محمود برو
في الآونة الأخيرة زاد الحديث عن الحوار مع السلطة في دمشق وكثرت التحليلات والانتقادات في آن واحد بين مؤيد ومعارض لذلك، منهم من يقول وباصرار انه لا حل لقضيتنا دون الذهاب إلى دمشق، هؤلاء يصدقون من كل عقولهم انهم سيجتمعون مع قيادة قادرة على إقرار حقوقهم وتثبيتها في الدستور، يتناسون ان الهدف الأول والأخير لسلطة البعث العنصرية هو صهر وإلغاء جميع المكونات السورية في بوتقة القومية العربية التى خطط لها مهندس الشوفينيةالعربية القومجي ميشيل عفلق والمروج الدعائي محمد طلب الهلال الذي صب جام حقده وغضبه ضد شعبنا عبرمخططه العنصري ضده وإنكار وجوده التاريخي على ارضه كردستان.
اصحاب هذا الراي كان لهم مواقف هزيلة ومتخاذلة اتجاه السلطة منذ الثمانينات حيث كانو يقفون دائما ضد المواقف الوطنية والقومية لطليعة العمل الثورية في الحركة الكردية وكانوا ضد حتى استخدام مصطلح الشعب الكردي في سوريا، ناهيكم عن جعجعتهم ونضالهم المستميت ضد مبدأ حق تقرير المصير للشعب الكردي واعتباره شعارا براقا وخياليا غير قابل للتحقيق بل وانها بمثابة قفزة في الهواء.
هؤلاء كانو ضد حتى احياء عيد نوروز العيد القومي والوطني للشعب الكردي، في وقت كان العشرات من الشباب وبنات الكرد المخلصين يصيبون بجروح بطلقات النظام البعثي الأسدي الغاصب لكردستان حيث قدموا شهيدا عظيما،اسمه سليمان محمد أمين آدي في سبيل احياء ذلك اليوم المقدس.
اعتقد ان من شب على شئ شاب عليه، فهذا المبدأ مازال ينطبق حرفيا على هكذا فئات انتهازية وتقليدية.
نعم ان جميع المشاكل يتم حلها عن طريق الحوار، لكن اي حوار ومع من وما هي مستلزماتها ؟؟
اولا: جميعنا يعلم بأن سلطة بشار قد فقد شرعيته الإخلاقية والانسانية والقانونية لدى إطلاقه اول طلقة في صدر المواطنين العزل الذين نادوا من اجل الحرية والكرامة وبطرق سلمية.
ثانيا: ان هذه السلطة ليست على قوتها الكافية لتتمكن من إصدار القرارات وتطبيقها على أرض الواقع.
ثالثا: ان سوريا اجمالا يتم إدارتها عبر ريموت كونترول من قبل الدول العظمى كلا من روسيا وأمريكاوبالتنسيق مع الدول الغاضبة لكردستان
لاسيما تركيا وإيران.
رابعا: ان الحركة السياسية الكردية لايوجد بينها حد أدنى من التفاهم
للعمل السياسي المشترك، ناهيكم عن الهدف الاستراتيجي والبرنامج السياسي.
اعتقد ان فتح حوار مباشر مع دمشق هي بمثابة شرعنة سلطة القمع التي قتلت مئات الآلاف من الأبرياء وهجرت الملايين من بيوتها ودمرت اكثر من خمس وثلاثون بالمئة من المباني في سوريا وحرق الاخضر واليابس كما دمر البنية التحتية لسورياوساهمت في خلق بيئة فساد قاتلة وحطم العلم وشجع الجهل كما ساهمت في عسكرة المجتمع وسد الطريق أمام تطوير المجتمع المدني عموما.
ان فتح الحوار المباشر مع دمشق هي بمثابة الاستهتار بالهدف النبيل الذي نادى به الشعب السوري، الا وهي الحرية والكرامة
.
اعتقد ان الحل الأمثل هو وقف سفك الدماء اولا والانتقال إلى حل سياسي وإعلان المنطقة الكردية منطقة آمنة تحت إشراف الامم المتحدة، لكن هناك أولويات لابد منها قبل التفكير بذلك الحوار
الا وهي:
١-اعادة بناء البيت الكردي وتشكيل لجنة كردية موحدة تضم جميع أطياف الحركة التحررية الكردية.
٢- العمل الجاد على استقلالية القرار السياسي وبناء مرجعية كردية خاصة بالجزء الكردستاني الملحق بسوريا مهمتها قيادة الحراك السياسي وذلك من خلال مؤتمر قومي كردستاني، وبناءعلاقات اخوية كردستانية على اساس الاحترام المتبادل والمصير المشترك
٣- تشكيل جيش وطني كردستاني موحد مهمته الدفاع عن الشعب الكردي في الجزء الكردستاني الملحق بسورياوحقه في تقرير مصيره ودون رقيب.
واخيرا يجب ان لا ننسى بأن جميع الشروط اللازمة للحوار غير متوفرةحاليا حيث ان
نظام بشار لا يعترف بالمعارضة ولابالكرد ولا بقضيتهم القومية ولا بجغرافيتهم الكردستانية فكيف لنا ان نطبل ونزمر وندعو الى الحوار.
الكرد ينتظرون استحقاقات وانجازات في المسار القومي و الديمقراطي لذلك يجب ان لا يكونوا من دعاة المساومة على المصير،حيث الآلاف من الشهداء رووا بدمائهم ارض كردستان في سبيل الحرية والكرامة وتقرير المصير، ليس في سبيل التنازل عن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي على ارضه التاريخية كردستان، ليس في سبيل العودة إلى المربع الأول وتسليم مستقبل قضيتنا الى دكتاتور لا يفقه سوى لغة الحديد والنار. فكيف لنا ان نطلب منه الحوار؟؟
اذا كان بعضهم يعتقدون بان يوم القيامة قائمة على شعبنا وانه لابد من حوار مع دمشق فاعتقد انه يجب أن يكون ذلك الحوار بشكل غير مباشر وتحت اشراف الامم المتحدةمع دوامة الاصرار والنضال من أجل الهدف النبيل في الحرية والكرامة ونبذ العنف وإزالة الاضطهاد عن كاهل شعبنا
لينعم بالأمن والاستقرار والحرية على ارضه التاريخية كردستان.
ريكلينغهاوزن ٩/٧/٢٠١٩