د. اسماعيل حصاف
يرتبط تاريخ الحركة التحررية الكوردية منذ أوائل القرن العشرين وليومنا بعائلة البارزانيين، وغدا مصطفى البارزاني شعلة للكورد طوال حياته النضالية، حيث اقترن اسم الشعب الكوردي باسمه. ولد مصطفى البارزاني في 14 آذار عام 1903 في قرية بارزان الجبلية القريبة من نهر الزاب الكبير والتي اصبحت عاصمة للبارزانيين التي تضم عشائر باروجي والمزوريين والشيروانيين،يرتبط تاريخ الحركة التحررية الكوردية منذ أوائل القرن العشرين وليومنا بعائلة البارزانيين، وغدا مصطفى البارزاني شعلة للكورد طوال حياته النضالية، حيث اقترن اسم الشعب الكوردي باسمه. ولد مصطفى البارزاني في 14 آذار عام 1903 في قرية بارزان الجبلية القريبة من نهر الزاب الكبير والتي اصبحت عاصمة للبارزانيين التي تضم عشائر باروجي والمزوريين والشيروانيين، ولم تخضع بارزان قط للسلطات الحاكمة.
وتمتعت العائلة البارزانية بمكانة خاصة في المنطقة التي كان شيوخ النقشبندية تاج الدين وعبد السلام (جد ملا مصطفى) يقومون بحل وربط شؤون المنطقة. تعرضت الأسرة البارزانية الى التشريد والقهر على يد السلطات العثمانية في اعقاب اعدام الشيخ محمد والد مصطفى وقبيل ولادته لقيادته انتفاضة ضد الاتراك، وتولى ابنه البكر عبد السلام رئاسة العشيرة، والذي يعتبر أول من تبنى فكرة الاصلاح الزراعي في كوردستان والشرق الاوسط عندما سن قانوناً بتوزيع الاراضي بالتساوي بين فلاحي المنطقة. لم يبلغ مصطفى بعد العام الثالث من عمره عندما زج به الاتراك مع والدته وأسرة الشيخ عبدالسلام في السجن في اعقاب فشل انتفاضته التي اعلنها عام 1905. وفي عام 1916 شهد بأم عينيه كيف أعدمت السلطات اخاه في الموصل. ففي اعقاب حركة (تركيا الفتاة) عام 1908- 1909 ثار مجدداً الشيخ عبد السلام ضد الاتراك العثمانيين رافعاً راية النضال الكوردي التحرري. وقد دعا الشيخ قادة الكورد الى اجتماع في قرية بريفكان وأرسل الى (استانبول) يطالبها بتحقيق المطالب الكوردية والتي كان من أهمها منح الكورد حكماً ذاتياً واعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية في المنطقة وتخصيص الضرائب لتطوير المنطقة الكوردية. وفي عام 1914 قاد الشيخ عبد السلام انتفاضة جديدة التفت حولها العديد من العشائر الوطنية الكوردية، لكنه اخفق ولم يحقق اهدافه بسبب تعقيد الوضع الاقليمي والدولي الذي لم يكن ملائماً لحركة التحرر الكوردية، فلجأ الشيخ الى منطقة النفوذ الروسي من أورميا ومن هناك انتقل الى مقاطعة ناخجيفان ومن هناك عاد مجدداً، فألقي القبض عليه في أواسط ايلول عام 1914 في الشريط الحدودي المحاذي لايران وفي كانون الاول عام 1916 نفذ حكم الاعدام بحقه في ميدان مدينة الموصل، وعلى اثرها انتقلت زعامة العشيرة الى الشيخ احمد، الذي انتفض في عام 1919 مطالباً بحقوق الكورد في اعقاب الحرب العالمية الاولى الذين كانوا يطمحون في تشكيل دولتهم القومية طبقاً لمبادئ ويلسون الاربعة عشر وحق تقرير المصير للشعوب الذي كان يطرح من قبل موسكو وواشنطن في آن واحد. وتمكن البارزانيون بزعامة الشيخ احمد من تحرير العمادية من سيطرة القوات البريطانية التي كانت وراء تدمير وقصف قرى وقصبات بارزان. ويعتبر الشيخ احمد البارزاني الى جانب كونه زعيماً قومياً مصلحاً اجتماعياً عبر مشروعه الاصلاحي ورؤيته الخاصة بالقضايا والمسائل الدينية والاخلاقية وفي حماية الطبيعة.
