قرابة 3 آلاف شخص لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات سوريا الديمقراطية

بيان صحفي:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن قرابة 3 آلاف شخص لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات سوريا الديمقراطية التي باتت تُضيِّق على منظمات المجتمع المدني عبر ممارسات قمعية تشبه ممارسات التنظيمات المتطرفة. 
وذكر التقرير الذي جاء في تسع صفحات أن قوات سوريا الديمقراطية تقوم بمحاولة تشريع جميع عمليات القمع والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والخطف بهدف التَّجنيد الإجباري وغير ذلك من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها تحت ذريعة محاربة الإرهاب والإرهابيين، وهذا التكتيك بحسب التقرير يُشبه إلى حد بعيد ما قام به النظام السوري الذي اعتبر كل من يعارض سياسته ويطالب بتغيير حكم العائلة الحاكمة والحكومة التي عينها النظام السوري، بأنه إرهابي يجب اعتقاله وإخفاء صوته وجعله عبرة لبقية أفراد المجتمع.
وطبقاً للتقرير فإن المنهج الذي اتبعته قوات سوريا الديمقراطية في عمليات الاعتقال يُشبه إلى حد كبير ما يقوم به النظام السوري، حيث لا تتم عمليات الاعتقال من قبل أشخاص مفوضين قانونياً، ولا تتم بمذكرة اعتقال، ولا يعلم الشخص المعتقل الجهة التي تقوم بعملية الاعتقال أوسببه أو وجهة اعتقاله، ولا يتاح لأغلب المعتقلين الدفاع عن أنفسهم، ويحرم المعتقل من الاتصال بالعالم الخارجي ولا يعلم أهله عن مصيره شيئاً.
 
وأكَّد التقرير أن القانون الدولي حظر استخدام الإخفاء القسري تحت أي ظرف من الظروف ولا يجوز التَّذرع بالحالات الطارئة كالنزاعات والحروب لممارسته، وتعدَّدت المواثيق والأعراف الدولية التي تطرقت إلى جريمة الاختفاء القسري كنظام روما الأساسي، الذي وصفت المادة السابعة منه الإخفاء القسري بالجريمة ضدَّ الإنسانية إذا ما ارتكب في إطار هجوم واسع أو سياسة عامة، وأكدت ذلك أيضاً المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ونصَّت المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو لأي ضرب من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو اللاإنسانية، والمادة 14 من العهد ذاته على تجريم إكراه أي شخص على الاعتراف ضد نفسه أو الاعتراف بجرم لم يرتكبه، وينتهك الإخفاء القسري مجموعة من الحقوق الأخرى كحق الفرد في الاعتراف بشخصيته القانونية وفي الحرية والأمن على شخصه، والحصول على ضمانات قضائية ومحاكمة عادلة، وكذلك حق أسر الضحايا في معرفة حقيقة مصير المختفي وظروف الاختفاء، وأخيراً وبحسب التقرير فإن الاختفاء القسري ينتهك حقوقاً أساسية كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
 
وفقاً للتقرير فإن فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثَّق منذ بدايات سيطرة قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على بعض المناطق السورية في تموز/ 2012 حتى أيلول/ 2019 ما لا يقل عن 2907 أشخاص بينهم 631 طفلاً و172 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي لدى قوات سوريا الديمقراطية التي ورثَت ما كان موجوداً لدى قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، وقد تحوَّل ما لا يقل عن 1877 شخصاً منهم، بينهم 52 طفلاً و78 سيدة إلى مختفين قسرياً.
 
وفي هذا السياق أشار التقرير إلى أن قوات سوريا الديمقراطية نفذَّت منذ مطلع آب المنصرم 2019 عمليات اعتقال استهدفت مؤسِّسين وعاملين في منظمات محلية إنسانية مستقلة في محافظة الرقة، وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد عملت على نشر وإشاعة أنباء في صفوف المجتمع المحلي بارتباط هذه المنظمات بتنظيم داعش وبالإرهاب والإرهابيين؛ ذلك تمهيداً لاعتقالهم وإخفائهم.
 
