جلد الذات (1)

تجمع الملاحظين
الدكتور محمود عباس شخصية وطنية، له مزايا عدة قلّما تتوفر في الأشخاص. فهو المسيح في دعوته للناس، منهجا وأساسا، وقرآني في التعامل مع الخلق عاملا بقوله تعالى في محكم كتابه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }، [فصلت 34 – 35]، وكذلك كمعن بن زائدة في حلمه ، وقيس بن الملوح وشغفه بليلاه العامرية، في حبه لوطنه، وقضيته. نرجو ألا يظن القارئ الكريم أننا بردنا عليه نقصد الطعن في وطنيته وحرصه عليها.
كتب الدكتور القدير الأستاذ محمود عباس، مقالا قيما يرد فيه على تجمع الملاحظين بخصوص توعية الذات، في هذه اللحظة بعينها، قائلا:
“ما بين جلد الذات وقدرات شعبنا مدارك، وبين توعية مجتمعنا وتسخير طاقاته الأنية لإنقاذ الذات أبعاد،…”.
هذه حقيقة، لا يمكن نكرانها. وضرورة يجب أخذها بالحسبان. نظرا لهذا، على كل كردي منا، وبمقدوره إنقاذنا من هذه الكوارث- ألا يقصر.
ما يخبرنا تاريخنا البعيد والقريب، وحتى الآني أن ما بذلناه من جهود في سبيل درء الكوارث، أيان حالات مثل هذه باءت بالفشل، وحلت بعدها كارثة أخرى!
ولا يخفى على أحد منا أن سبب ذلك الفشل هو قلة وعينا؛ لإنقاذ ذاتنا، وضعف تقديرنا في اختيار الوقت المناسب لنشر الوعي بين جماهيرنا (إن كنا نرغب فعله)، منعا لمثل تلك الملمات. ونفس ذلك التاريخ يرينا أن ما نفعله اليوم قد فعلناه بالأمس! وهذا ما جعلنا أن ندعو إلى تجنب المكرر، عديم الفائدة، وفي الغالب كان مكررنا مضرا.
كان بوتين وترامب وغيرهما من “المناصرين” لقضيتنا موجودين في مأساة غصن الزيتون، وكان بوش الأب وغورباتشوف وغيرهما موجودين حين الإمطار الكيماوي على حلبجه. وأوباما وميركل وغيرهما كانوا موجودين وقت هدمَ أردوغان القرى والأحياء والمدن الكردية في شمال كردستان. في كل مرة تصرفنا كما اليوم، ولم نحصد منه شيئا، سوى الضجة الإعلامية والإدانة وغيرها من الزوابع التي لا تسمن ولا تغني.
هذه المكررات يصفع بها تاريخنا على وجوهنا، مع ذلك نعيد ما امتحناه البارحة. هذا العمل الرتيب هو العدو الأشد فتكا بنا من أي عدو آخر. ومعظم شعوب العالم تعيد دراسة نكساتها ونكباتها، بعيدا عن العواطف، والإنقاذ الوهمي، لتستعد للقادم؛ في حين نعالجها نحن بتخدير الجماهير والمتضررين من الكارثة بهذه الجرعات، تفقده وعيه، ولا يحتاط لما ينتظره في القادم من الأيام.
“تفضيل جانب وإهمال الأخر تحت مسوغات توعية المجتمع وإيقاظ الحراك على أخطائه وفي هذه اللحظات تضر ولا تنقذ المجتمع، ولا القضية.”.
حين نبدي ملاحظاتنا على الجاري علينا، ورد فعلنا تجاهه، لا نبغي من ورائه تفضيل جانب على آخر، ما نقصده: هو علينا إدراك المحدق بنا، وإلا لهلكنا. برأينا، أي تهوين على أنفسنا نبتغيه، هو لصالح العدو، ويضرنا أشد الضرر. ونعتقد أنه تهرب من الحقيقة جهالة؛ وسيرتد علينا كارثيا. أيهما نختار، التهوين أم الكارثة؟ نترك الحكم عليه للقارئ الكريم.
نكمل البقية في العدد القادم
تجمع الملاحظين، عنهم:
كاوار خضر

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…