استمرت الحكومة التركية منذ عام 2011 بالقيام بمختلف المحاولات من أجل استغلال الأزمة السورية وحتى الان، بغية توسيع نفوذها على حساب السوريين ومأساتهم. وبدلا أن تكون عاملا مساهما في استقرار المنطقة والعمل مع الدول الأخرى على إنهاء الأزمة السورية وإحلال السلام، عملت على دعم المجموعات المسلحة والإسلامية المتطرفة ولاسيما تنظيمي ما يسمى ب” داعش وجبهة النصرة ” الإرهابيتين، وبرز دور الحكومة التركية في استمرار الحروب على الاراضي السورية وعدم الاستقرار وتهديد السلم والأمن الدوليين, وذلك خلافاً لأهم أهداف الأمم المتحدة وفق المادة الأولى لميثاقها في حفظ السلم والأمن الدوليين، فتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ هيئة الأمم المتحدة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.
وبدلا ان تقوم الحكومة التركية بواجبها كدولة عضو في الأمم المتحدة بالمساعدة في إحلال السلم والأمن في سوريا، عملت الحكومة التركية بشكل دائم على الاخلال بالأمن والاستقرار النسبيين في المناطق التي يديرها الكورد مع شركائهم السوريين من أبناء تلك المناطق، حيث كانت المدن والبلدات والقرى الكردية دائما هدفا لاعتداءات الحكومة التركية التي حاربت بكل الوسائل من اجل منع قيام أي كيان كردي وحصول الشعب الكوردي على حقوقهم المشروعة في سوريا المستقبل.
وإن نجاح الكورد بالتشارك مع السكان المحليين في حماية مناطقهم وتأمين الخدمات للسكان وإدارتها في ظل الخراب والحرب التي تشهدها سورية، رأته الحكومة التركية مصدر قلق لها، مما دفعها الى ممارسة مختلف الاعتداءات على هذه المناطق السورية , سواء عن طريق حلفائها ووكلائها من الجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية أو التدخل العسكري المباشر كما فعلت في عفرين والباب ومنبج وجرا بلس ومناطق أخرى. والعدوان السافر على مناطق الحسكة والرقة, وتحت اسم عملية “منبع السلام” فقد بدأت عدوانها مع حلفائها من الجماعات الإسلامية والجيش الحر وما يسمى بـ “جيش سوريا الوطني” التابع للائتلاف السوري المعارض، في التاسع من تشرين الأول 2019. في انتهاك فاضح لأحد أهم مبادئ القانون الدولي والمنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة الثانية لميثاق هيئة الأمم المتحدة والذي يمنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة”.
حتى الآن ,الأمم المتحدة ومعظم دول العالم التزموا المطالبات الإعلامية الخجولة بوقف العدوان التركي على الأراضي السورية ، وبتواطؤ مريب من معظم الدوائر السياسية الدولية يواصل العدوان التركي كل عمليات اعتداءاته على الأراضي السورية مستخدمين احدث صنوف الأسلحة البرية والجوية, وفي خروقات فاضحة لكل المبادئ والقواعد التي تحكم القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ، وتم افساح الطريق أمام الحكومة التركية لاستخدام كل اساليب العنف والعدوان ضد قوى مجتمعية حاربت الإرهاب وممثليه من داعش وغيرها.
وفي مناطق شمال سورية , فان نفس القوى المجتمعية التي حاربت قوى الإرهاب وتنظيماته، هي التي تقاوم وتتصدى للعدوان التركي والمسلحين الذين يقاتلون معه ، علاوة على الحجم الهائل من التخريب والدمار وسقوط المئات من الضحايا المدنيين وغير المدنيين بين قتيل وجريح، جروحهم متفاوتة الشدة , والتهجير للآلاف من السكان الأصليين , ومن اللاجئين الذين نزحوا إليها من مختلف المدن والمناطق السورية الأخرى ، ووجدوا لدى الكورد وسكان المناطق الشمالية السورية , ملاذا آمنا ,
ففي العدوان الغاشم على الأراضي السورية , في مدينة الحسكة وريفها: ((مدينة قامشلو ” القامشلي” محيطها, محيط مدينة عامودا, ناحية سري كانيه” راس العين” وقراها , ناحية الدرباسية وقراها, مدينة ديرك ” المالكية”, تربه سبي “القحطانية” ومحيطها,(( وريف الرقة :((مدينة عين عيسى ومحيطها, مدينة كري سبي” تل ابيض “ومحيطها)), وعلى كوباني”عين العرب”, استعملت الحكومة التركية مختلف الأسلحة الجوية والبرية ,مما أدى تدمير العديد من المنشآت البنية التحية والخدمية والصحية ومحطات المياه والكهرباء والمراكز الصحية وحرق وتخريب الأراضي والمنازل والمحلات, وقد أدت هذه الاعتداءات الى سقوط العديد من القتلى والجرحى من المدنيين الأطفال والنساء والشيوخ, إضافة الى فرار ونزوح المزيد من السكان وتشريدهم من بيوتهم وتفاقم معاناتهم ولاسيما النساء والأطفال والمسنين الذين هم أغلب ضحايا هذا العدوان, في انتهاك واضح لاتفاقيات جنيف الاربعة حول جرائم الحرب , وحيث ان ممارسات الجيش التركي وحلفاؤه ترتقي الى مصاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي الإنساني.
إن استمرار الحرب والعدوان على الأراضي السورية الشمالية وبقاء العالم متفرجا، ينذر بكارثة إنسانية وسقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين وتدمير المزيد من القرى والبلدات والمنشآت الصحية والخدمية وتدمير البنية التحتية الضعيفة أصلا.
إننا نطالب المجتمع الدولي بالتحرك لإجبار الحكومة التركية على وقف عدوانها وسحب قواتها والجماعات المسلحة المشاركة معها في العمليات العسكرية، وتأمين الحماية الدولية لمناطق شمال سورية وسكانها، بالتعاون مع الحكومة السورية. كما ونطالب بتقديم المساعدات الطبية والإنسانية العاجلة لمنع وقوع كارثة إنسانية.
دمشق10.10.2019
الهيئات الحقوقية والمدنية السورية المنتجة لهذا البيان الحقوقي
1. الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان (وتضم 92منظمة ومركز وهيئة بداخل سورية).
2. شبكة الدفاع عن المرأة في سورية (تضم 57هيئة نسوية سورية و60 شخصية نسائية مستقلة سورية).
3. التحالف النسوي السوري لتفعيل قرار مجلس الأمن 1325.
4. الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي.
5. التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام ( (SCODP
6. المنبر السوري للمنظمات غير الحكومية (SPNGO)
7. المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سورية (.(DAD
8. المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية.
9. اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (الراصد).
10. المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية.
11. منظمة حقوق الإنسان في سورية – ماف.
12. منظمة الدفاع عن معتقلي الرأي في سورية- روانكة.
13. لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ( ل.د.ح ).