إبراهيم اليوسف
حاولت جاهداً، أن أغض النظر، عن انتهاكات “ب. ك. ك” منذ بداية تنفيذ تركيا الخطوط الثلاثة من مخططها في حصارالكرد، واحتلال مناطقهم:
أي أن أنأى عن نقد ما تمارسه منظومة “ب ك ك” بحق أهلنا كرد سوريا، في إطار ما سميته في مقالات أولى لي” التعويض عن فشلها في مهادنا” وجعلنا” جسراً لإعادة حضور حزبها وأيديولوجياتها المتناقضة” في إطار مصطلحاتها” المتضادة” ” المتنافرة”، المختلفة المؤتلفة مع صميم طبيعتها” وهي موضوع مقال لي، أرجأت نشره، إلا أن ذلك- أي هكذا نأياً- يبدو غير ممكن- البتة- أمام ما يعزم عليه قادتها، بالرغم من محاولتهم تغيير “جلد أفعوان سياساتهم، عبر حوربتها،
وما تقديمهم لوجه جديد، بعد تهافت الوجوه القديمة، وعدم صلاحيتها لطرح شعارات “وحدة الصف” وهو السيد مظلوم عبدي- حسب اسمه الشائع قسدياً- بعيداً عن أية ضمانات لقطع دابر العلاقة بين ب ك ك وتنظيم ب ي د”الذي أريد ويراد طلاؤه بما يناسب كرد سوريا، لإلحاق مزيد من الأذى بهم، بعد كل ما لقيوه على أيدي قادة هذا التنظيم، بفروعه، وأصوله، ولكنني، أفشل في ذلك، إذ سرعان يعود الهامش إلى المتن، أو ينداح المتن ليستولي على الهامش، أو الهوامش، وتظهر- رسائل س م س- أو برقيات أو إشارات بأن ذلك ضرب من المستحيل، وهنا مكمن المأساة.
وقد كنت أول كاتب كردي- كما أتصور- نقد هلهولة السيد مظلوم عبدي على صفحته الفيسبوكية، عندما ابتهج بموافقة أمريكا -أو ترامب- على تمديد فترة السماح ل”قسد” بمكافحة الإرهاب الداعشي، في أحرج لحظة غدر، وحصار، ضد كردنا من قبل تركيا، ومن أعطاها-أو أعطوها- الضوء الأخضر للفتك بالكرد، ووجدت في الأمر بساطة رؤى ورؤية، وتسطيحاً سياسياً، على حساب المزيد من دماء كردنا، وفنائهم، وزوالهم، مقابل: لا شيء، لئلا أجيء على ذكره- بعد ذلك- تاركاً نافذة التفاؤل بمشروعه، لمن يعول عليه بأن ينجح في وحدة الصف الكردي، بالرغم من أن مهمة التوحيد لا تتم من قبل- جنرال- بل من قبل سياسي صادق، نظيف التاريخ، واليد، وفي هذه المنظومة من تتوافر فيه هذه الصفات إلا أن من يوجهون بوصلة- وحدة الصف- لا يريدون ذلك، لأن تحقيق وحدة الصف تعني: صفرية قنديل، أوماقبل صفريتها، وأيديولوجيتها، غير المناسبة لمكاننا وكائننا.
ليس سراً، أعلنه، هنا، وليحاكمني، ويحاسبني، من يشاء- وأنا أخطىء وأصيب- على سياستي الشخصية، ككردي، وكفرد، وككاتب، أنني وقفت، وأقف- مع: الكردي والكردستاني أمام محاولات اجتثاث جذوره، من قبل أعداء وجوده التاريخيين من الأنظمة والعقول العنصرية التي تربت في كنفه، وفي كنف تاريخ التطفل في العيش، على حساب حياة الآخر، كما هو شأن بعض وحوش الغابة، وطفيلياتها النباتية، أو الجسدية، أو البكترية، أو الحشرية، وإن كنت في قرارتي. في علني. في سري، لا أسكت عن سياسات ب ك ك في التدخل في شأن كرد سوريا- على غرار ما يفعله في كردستان العراق وكردستان إيران.
هاتان السياستان تنضويان عل تناقض- أدركه- وهما تسببان قطيعة و استفزازاً لكل الأطراف التي لا تتقاطع. يلتقي هنا في الموقف من موقفي: الضدان، على حد سواء، شأن أي صاحب موقف لايهمه إلا أن يتفانى من أجل رؤيته، لأن العادة جرت، أن يكون المرء مع طرف واحد، لحماية ذاته، حتى وإن كان الطرف الذي يقف إلى جانبه خاطئاً، وذلك الذي يواجه أخطاءه على صواب.