وبما أن بارزان كانت مدرسة نضالية للكورد، فقد انخرط مصطفى البارزاني مبكراً في النضال العسكري- السياسي، ففي عام 1919 وهو ابن السادسة عشرة ربيعاً قاد فصيلاً مسلحاً، وفي الفترة ما بين 1919- 1922 التقى في موش بكوردستان الشمالية الشيخ سعيد بيران، كما أنه واخاه الشيخ احمد قد اقاموا في نهاية العشرينيات علاقات مع حزب (خويبون) وسار مصطفى البارزاني على رأس (500)من مقاتليه لدعم ثوار اكرى بقيادة الجنرال احسان نوري باشا، لكن الاتراك ردوه على اعقابه اثر معركة دارت بين الطرفين في منطقة أورومار.
لقد كان مصطفى البارزاني كوردستانياً يؤمن بان القضية الكوردية جزء لا يتجزأ وغالباً ما كان يستخدم العمق الكوردستاني خلال مواجهاته لقوات الاعداء. وكان منذ البداية يتسم بخصائص سياسية- دبلوماسية عالية، ففي عام 1930 كلفه شقيقه الشيخ أحمد بالالتقاء مع الملك فيصل لعرض المطالب الكوردية، وكان أربعة نواب كورد قد تقدموا في عام 1929بمطالب للملك فيصل بتخصيص 20% من موازنة الدولة لكوردستان. فالحكومات المتعاقبة اهملت كوردستان طوال التاريخ وفرضت عليها وبخاصة على بارزان حصاراً اقتصادياً غير معلن، اما البارزانيون بقيادة الشيخ احمد ومصطفى البارزاني فقد خاضوا في الفترة 1930- 1932 انتفاضة عارمة في اعقاب الغاء الانتداب البريطاني وقبول العراق كدولة مستقلة في عصبة الامم. مع تجاهل الحقوق القومية الكوردية.
لقد شاركت بريطانيا الى جانب الجيش العراقي الذي بلغ قوامه ثلث القوات العراقية التي هاجمت مناطق بارزان واضطر الشيخ احمد في كانون الأول عام 1931 من جراء القصف البريطاني اللجوء الى المناطق الجبلية الوعرة، فقد دمر الطيران البريطاني عشرات القرى الكوردية في بارزان. وهذا ما فعلته الدولة البريطانية كذلك في صيف وخريف عام 1945 عندما ساندت قوات نوري السعيد في قمع انتفاضة بارزان. فقد قاد مصطفى البارزاني عام 1943 انتفاضته الباسلة التي اجبرت الحكومة العراقية وعلى رأسها نوري السعيد على الاعتراف بالمطالب الكوردية بتشكيل اقليم كوردي من كركوك واربيل والسليمانية وخانقين ودهوك، لكن وبدعم من الانجليز تراجعت الحكومة العراقية عن وعودها.
وعندما انتهت ثورة بارزان 1943- 1945 انتقل الزعيم الكوردي مصطفى البارزاني على رأس ألفين من مقاتليه الى كوردستان الشرقية في 11 تشرين الأول 1945 عن طريق كيله شين- مه ركه فه ر (دالامير) نقطة المثلث الحدودي بين تركيا وايران والعراق لدعم تأسيس جمهورية كوردستان المنشودة، ولم تتوقف الطائرات العراقية والبريطانية عن القصف العشوائي لكوردستان وملاحقة البارزانيين حتى آخر نقطة من الحدود. وفي 22 كانون الثا