أبو فلان: بطيخ مبسمر !

 إبراهيم محمود
قيل: أبو فلان، ويرحَّب به: أهلا أبو….! وترفَع له اليد/ اليدان، تنحني له الهامة والوجدان، يوسّع له المكان، ويدفَع بالآخرين إلى زاوية النسيان، حيث أبو فلان، أصبح كلّي الشان.
ومن أبو فلان هذا الذي يؤخَذ بالأحضان؟ كائن الحضيض دونما اعتبار.حتى أمسه القريب جداً. وفجأة، ينقلب به الزمان، ليكون له الصدر في الزمان، ويعرَف به المكان، ومن في المكان .
أبو فلان. حتى أمسه القريب، كان مهملاً، لم يسعد مرة بأن ينادى باسمه. كان يقصقص، أو يكون مجال تهكم أقرب المقربين إليه. وشهدت دورة سريعة للزمان برفعه من الحضيض إلى الموقع العريض، تكون له الكلمة الأولى والأخيرة، يكون له الكرسي الأول، يكون البادىء بالطعام في مأدبة مجلجلة على شرفه، يهرَع إليه بالجملة، بشارة من إصبعه.
أبو فلان. يقول قانون الزمان والمكان، في كردنا المغلوبين على أمرهم، أن ليس من قانون يحتكَم إليه، وثمة أكثر أكثر من : أبو فلان.. ليس بقدرة قادر، قد أصبحوا ذوي السلطان. وحوله الخدم والحشم، حراسه، مستشاروه، عيونه، قبضاياته، وما لا يخطرعلى بال إنسان .
أبو فلان… ثمرة مرة، من ثمار فساد مستشر في زماننا الكردي، حيث ينقسم الزمان في الكردي، ويقسِم الكردي، ويخرجه من دائرةالأوطان، يخرجه من عالم النفوس والأذهان، يلحقه بأي رقعة لفظها الزمان، حيث يمثّل الحقيقةَ البهتان.
أبو فلان! أي بلاء مستطير تنفست به أمكنة لنا، حتى انعدمت الأمكنة، وانقلب الميزان، انشطر مجتمعنا، معطياً كل الجهات، كل الطرق، لكي يكون أبو فلان، كما لم يكن في سالف العصر والأوان. متحكماً في المصائر، أو محدّداً أرزاق مجتمع بكامله، وكل ما فيه ممدوح، بأجلى البيان. كل ما فيه يسترسل في مديحه اللسان .
أبو فلان! بطيخ مبسمر، وليس من بطيخ مبسمر، يعرف به، ومن شاكله من أهل النفاق والتزييف والدجل والفساد، مسمراً صدئاً، مسموماً تناسل مستهدفاً كل من له وجدان !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….