وحين أتحدث عن سياسات ب ك ك التطفلية على دماء كرد سوريا. كرد كردستان سوريا، فإن ذلك ليتم على ضوء إرث محاولات ب ك ك سحق وجودنا الكردي في سوريا- بعماء أو ببصر وبصيرة- وإخضاعه لمنظومته، بعد محاولات طمس ملامحنا، منذ مرحلة- الثمانينيات- وصعوداً- على سلم الزمن، بوتائر عالية جداً في مرحلة مابعد2011، عند امتطائه- حصان ثورة السوريين- وإيجاده: أحد الشروخ في علاقة كرد سوريا بالثورة، والمكان- إذ إن هناك شروخات عدة: شرخ: ب ك ك وهو السحيق الشسيع الذي يواجه شرخ المعارضة العروخوانية، بالرغم من سبق هذه الأخيرة، بالإضافة إلى شروخات أخرى: شرخ زئبقية بعض الأطراف الكردية في موقفها من النظام، مقابل الشرخ القوموي العروبوي العنصري لنظام البعث، بعكس الحالة التي أرادها الشارع الكردي، ومعه: تنسيقيات الشباب التي سرعان ما تم تذويبها، بتأثير مجمل هذه الشروخ، ولم يبق منها إلا القليل. إلا الاسم الطاهر!
خطف تسعيني ساخر بسبب طرفة:
ما كتبته – أعلاه- يصلح لأن يكون نويات دراسات وبحوث مطولة، تعتمد على ما هو تطبيقي في الساحة، و يدفع ثمنه الكرد في سوريا، إلا أن هذه الأفكار جميعها حضرتني، وأنا أمام خبر اختطاف أسايش” ب ي د” لكردي مسن ساخر وهو” عبدالله حجي فرمان سقا من مواليد1933″ من مسقط رأسه: عين ديوار، وهو في السادسة والثمانين من عمره، ومعروف عنه بنشر روح الدعابة السياسية، أينما حل، مع سواها من ملمح يسم شخصيته، وحدث أن تمَّ تصوير مقطع فيديو- بحسب مصادر من قريته- من قبل أحد جيرانه، بوساطة أحدهم، وهو يتهكم خلاله من بعض وجوه ” ب ي د”، بالرغم من أنه، وخلال حياته، لا يوفر أحداً، حتى نفسه وأسرته!
إن هذه المنظومة التي تقدم على خطف رجل مسن، لمجرد توجيه- النقد- إليها، لا يمكن لها أن تقود الكرد. كرد سوريا، كما قلت، وأقول، وأصر، بأن وجود أية شراكة لهذه المنظومة في قيادتنا: سياسياً، فمعنى ذلك أن من يمثلونها سيقودونا إلى التهلكة. إلى هلاك ما لم يتم هلاكه بعد، بالرغم من أنني- أشدّد- على وقفتي مع” ب ك ك” مع قضايا مكانه: في كردستان الشمالية، للدفاع عن قضيته، ولسنا نحتاج لا إلى وصايته، ولا إلى فكره، ولا إلى مؤازرته، ولا حتى إلى دعائه لنا- بالنصر- ما نحتاج إليه منه هو: أن يدعنا وشأننا، وأكمل القول، وأنا أرافع لنفسي، وضدي، في هذه المحاكمة: إن إصابة أصبع أي كردي من تركيا، بأذى، ومنهم: ب ك ك يؤلمني، وأعلن عن تعاطفي معه للنضال من أجل قضيته، مع غيره من القوى والأحزاب في في كردستان الشمالية. في مكانه، لا أن يستفرد بقيادتها، لأنه مجرد حزب حديث، مقارنة بتاريخ الحركة الكردية في ذلك الجزء الكردستاني.
لقد كان على ب ي د إطلاق سراح كل الأسرى الكرد في سجونه، وإعلان مصائر من قضوا في- سجونه- من الكرد، بهذا الشكل أو ذاك، لطالما إن مصائر من تم اعتقالهم من داعش، وأشباهه، معروفة، وتم ويتم إطلاق سراح رؤوس كبيرة منه، ومن وجوههم، من دون أي مقابل، بالرغم من أن هناك الآلاف من الكرديات والكرد والسوريين، مجهولي المصير، ممن وقعوا في شباك أسر داعش!؟
إن علاقة الكردي- بالطرفة- قديمة، وأن التراث الكردي مليء بالطرائف الكردية التي سرق منها الكثير، وأضيفت إلى- مدونات- الشعوب التي تقاسم قادتها: خريطة كردستان، ومنها طرائف هائلة بروح ودم كرديين، لما تزل منتشرة، وإن لم يتم إلا التوثيق المتأخر، لبعض منها في: المدونة الكردية.
وأخيراً، وإن كنت وأمثالي سنظل إلى جانب أهلنا، في مواجهة: أعداء وجودنا. أعداء الحياة، وهم من يمثلهم الآن: أردوغان، وبطانته، ومن يؤتمرون بأمرته من مرتزقة- الميليشيات السورية- بمختلف أسمائها، وحتى “المتثاقفين” الذين يبشرون ب”هلاك الكرد” تحت عنوان مناوأة حزب العمال و ب ي د وقسد إلخ، وهم ممن لاتاريخ لهم إلا في ما يصب العداء للكرد، في مرحلة ما قبل العام2011، أنى أتيح لهم ذلك.