دور الكورد في التوازنات المستقبلية

عزالدين ملا
ان ما جرى خلال الفترة الماضية من تحولات سريعة وغير منطقية، دليل على ان هناك شيئا ما يُحضر له، فقد أعلنت أمريكا فجأةً وعلى لسان رئيسها دولاند ترامب في تغريدة على الـ “توتير” سحب قواته من نقطتين على الحدود السورية التركية، بعد اتفاق جرى في وقت سابق بين أمريكا وتركيا وقسد إلى انشاء منطقة آمنة بين سري كانية ( رأس العين ) وكري سبي ( تل أبيض ) بطول 120 كم وعمق 5- 14 كم، على ان تنسحب الاسلحة الثقيلة لـ قسد بعمق 32 كم، جاء الاعلان الأمريكي في وقت فشلت جميع المساعي لإرضاء حليفتها الاستراتيجي تركيا وحليفها العسكري قسد.
نلاحظ من تغريدات الرئيس الأمريكي ترامب، ان الصراع الطويل والقديم بين تركيا وحزب العمال الكردستاني سبب قراره بالانسحاب، وهنا كان إرضاء تركيا مُهمّةً لأمريكا على حساب قسد الذي لم يوقع أي وثيقة تحافظ على تحالفها مع أمريكا، وكانت الأخيرة تُعلن مرارا وتكرارا ان تحالفها مع قسد عسكري بحت، وحتى أكد الرئيس ترامب في تغريدة ان مساعدة قسد لهم في محاربة تنظيم داعش دفعنا لهم مقابل ذلك المال والسلاح فقط.
فكان نتيجة انسحاب القوات الامريكية شن تركيا مع ميليشات تابعة لها بهجوم بربري على المناطق الكوردية وخاصة سري كانية، أدى إلى نزوح المئات الآلاف وقتل العشرات من المدنيين.
وبعد تدخل روسيا على الخط والعمل على تهدئة الوضع، عقدت مع تركيا إتفاقية تبدد مخاوف تركيا، وذلك بانشاء منطقة آمنة على طول الحدود الكوردية، وذلك بتسيير بدوريات مشتركة روسية تركية على عمق 10 كم، وابعاد قسد إلى عمق 32 كم، بالاضافة إلى عودة النظام.
والمفاجئ من كل ذلك هو اعلان أمريكا العودة إلى سوريا، وارسال قوة إلى مناطق دير الزور مع محافظتها على حليفتها قسد في مناطق ديرالزور والرقة ولإتمام ما بدأته في محاربة تنظيم داعش الارهابي حسب زعمهم، وأيضا ابعدوا ما كان يهدد حدود تركيا حسب زعمها.
المشهد العام في سوريا بدأ يكتمل، وكلٌّ من أمريكا وروسيا قامتا بتحقيق توازناتهما وإرضاء تركيا إلى حد ما، ولم يبق أمامهما سوى معضلة إدلب.
سنرى في الأيام والاسابيع القادمة تغييرات كبيرة وجذرية على الأرض، والكورد لهم دور كبير وغير متوقع، الكورد قومية ثانية في سوريا، أصبح لهم ثقل في المحافل الدولية، وهم أساس التوازنات داخل سوريا المستقبل، ومصالح الدول الكبرى وخاصة أمريكا وروسيا تتلاقى مع مصالح وحقوق الكورد، فما على الكورد سوى لملمة شتاته وتوحيد رؤيته وموقفه، والعمل بشكل جماعي بعيداً عن الانانية الحزبية الضيقة، فحصول الكورد على حقوقهم داخل سوريا يهنأ الجميع وإن ضاع خسر الجميع، فلنكن أصحاب المسؤولية ليرتاح ويهنأ أرواح أجدادنا وشهدائنا في السماء، ولنفتح أمام أجيالنا مستقبلا مشرقا.    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…