قمة أنقرة الثلاثية بطاقات حمراء في وجه أردوغان

أكرم الملا
ساعات وتنعقد القمة الثلاثية ( ايران تركيا روسيا ) في أنقرة بين الأُصلاء الموقعين على اتفاقية ” أستانة ” والضامنين ” تنفيذها ” ، ولكن الواقع الميداني هو عكس ماتم الاتفاق عليه في ” أستانة ” حيث تم ازالة ثلاث مواقع خفض التصعيد من الخريطة الميدانية ولم تبقى الا منطقة واحدة ” ادلب ” وهي قيد الاجتياح من النظام وحليفه اللزم روسيا.
عملياً، لم تستطع لقاءات ما يسمونه مسار ” استانة ” ان تنتج أي شيء سياسي حيث انتهت كل دوراته السابقة بالعقم السياسي، وهذه القمة المرتقبة بين الثلاثي المختلف فيما بينه دولياً ولكن يلتقون لمصلحتهم أقليمياً على المسرح السوري حيث في اجتماعات القمم كما هو معروف في علم السياسة والممارسة الدبلوماسية، لن تكون هناك حوارات بينية أو مفاوضات بين المجتمعين، لذلك نتائج هذه القمة لن تختلف عن سابقاتها من ناحية الفشل وعدم التوصل الى شيء سياسي مثمر. 
حسب المؤشرات السياسية والتسريبات الاعلامية، فان الهدف الرئيسي ان لم يكن الوحيد لهذه القمة سيكون مناقشة الوضع في ادلب، رغم انه معروف الوضع هناك وخاصة من خلال التحركات الأخيرة للجيش السوري والطيران الروسي بقصف المناطق الخاضعة للهدنة الأخيرة الموقعة، هذه العمليات العسكرية هي بمثابة ثلاث بطاقات حمراء في وجه اللاعب التركي واجباره على التمسك بقواعد اللعبة التي سيفرضها الثنائي ( روحاني – بوتين ) . كما أسلفنا لن يكون هناك نجاح سياسي ودبلوماسي لهذه القمة، والاحتكام الرئيسي بعد القمة سيكون للوضع الميداني الذي سيفتح المجال للمساومات والتفاهمات من تحت الطاولة، وخاصة في مسألة شرق الفرات أي بما معناه الاتفاق من تحت طاولة القمة الثلاثية : 
– الشمال الغربي من سورية ( ادلب ومعرة النعمان وريفها الشمالي الغربي) مقابل الشمال الشرقي من سورية ( شرق الفرات الخاضع لقوات سورية الديمقراطية بمساندة أميركية) …
وكلنا نتذكر المساومات والتفاهمات والتنازلات السابقة حيث تم تبادل شرق حلب بعملية ” درع الفرات ” والغوطة الشرقية مقبل عفرين “عملية غصن الزيتون “
ومن المعتقد وكما تشير الأحداث والتصريحات، فان القمة الثلاثية سوف لن تتطرق الى موضوع ” المنطقة الآمنة ” على الأقل بالتفصيل، لأن ” الثلاثي الأستاني ” يعتبر مسألة المنطقة الآمنة ، شأن أميركي بحت والقرار فيها وفي كيفيتها وماهيتها هو أميركي، لأنهم واثقون أن أردوغان ليس في وارد المواجهة العنيفة مع ترامب على حلبة شرق الفرات، أي تحرك أردوغاني في وجه القرار الأميركي أو القيام بعمل فردي دون الأميركان ، سيكون انتحاراً سياسياً لأردوغان وسياساته وأخيراً أحلامه ” السلطانية ” لكن السلطان المنتوف سيظل يجعر ويصرخ ليوصل جعجعته الى الداخل التركي المتأرجح سياسياً، حيث وصلت الأمور الى عقر داره السياسية ألا وهو الانشقاقات والانسحابات التي حصلت في حزبه الحاكم، محاولاً قدر الامكان احراز نصراً ولو اعلامياً لاحتواء الأزمة الداخلية في تركيا، ولكن الأمور تتضح أكثر وأكثر حيث أصبحت رجل أردوغان في حذاء ضيق وما صراخه الا نتيجة الألم الناتج عن ضيق الحذاء .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…