وأكد التقرير أنه حتى لحظة إصداره لم يصدر أي بيان رسمي عن قوات سوريا الديمقراطية أو الجهات القضائية والإدارية في مدينة الرقة حول عمليات الاعتقال هذه، واعتبر التقرير أن هذه سابقة خطيرة توحي بفكر قريب مما قامت به التنظميات المتطرفة في شمال غرب سوريا من قمع وتضييق وإرهاب لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مناطق سيطرتها؛ بهدف إخضاعها لهيمنتها وابتزازها، وجعلها عبرة لغيرها فلا يتجرأ أحد على بناء منظمات مجتمع مدني من أجل تركيز كل مصادر التمويل والدعم في يد قوات سوريا الديمقراطية المسيطرة، التي لم تفلح حتى الآن في تحقيق إنجازات ملموسة على مختلف الأصعدة المدنية.
 
استعرض التقرير تفاصيل حوادث اعتقال نفذتها قوات سوريا الديمقراطية بحق ستة عاملين في منظمات إنسانية في محافظة الرقة، أفرج لاحقاً عن أربعة منهم، واستند على روايات عدد من العاملين في المنظمات المحلية والأهلية في محافظة الرقة وشهود عيان على حوادث عمليات الدهم والاعتقال وأورد التقرير ثلاث روايات.
 
واعتبر التقرير أنَّ قوات سوريا الديمقراطية قد انتهكت القانون الدولي لحقوق الإنسان عبر جريمة الإخفاء القسري، وقال إن الإخفاء القسري محظور بموجب القانون الدولي الإنساني العرفي فبحسب القاعدة 98 فإن الاختفاء القسري محظور في النِّزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وتنصُّ القاعدة 117 منه على أنه “يتخذ كل طرف في النزاع الإجراءات المستطاعة للإفادة عن الأشخاص الذين يبلغ عن فقدهم نتيجة لنزاع مسلح، ويزود أفراد عائلاتهم بأية معلومات لديه عن مصيرهم”. وأيضاً بموجب القانون الجنائي الدولي، فبحسب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تُشكِّل الممارسة المنهجية للإخفاء القسري جريمة ضدَّ الإنسانية (المادة 7-1.ط).
وطبقاً للتقرير فقد انتهكت قوات سوريا الديمقراطية بشكل صارخ عدداً كبيراً من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، مثل المبادئ: 1/2/3/4/6/9/11/12/15/17.
 
طالب التقرير الدول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية بالضغط عليها من أجل إيقاف عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها، ودعم مسار عملية ترسيخ إدارة محلية حقيقية في مناطق شمال شرق سوريا يشارك فيها جميع سكان المنطقة دون تمييز على أساس العرق والقومية ودون تدخل سلطات الأمر الواقع؛ للوصول إلى الاستقرار والعدالة.
كما أوصى هذه الدول بدعم بناء وتأسيس قضاء مستقل يحظر على الجهات العسكرية القيام بعمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري دون رادع.
ودعا التقرير قوات سوريا الديمقراطية إلى إيقاف أشكال الاعتقال التعسفي كافة والكشف عن مصير المختفين قسرياً، والسماح لعائلاتهم بزيارتهم والتواصل معهم وإخضاعهم لمحاكمات عادلة ومستقلة والكف عن سياسة التضييق على المنظمات الإنسانية المحلية والأهلية والسماح لها بالعمل.
حث التقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة COI والمفوضية السامية لحقوق الإنسان على التحقيق في الحوادث الواردة فيه وذكر استعداد الشبكة السورية لحقوق الانسان للمساعدة.
وأخيراً أوصى التقرير مجلس حقوق الإنسان بمتابعة قضية المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا وتسليط الضوء عليها ضمن جميع الاجتماعات السنوية الدورية، وتخصيص جلسة خاصة للنَّظر في هذا التَّهديد الرهيب.
للاطلاع على التقرير كاملاً

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…