رصاصات قامشلو وانتصار الأتراك

إبراهيم محمود
تأسفتُ غاية الأسف وأنا أتابع عبر وسائط مختلفة، أصوات إطلاق الرصاص في سماء قامشلو هذا المساء: الخميس، 17-10/ 2019، بحجة ” الانتصار على الأعداء “. طبعاً لأن أردوغان أعلن وقْف إطلاق النار. إنما دون التأنّي، ومعرفة مقابل عملية الوقْف هذه. وهذا يعيدنا إلى الصفر التاريخي، في كيفية التعامل مع المستجدات بمشاعر قاتلة.
إطلاق الرصاص الذي صنِع ليقتل، صنِع ليخيف، ويطلَق ليخيف. والناس مرعوبون من جو الحرب ومآلات الحرب. تُرى من أصدر أوامر بمثل هذا ” الابتهاج ” الذي يظهِر مدى ارتجالية الكرد في هذا المقام .
ارتجالية العبارات ممن سمعنا أصواتهم، وهم يهنئون بعضهم بعضاً، ويفصحون صراحة عن انتصارهم على أردوغان. هكذا ببساطة !
ألم تتم متابعة ما هو منشور في الشريط التلفزيوني، أي ما يفصح عن أن تركيا نالت ما تريد. وبقيت الكرة في مرمى ” كردنا “. وتأكيداً، على أن أميركا العظمى، تتخلى عن ورد الكردي، وتراهن على رصاص التركي.
لزوم الانسحاب من قبل ” بيد ” من” المنطقة الآمنة ” تحديد العمق المطلوب ” 32 كم “.
يعني ذلك أن المنطقة التي شهدت ويلات حرب في سري كانيه، وكِري سبي، أن هذه المساحة، وأبعد منها، ستكون الثمن المنتظر، أو ما كان مطلوباً من البداية .
أي ذهنية كردية هذه التي تتعامل مع آخر المستجدات وأخطرها بمثل هذه الخفة؟ بإطلاق رصاص حي، دون السؤال عن مخاطره، دون التفكير في آلام الخارجين من بيوتهم، والهائمين على وجوههم، دون مراعاة مشاعرهم، وهم بمئات الألوف، من كردهم، دون السؤال عما يكون في انتظار كردنا ..دون السؤال عن جراحات سري كانيه.. دون السؤال عن كري سبي، دون السؤال عن فجائع الكردي وما يفعَل بهم .
وأنا أتابع المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية التركي: مولود جاويش أوغلو، قرأت في ملامح وجهه، ثقة غير مسبوقة، ولم أجد بمثل هذا الشعور بالفخار، والثقة، والنشوة قبل الآن. هو محق في ذلك. فأميركا قدِمت إلى أنقرة، وهذا له دلالته، وقدّمت لأردوغان ما كان يراهن عليه،  ويحتفل الكرد بانتصارهم الوهمي، يحتلف كردنا الرصاصيون بخداع مركَّب: أميركي- تركي.
هنيئاً للانتصار التركي الفعلي.
هنيئاً للدبلوماسية التركية
هنيئاً للمكر الأميركي !
البقية في حياة المتبقين من كردنا !
” الله ينجّينا من القادم وهو الأعظم ” !
ليت ما أتخوف منه، لا يعدو أن يكون مجرد وهم..ليت..ليت!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…