علاقة تركيا والبغدادي (( يلي فيو شوكة بتنخزوا ))

أكرم الملا
تحاول تركيا تغطية مقتل زعيم داعش أبي بكر البغدادي وتداعياته من خلال موجة من اعتقالات ضد عناصر أجنبية في تركيا حيث تم اعتقال عشرين أجنبيا للاشتباه بأنهم على صلة بتنظيم داعش، وذلك لاظهار نيتها “الصادقة” بملاحقة العناصر الارهابية وتبييض صفحتها في سجل مكافحة الارهاب، وبدت علامات الانزعاج واضحة لدى الطبقة السياسية الحاكمة في تركيا، لعدم ذكر الرئيس الأميركي ترامب أي دور لتركيا في عملية قتل البغدادي، وحصر التسهيلات التركية في فتح الأجواء التركية أمام الطيران الأميركي، الذي أغار على وكر البغدادي في منطقة قريبة من الحدود التركية ( 5 كم ) أثار هذا الكثير من التساؤلات عن سبب وجود البغدادي في منطقة يفترض أن تركيا تشرف عليها أمنيا، وهو ما يعني إما عجزاً استخبارتياً أو وجود تواطؤ تركي سهل تسلل البغدادي إلى إدلب، وفي الحالتين تتحمل أنقرة المسؤولية المباشرة عن تحرك قيادات مطلوبة دوليا بسهولة.
وفي وقت تتمسك تركيا فيه بأن لها دوراً مهما في العملية، كشفت تصريحات الرئيس الأميركي أن هذا التنسيق لم يكن ذا قيمة استخبارية، وأنه تم تحت الضرورة. وفي حديثه عن “الدور التركي”، قال ترامب “استخدمنا الأجواء التركية لمدة قصيرة.. لو فتح الأتراك النيران علينا لاضطررنا إلى القضاء عليهم أيضا وحدثت أشياء سيئة.. كانوا جيدين.. لم يحدثوا أي مشاكل”.
ويكشف كلام ترامب أن العلاقة الأميركية التركية في ملف مكافحة الإرهاب ليست جيدة، وأن واشنطن قد تكون أعلمت أنقرة بأمر الهجوم في آخر لحظة، وهو ما يعني وجود شكوك أميركية قوية في أن تركيا ليست متعاونة. ومن شأن الشكوك الأميركية أن تبدد ما تحاول أنقرة أن تقنع به العالم من أنها شريك في الحرب على الإرهاب، خاصة في ظل الاتهامات الموجهة لها بأنها توظف ملف الإرهاب في ابتزاز العالم سواء في قضية اللاجئين، أو لتبرير الهجوم على شمال شرق سوريا.
وإذا فشل النظام التركي في تقديم رواية مقنعة ومبررة حول وجود أهم شخصية مطلوبة دوليا في مناطق نفوذهم، فإن ذلك قد يقود إلى اهتزاز علاقاتهم ليس فقط مع الولايات المتحدة ودول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، ولكن أيضا، وهذا الأهم مع روسيا التي قد تضطر إلى مراجعة التنسيق مع تركيا في جهود خفض التصعيد أو في البحث عن حل سياسي للملف، إن مقتل البغدادي في إدلب يعني أن أنقرة لم تفِ بالإلتزامات التي تعهدت بها خلال الاتفاق على مناطق خفض التصعيد، وأن حديثها عن محاربة الإرهاب لا يعدو أن يكون مجرد وعود.
ولمقاومة هذه الضغوط، سارت أنقرة في اتجاه مخالف تماما، إذ تسعى للظهور بمظهر البعيد عن ملف الجماعات الإرهابية، من خلال الدعوة إلى الكشف عن خفايا البحث الذي تقوم به الولايات المتحدة قبل العملية وبعدها، وهو بحث قد يشير من قريب إلى دور تركي ليس في المساعدة على مقتل البغدادي، ولكن في ما يتعلق بسهولة الحركة لدى المتشددين في إدلب خاصة بعد الهجوم التركي الأخير الذي قد يكون البغدادي استغله للانتقال من مكان إلى آخر.
وقام مسؤولون اتراك بالادلاء بتصريحات تعد مقتل زعيم داعش، نجاحا كبيرا بالنسبة لجميع عمليات مكافحة الإرهاب حول العالم، واصفين الحادثة بأنها خطوة هامة لهزيمة “داعش” بشكل نهائي في المنطقة.
وشدد المسؤولون الأتراك على ضرورة استمرار عمليات مكافحة الإرهاب دون انقطاع وذلك ليبينوا للعالم بأنهم براء من الارهاب ومن زعيمه وما اصرارهم هذا انما يدل على أنهم قلقين من معرفة العالم للحقيقة، لذلك هم يتكلمون ويصرحون ويعلنون حول مقتل البغدادي ربما من منطلق المثل العامي  (( يلي فيو شوكة بتنخزوا )).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…