلت, الموت يخاف من أصحاب الأقلام لأن القلم هو قابض روح الموت و واهب للحياة. طلبت منك المعذرة, لأن حاملي القلم باتوا مثل الريح لكن القليل منهم و أنت أحدهم يستطيعون جمع الغيوم و غدق الحقول العطشى للمطر.
حكاياتك المعطرة بصباحات منكهة برائحة القهوة و كلمة الصدق, جعلت من زاويتك المنعزلة شرفة تطل على قحط قلوب كثيرة آثرت الظمأ على إرتواء ندى التقبل و عصيان الإنكسار. ستذكر أنك حكيت لي الكثير… الكثير و انت ترتشف الضحك تارة و الحزن تارة أخرى من حافات الأيام. لم تستغ حديث الألسنة التي تلوك قصة ( أقتلوا الذي قتل الكلب في عرف العرب و قتل الديك في عرفنا) لأنك تعثرت في قصة أخرى لاكها أو بالأحرى شرعها علي شريعتي في شريعته الخاصة حتى باتت عامة على الأقل هناك في بلادهم و هي كالآتي:
(قلت لصديقي :
لماذا لا يصيح ديككم ؟
قال : اشتكى منه الجيران لأنه يوقظهم ، فذبحناه
هنا فهمت أن كل من يوقظ الناس من سباتهم على امتداد التاريخ هناك من يريد قطع رأسه.
في حياتنا يتداول الناس اسم الدجاج ولا أحد يذكر الديك ، يفكر بمن يملأ بطنه ولا يفكر بمن يوقظ عقله وفكره(.
لن أخفيك سراً يا أخي و صديقي, حتى لا تظن أنني اغتابك و كيف أغتابك حاضراً كنت أم غائباً و مثلك لا يغيب. حدثتني نفسي عن تعلقك بقرية داهمها جدار الفصل على الحدود؟ قرية فضلتها على الدنيا و كانت حصنك الأخير. حاولت معرفة أغوار قريتك من الموتى لأنني أخاف كلام الأحياء… صعدت التل حتى تعلق بخطاي وخزات تشبه الإبر ظننت أن شيء ما لدغني فتحت ضوء الفضول فإذا بأشواك يابسة تعلقت بي و كأنها ترغب مرافقتي لأنها سئمت السكن في القبور و ترغب معرفة أحوال الأحياء كما فضولي في معرفة أحوال الأموات.
حاولت كثيراً رؤية ما رأيته في كل عمرك هناك و آثرت البقاء فيها حتى الرمس الأخير, أعذرني يا صاحب الخربشات السياسية أنني فقدت الرؤيا بين الظلام و السديم حتى أجبراني على إغلاق نوافذ فضولي لمعرفة تراب زرعت رجالاً و حصدت جبال.
هنا سأغلق شرفة الكلام يا أخي و يا صديقي, كي لا نزعج الموتي و نثير سخط الأحياء, هنا سنرتشف معك القليل من رشفات قهوتك الصباحية التي رسمت البسمة على شفاه كل قارئ لها مهما كانت غليظة و مهما كانت حزينة:
لا أحد يدوم لذلك تعوًدوا على أن لا تتعوًدوا على أحد
نبحث في الشتاء عن الدفء ربما نجده في المعاطف والقبعات..!! لكن الدفء الأكبر في القلوب دفء القلـب لا يأتـي بــلمسة يـد إنمـا بــلمسـة روح
نسافر إلى خيالنا بتذاكر مجانيه
ولكننا ندفع ثمنها عند الرجوع لواقعنا المزري و الأليم
لولا الرياح
لبقيت الأوراق الصفراء
بجانب الخضراء …تدّعي الجمال والثبات
القراءة في مجتمعنا تحولك من جاهل لا يفهم شيئاً
إلى مثقف لا يستطيع أن يفعل شيء.!؟
إذا أردت أن تنجح في الحياة
اربط حياتك بأهداف وليس بأشخاص
علينا أن نتجمل بأرواحنا قبل أشكالنا لأن جمال الورد لا يكتمل دون عطره
نحتاجُ أن نُخطِىء أحيانا ليسقط الذين لا يتمسكون بنا جيدا.
19-12-2019