في «اوهام وحدة الصف الكردي»

اكرم حسين
يدعي البعض بان الحركة الكردية السورية ومنذ تأسيسها ،لم تستطع ان «تؤسس »لخطاب كردي سوري بعيداً عن الاجندات الكردستانية ، ولم تمارس في نضالها سوى التحشيد لشعارات «تعبوية» وبيانات «تحريضية» ، ساهمت في «احداث الشرخ» الحاصل اصلا في المجتمع السوري نتيجة «انسداد السياسات »، والغبن والاستبداد ، وبالتحديد مشاريع الالغاء والتعريب والاقصاء بحق الشعب الكردي ، لابل لم تستطع الحركة الكردية السورية التأسيس لخطاب نظري «يقر» بوجود شعب كردي «يعيش» على ارضه التاريخية ،وبالتالي له الحق كباقي شعوب الارض في تقرير مصيره بالشكل الذي يرتئيه بما في ذلك «الانفصال» عن الدولة السورية التي صادرت هذا الحق بالقمع والاعتقال ، وهو حق «اقرته» كافة العهود والمواثيق الدولية …!
فالحزب الكردي الاول ،والذي تأسس عام 1957 طرح شعار تحرير وتوحيد كردستان باعتبارها «محتلة» من قبل كل من سوريا وتركيا والعراق وايران ، وقد كان هذا الشعار «سبباً» في حدوث الانشقاق الاول بعد اعتقال قادة الحزب ،و«تنصل» البعض الاخر من تبني هذا الشعار والنضال في سبيله ، وكان هذا التاريخ حدا فاصلاً بين المؤسسين اوصمان صبري ونور الدين ظاظا  ، ثم كان الخلاف حول ما اذا كان الكرد في سوريا شعب ام اقلية قومية ، مما ادى لاحقاً الى ظهور «تيارين» في الحركة الكردية اصطلح على تسميتهما ..باليمين واليسار الى ان  جاء المؤتمر الوطني الكردي في ناوبردان عام 1970 بدعم ورعاية من البارزاني الخالد  بغية توحيد صفوف الكرد في حزب واحد ، الا ان التجربة لم يكتب لها النجاح بسبب عدم جدية الاطراف الداخلة في عملية الوحدة ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الان «ازدادت الانقسامات» في الاحزاب الكردية لأسباب ذاتية وموضوعية ،وبسبب «طبيعة» النظام السوري الاستبدادية و«العقلية الامنية» التي تعامل بها مع هذه الاحزاب من خلال اتباع سياسة «الانكار» و«طمس الهوية القومية» ،والعمل على اضعافها بتقسيمها وشرذمتها الى مجموعات «عديمة التأثير» على صعيد الفعل الميداني .
وبعد عام 2011 عملت الاحزاب الكردية تحت صيغة «احزاب الحركة الوطنية الكردية الا انها تعرضت هي الاخرى الى الانقسام ،فقد اسس حزب الاتحاد الديمقراطي مجلس غرب كردستان بينما اسست الاحزاب الاخرى المجلس الوطني الكردي في 26-10-2011 ، تبنت من خلاله شعار حق تقرير المصير للشعب الكردي الى جانب دعمها للثورة السورية ،ومطالبتها ان تكون سورية القادمة دولة اتحادية علمانية تقر وتعترف في دستورها  بالشعب الكردي وحقوقه القومية  …!
واليوم تزداد المطالبات بتوحيد صفوف الكرد سواء من قبل الكرد انفسهم او من خلال التحالف الدولي الذي يحاول ان يقوم بدور الوسيط ،وخاصة الفرنسيون الذين قدموا مبادرة بهذا الشأن بعد ان فشلت اتفاقيات هولير ودهوك والتي وقعت برعاية واشراف من الرئيس مسعود بارزاني  بسبب عقلية «الهيمنة» و«الاستفراد» وعدم «قبول» المختلف  !
تتطلب الصراحة والوضوح  مع انفسنا اولاً، ومع الاخرين ثانياً : ان نقول الحقائق كما هي حتى وان كانت مرة ومؤلمة بان  وحدة الموقف الكردي لن تتحقق في روجافي كردستان – مع ضرورتها – رغم كل المبادرات التي تجري ، واخيرا المبادرة الفرنسية – فرنسا التي لها ثقلها النوعي وتأثيرها كدولة عظمى لها حق الفيتو في مجلس الامن الدولي – لان «الذهنية» التي تحكم الطرفين تؤكد هذا القول ، فالإدارة الذاتية «تنظر» الى الواقع في روجافي كردستان بما فيها وعليها «كملكية» خاصة  لها «الحق » بإدارتها وادارة مواردها ، والاستفادة من خيراتها لأنها «دافعت» وحاربت وقدمت المال والشهداء – بينما كان الطرف الاخر «جالس » في احضان المعارضة وتركيا –وعليهم «ابتلاع» الهزيمة – فاحسن ما يمكن ان «تقبل» به هو ان «ينضم» المجلس الوطني الكردي الى هذه الادارة او ان «يمارس»  دور المعارضة الايجابية – رغم ان الامور قد لا تسير في الاتجاه الذي تتمناه- صحيح ان القوى التي تقف خلف الادارة الذاتية قد حققت انتصاراً عسكرياً ملحوظاً على الارهاب ، لكنها لم تستطع ان تحقق المطلوب على الصعيد المدني والخدمي ، مع «ازدياد» حجم الخدمات و«تقلص» فرص العمل وواقع «الحصار» الذي تعيشه بسبب عدم الوضع «القانوني» للإدارة ، وهو ما يتطلب «تهدئة» الامور والعمل على «مشاركة» جميع المكونات وعدم «تأليبها» ، وخاصة «تهدئة» المكون الكردي ،  في حين ان المجلس الوطني الكردي ينظر الى نفسه من خلال «البياض» وعدم مشاركته «بقتل» الكرد والفساد .لا «يعترف »هو الاخر بالإدارة القائمة لا بل ينظر اليها من خلال لا «شرعيتها» ولا «كرديتها» وهو «مطمئن» من مشاركته في سوريا المستقبل من خلال تواجده في الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية كمكون مستقل ، وبالتالي البون «شاسع» بين الطرفين ، لذلك اعتقد ان «افضل» حل لما نحن فيه هو ان «تنظر» هذه الادارة الى معارضيها نظرة «احترام» وتسمح لهم بممارسة العمل السياسي والاعلامي دون ان تتعرض لهم او تعتقلهم ، اما الطرف الاخر فيمكن له ان لا «ينازع» هذه الادارة «العداء» ويمارس عمله السياسي في اطر المعارضة في الخارج الى حين انجاز الحل السياسي في سوريا. !

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…