رسالة مفتوحة إلى الرئيس مسعود بارزاني فخامة الرئيس الكوردستاني مسعود بارزاني

جان كورد 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من قلب يتفطّر ألماً وحزناً، أتوجه إلى فخامتكم باعتباركم “مرجعية” أمتنا الكوردية المستعبَدة الممزقة نتيجة معاهدات استعمارية. ولن أطيل عليكم لما على طاولتكم من ملفاتٍ عديدة وهامة. 
منذ أن غزت القوات التركية منطقة جبل الكورد التي مركزها مدينة عفرين، في أقصى غرب كوردستان، والفصائل المتطرّفة والإرهابية التي جاءت معها كمرتزقة لم تدع ممارسة وحشية وانتهاكاً للحقوق وجرائم ضد الإنسانية إلاّ وقامت بها، ضاربة بالتآخي بين الشعوب والأخوة في الدين وحقوق الأقليات القومية والدينية عرض الحائط، 
ولم تنفك حتى اليوم وتحت أنظار الجيش التركي واستخبارات تركيا عن التقتيل والتعذيب حتى الموت والسلب والنهب وكل ما من شأنه إرغام شعبنا الكوردي على ترك أرضه وممتلكاته، ضمن إطار مشروعٍ تغيير ديموغرافي للمنطقة، يهدف إلى طرد المواطنين الكورد الذين كانوا بنسبة تزيد عن 95% من سكان المنطقة، وإسكان العرب والتركمان والأويغور المجلوبين من شمال الصين عوضاً عن سكانها الأصليين، بحيث انخفضت نسبة الكورد إلى أقل من 30% خلال أقل من عام واحد. 
إن المقاومة المسلّحة لهذه السياسة العنصرية لحكومة حزب العدالة والتنمية التركي قد دامت 58 يوماً، وذلك من قبل وحدات حماية الشعب فقط، لأن حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يقف وراء هذه الوحدات كان قد قضى بشكلٍ تعسفي على كل أشكال الحياة السياسية لمعارضيه الكورد، سواءً كأحزاب أو جمعيات، وبالتالي فقد استفردت هذه القوات “الأممية فكراً وتوجهاً” بالتنظيم العسكري ورفضت مشاركة أي قوة أخرى في الكفاح إلى جانبها ضد الاستبداد والاحتلال والتنظيمات الإرهابية، فأصبح شعبنا في عفرين منذ بدء الغزو معرّضاً إلى شتى أنواع الإرهاب والتهجير والقمع والحرمان. بل إن وجوده صار في خطر حقيقي، ونعتقد بأنكم على علمٍ بكل ما جرى ويجري لشعبكم الذي يحترمكم ويحبكم ويسير على خطاكم ولا يرفض طلباً لكم لإيمانه بأنكم خير من يمثّل طموحاته القومية العادلة.
أما القوى الدولية المتواجدة على الأرض السورية، وكذلك الحكومة في دمشق، وسائر الأحزاب الكوردية، فإنها لم تقم بواجبها الإنساني تجاه شعبنا في عفرين في محنته الخطيرة هذه. بل إن مأساة أهلنا في جبل الكورد لا تحظى باهتمام إنساني في العالم ويكاد “ملف عفرين” يُطوى ويوضع في أرشيف الحركة السياسية الكوردية، فهل لنا سواك يا سيادة الرئيس المفدّى؟
ما نأمله منكم، هو إثارة هذا الملف دون تأخير أو إهمال في لقاءاتكم وعلاقاتكم واتصالاتكم مع قوى وحكومات المنطقة، ومع المجتمع الدولي و نأمل وقوفكم بإصرار في خندق التصدي لمشروع التغيير الديموغرافي والجرائم التي ترتكب يومياً في منطقة عفرين، دون وجود أدنى مقاومة عسكرية أو مدنية للاحتلال التركي، وتكونوا المحامي الأكبر لشعبكم المطالب بخروج الجيش التركي والتنظيمات الإرهابية من عفرين، طالما الأتراك يؤكدون على أنهم أرغموا قوات الحماية الشعبية على الخروج منها، فلماذا دوام الاحتلال؟ ونرجو ألا تصدقوا أؤلئك الذين يقدمون لكم معلومات خاطئة وصورة غير صحيحة عما يجري في هذه المنطقة التي تتعرّض إلى ذات المصير الذي تعرّضت له “كوردستان الحمراء” في عهد الاتحاد السوفييتي وما يسمى ب”المناطق المتنازع عليها” في اقليم جنوب كوردستان، إبان عهد صدام حسين البائد.
فلماذا لايعطي الأمريكان والروس والحكومة السورية وتركيا أي اهتمامٍ لضم منطقة عفرين لما يسمى ب”المنطقة الآمنة” في شمال سوريا؟ ولماذا يتم الإهمال لكل ما يمت لعفرين بصلة، حتى في الشؤون الإنسانية، حتى أن الحديث عن عودة اللاجئين إلى مناطقهم يستثني موضوع أكثر من مائة ألف لاجىء عفريني من مخيم الشهباء إلى قراهم ومزارعهم، رغم قدوم الشتاء القارس، في حين أن الغرباء يسكنون  في منازلهم ويدعون أقرباءهم ومعارفهم للسكنى في بيوت الكورد المهجرين، وهم يسخرون من الكوردي “الكافر!”… وأنتم أعلم منا بحياة المخيمات ومآسيها.
 
لي في مقامكم كمرجعية كوردستان الأولى، يافخامة الرئيس البارزاني، الأمل والثقة بأنكم ستدافعون عن شعبكم من كل النواحي في هذه المنطقة التي قلوب أهلها الكورد معكم، مثلما كانت في ظل القائد الراحل البارزاني الخالد.
مع فائق الاحترام والتقدير
جان كورد – ناشط وكاتب كوردستاني / ألمانيا الاتحادية
 kurdaxi@live.com
      ‏06‏ تشرين الثاني‏، 2019

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…