عزالدين ملا
لسوريا دور استراتيجي وسياسي في تحقيق التوازنات في المنطقة، لذا يمكن القول ان الأزمة السورية كانت بهذا الحجم والهول، وتدخُل هذا الكم الهائل من الدول والأدوات والأذرع لما لها من هذا الدور الكبير على الصعيدين السياسي والاستراتيجي.
سوريا محل أطماع الدول الكبرى ومصالحها، فكانت الموقع الجغرافي المتميز السبب الرئيسي في جلب الطامعين، تقع في موقع متوسط من القارات الثلاث، وصلة الوصل بين القارة الأوروبية وجنوب غربي اسيا، كما تتوسط الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، يمكن ان تجعل من سوريا نقطة مراقبة على مستوى العالم.
منذ ان بدأت الأزمة السورية ومنطقة الشرق الأوسط على فوهة بركان يغلي، الحشود الدولية من سياسية ودبلوماسية وتجارية في تحرك مستمر، كلٌ له مآربه ونفوذه وخططه في منطقة الشرق الأوسط والتي تعد من أغنى مناطق العالم بالثروات الباطنية لمعاملها، والبشرية لتصريف منتجاتها، وعلاوة على ذلك وجود مخزون مائي عظيم تحت تلك المنطقة.
وما التهديدات الأمريكية والايرانية إلا ضمن تلك الاستراتيجية والتي مفادها الضغط على عدوك من الخارج كي تقوم ببتر ذراعه في مناطقة معينة، وما تلك المنطقة سوى سوريا، والتي رأت أمريكا أن من مصلحتها جعلها منطقة نفوذ لها بديلة في حال تخلخلت الموازين، وتكون على مسافة قريبة من الثمين الموجود هناك.
وروسيا تتقدم بخطوات مدروسة على حساب تناقضات حلفاء أمريكا في المنطقة وخاصة الجانب التركي، حيث استغلت روسيا القلاقل التي تقلق مضجع تركيا كـ الفوبيا الكوردية، وأطماع تركيا التاريخية بإعادة أمجاد السلطنة العثمانية، ومن جانب آخر تستغل مخاوف اسرائيل من التمدد الإيراني على حدودها، وجعل قواعدها في سوريا نقطة انطلاق نحو شمال ووسط أفريقيا.
وما تحركات كلٌ من تركيا وايران إلا لتمرير مخططات وأطماع حلفائهما أمريكا وروسيا، ومن خلالها الحفاظ على المدللة إسرائيل وتمرير مخططاتها.
أما بالنسبة لدول الخليج، فليسوا سوى الصيد الثمين لأمريكا التي تعمل على شفط ما يمكن شفطه من الثروات، وتدفعها للانخراط والمشاركة مع الدول في الأزمة السورية، وتخويفها بالتهديد الإيراني، فقط للحفاظ على أنظمتها وحكامها.
ما نشاهده من الحملات الاعلامية حول التهديدات والضغوطات ليست سوى أساليب للتمويه عن الغرض الحقيقي ألا وهي تنفيذ ما تخططه الغرف المغلقة لصالح اطماع الدول الكبرى وخاصة أمريكا وروسيا.
سوريا مفتاح تبريد الأجواء في منطقة الشرق الأوسط ما أن حلحلت الوضع السوري حتى تنحل مشاكل في المنطقة برمتها، وهذا لم يحصل حتى الآن، فما زال هناك بعض الأمور لم يتم الاتفاق عليها. إذاً، أي استقرار حقيقي في سوريا يعني استقرار منطقة الشرق الأوسط.