واقع الحركة السياسية الكردية.. والمطلوب؟

محمود برو
ان التناحر والصراعات والسياسات التفردية وسياسة اللامبالاة والانشطارات الحزبية الهائلة في صفوف الحركة السياسية في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا وعدم فرز الاعداء الغاصبين من الاصدقاء، كل ذلك أدت إلى خلط الحابل بالنابل وتشابك وتعقيد الامور ببعضها البعض وصعوبة توجيه البوصلة السياسية، مما أصبحت صعبا لعامة الشعب ايضا ان يحدد تقرير مصيره السياسي.
السبب الرئيسي هو عدم دراية او القفز فوق حقيقة أن العمل السياسي يحتاج الى مسارين متوازيين، هما الخبرة العملية، والتحصيل النظري، بمعنى كل سياسي يشترك في اتخاذ القرار وما شابه من شؤون السياسة، ينبغي أن يكون صاحب خبرة في العمل السياسي اضافة الى العلم السياسي الذي ينبغي أن يدرسه بجدية ، الرجل المناسب في المكان المناسب.
حيث لا يصح العمل في السياسة لمن لا يمتلك الخبرة، ولم يقرأ في حياته كتابا أو بحثا في السياسة، ولا يعرف شيئا عن تاريخ شعبه وعن التجارب السياسية والمدارس والنظريات التي تخصصت في هذا الجانب، فالسياسة شأنها شأن العلوم الأخرى، لكي تكون بارعا فيها، ينبغي أنتكون عارفا بها ومطلعا عليها، فكريا وعمليا، خلاف ذلك يكون العامل في السياسة جاهلا بها، وهذا الجهل يتحول الى قرارات خاطئة مهددة لمصير الشعب والامة.
قد يدخل أشخاص الى عالم السياسة وهم يجهلونها، وقد يرتقي بعضهم  الى مراكز قيادية كبيرة وحساسة دون ان يعرف من السياسة ألف بائها. ان ذلك يحدث عندما تكون الفئة المسيطرة والقيادية في الحركة أو المنظمة السياسية هي وسيلة وعامل مساعد لهم  كونهم سوف يغردون في سربهم ويصبحون مطيعين لأوامرهم مقابل بعض الامتيازات الرخيصة.
وحركتنا السياسية في المرحلة الحالية هي خير دليل على ذلك.
 لهذه الطريقة يتم صنع قيادات جاهلة بأمور السياسة، لذلك فإن النتيجة هي من السيئ الى الأسوأ،
حيث ان هكذا شريحة تصل الى مركز اتخاذ القرار السياسي عن طريق الجاه أو القوة او عملية الخال والخوارزي من دون معرفة عملية وخبرة نظرية.
لذلك اعتقد انه ينبغي وضع ضوابط واضحة لقيادة العمل السياسي لمن يرغب تولي ذلك المهمة في حركتنا السياسية.
اننا في حركتنا السياسية الكردية مازلنا نعاني من ديمقراطية “الموضة” والتي يتقنها شريحة الانتهازيين واللامبالين لمصير الشعب. هؤلاء يعملون ليل نهار فقط من أجل جمع رقم ٥١ الذي يغلب على ٤٩  بطريقة شراء الذمم وتأمين الاصوات ورفض المبدئية وقمع الكفاءات وابعاد الشرفاء والكوادر الفاعلة وتعويضهم بشخصيات هزيلة غير مقبولة حتى في الوسط الاجتماعي والذين لا يستطيعون حتى ادارة عائلتهم التي لا تتجاوز عددها عدد اصابع اليد الواحدة.
حقيقة نحن نعيش في أزمة سياسية خانقة في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا، مما يتوجب علينا اخذ الحيطة والحذر والقيام بإجراءات اسعافية على صعيد التنظيم والقيادة في الحركة السياسية.
   على القيادة السياسية  الكردية عموما ان يمتلك الحنكة السياسية والحكمة والتعامل مع عناصر الأزمة، أسبابها، نتائجها، أخطارها المباشرة والجانبية، بطريقة تنم عن التخصص والقدرة على النجاح في العمل السياسي وحل الأزمات بطرق سليمة. وهذا ما نفتقده في حركتنا السياسية.
ايضا الاستفادة من الأخطاء الماضية
القاتلة التي خلقت المآسي والقتل الجماعي والهجرة المليونية والاحتلال المزدوج للأرض الكردستانية والمزيد من سياسات القمع والتنكيل والتغيير الديموغرافي لاسيما في منطقة جياي كرمينج.
ايضا على القيادة السياسية الاهتمام الكافي ببيشمركة روج كاهتمامهم لعيونهم وجسدهم وعدم إهمال الجرحى ومتابعة وضعهم بدقة كونهم سر بقائنا ووجودنا وحماة شرفنا وكرامتها.  
ايضا الإستفادة من الطاقات العلمية الهائلة لشعبنا المتوفرة بكثرة بين شريحة الطلبة والشباب والمرأة الكردية والخبراء المختصين في علوم الإجتماع و الإقتصاد والسياسة والقانون الدولي والإدارة والاعلام وفتح المجال لهم لقيادة المرحلة وبعقول نيرة وكبيرة وبروح ثورية لا تقبل المساومة والخنوع جنبا إلى جنب مع بعض الغيورين في القيادة الحالية .
 وإلا فان الثورة الاجتماعية قادمة  
والندم لاينفع.
فريدريكستاد ٢٣/٧/٢٠١٩

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…

فرحان كلش   قد تبدو احتمالية إعادة الحياة إلى هذا الممر السياسي – العسكري ضرباً من الخيال، ولكن ماذا نقول عن الابقاء على النبض في هذا الممر من خلال ترك العُقَد حية فيه، كجزء من فلسفة التدمير الجزئي الذي تتبعه اسرائيل وكذلك أميركا في مجمل صراعاتهما، فهي تُسقط أنظمة مثلاً وتُبقى على فكرة اللاحل منتعشة، لتأمين عناصر النهب والتأسيس لعوامل…

شفيق جانكير في زمن تتزاحم فيه الأصوات وتتلاشى المعايير، يبقى صوت الأستاذ إبراهيم اليوسف علامة فارقة في المشهد الثقافي والإعلامي الكردي، لا لبلاغة لغته فحسب، بل لما تحمله كلماته من وفاء نادر وموقف مبدئي لا يهادن. في يوم الصحافة الكردية، حين تمضي الكلمات عادة إلى الاحتفاء العابر، وقفت، عزيزي الاستاذ إبراهيم اليوسف، عند موقع متواضع في شكله، كبير بما يحمله…