مجداً للجيشين الكردستاني والامريكي.. هل من الحكمة والانصاف معاداتهما؟

عبدالغني علي يحيى
    في صيف عام 1970 كنت محرراً في صحيفة ( التأخي) لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني p.d.k ومتواجداً في الموصل. وبناءً  على طلب من رئيس تحريرها المرحوم جرجيس فتح الله المحامي بأن ارافق المرحوم ادريس البارزاني في جولة له تفقد خلالها مدناً واقضية ونواحي في محافظتي نينوى ودهوك. وكانت محطته الاولى بعد مدينة الموصل في زيارته هي بلدة تلكيف التي كانت انذاك بدرجة ناحية ولما دخلناها كان في استقبال موكبه في تلكيف جمهور غفير من الاهالي وافراد من ضواحيها يتقدمهم مدير الناحية وبد الى الجميع فرحين مسرورين بالزيارة وبالاخص مدير الناحية وفيما بعد اذكر من بين الاسئلة التي وجهها البارزاني اليه، السؤال: كيف الوضع الان في تلكيف؟
ورد عليه مدير الناحية والابتسامات لاتفارق شفتيه: الوضع ممتاز سيما الامني، فبعد ان كان الشرطي لوحدةه يحمي القانون و الامن والاستقرار في الناحية، فان البيشمركة بعد صدور بيان اذار 1970 يشارك اخاه الشرطي في حماية امن واستقرار المواطنين، لذا فان الحوادث الامنية اصبحت نادرة للغاية !! 
اذا علمنا ان من شروط تقدم الامم وتحسن احوالها المعيشية و بلوغها الرفاهية، لاننسى ان الاعوام 1970- 1974 في محافظتي نينوى وكركوك بشكل خاص والعراق بشكل عام كانت اعوام خير واطمئنان ورفاهية بالنسبة للعراقيين، كل ذلك بفضل البيان المذكور ومشاركة البيشمركة في حماية الامن والسلام، نعم لن ينسى العراقيون السنوات الثمينة تلك في حياتهم ففيها امم النفط، وفيها  رسخت البنى التحتية للعراق وانجز الاستقلال التام للعراق وتوجت تلك السنوات مباشرة بالتنمية الانفجارية في البلاد.
 عودة البيشمركة لنينوى وكركوك ومناطق اخرى بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 كانت العودة الثانية لها، وكان من المتوقع ان يجني السكان ثمار تلك العودة التي ساعدتهم في البدء الى الانصراف الى الاعمال المنتجة ورفع الغبن الذي لحق بهم في ظل النظام البعثي الذي زج بهم في الحروب واشكال الدمار بعد أن سلمهم السيف وابعد عنهم المحرات، الا ان الذي حال دون استفادة الاهالي من العودة الثانية للبيشمركة هو معارضة تحب موصلية مهيمة على الموصل للبيشمركة بعد ايام واسابيع قليلة لعودتها الى الموصل وكركوك والمناطق التي استقطعها التعريب من كردستان. وما زال الاعتراض قائماً على عودتهم الى كركوك للمرة الثالثة من قبل ( المجموعة العربية) و ( الجبهة التركمانية) لقد ذكرتني المعارضة هذه للبيشمركة عام 2003 في اموصل وهذا العام 2019 في كركوك بزيارة المرحوم ادريس البارزاني التاريخية بحق الى الموصل عام 1970 وحديث مدير ناحية تلكيف الذي نص على انه بفضل مشاركة البيشمركة للقوات الامنية العراقية فان استقراراً مدهشاً ساد ليس تلكيف والموصل انما كل العراق لمدة (4) سنوات واكثر نتيجة الاقرار بالحكم الذاتي لكردستاني وانهاء الحرب فيها والذي ساعد في نهاية المطاف على سد الطريق بوجه الانقلابات العسكرية في العراق وعلى الضد على ماكان عليه الحال في الاعوام بين 1958 و 1968 السابقة على اتفاقية اذار وساهمة البيشمركة في توطيد الامن والسلام.
فالاعوام العشرة تلك شهدت (4) انقلابات عسكرية دموية وبمعدل انقلاب عسكري واحد كل سنتين مرة وبين انقلاب واخر كان يجري احباط محاولة انقلابية بين حين واخر ومن بين الانقلابات الشهيرة، انقلابات:  14 تموز 1958 و 8-2-1963 و 4-11-1963  ايضاً و 17-30 تموز 1968. نعم بفضل تمكين البيشمركة من ممارسة دورها فان الحروب والانقلاب العسكرية تراجعت وولت وخطا العراق اهم خطواته في مجال تحقيق الاستقلال الناجز والتمتع بثرواته ومن بينها ثروته النفطية، غير انه ما أن ادار الحكام ظهرهم للشعب الكردي وللثورة الكردية وقوات البيشمركة بعد اتفاقية الجزائر عام 1975 واذا بالبلاد العراقية تدخل في نفق مظلم من الفاشية و  الحروب الدولية واستئناف الحرب على كردستان.
بعد سقوط نظام الحرب والفاشية عام 2003 انتشرت قوات البيشمركة والاساييش الكردية الى جانب الجيش الامريكي في محافظتي نينوى وكركوك وامتد نفوذ الجيش الامريكي الى بقية المحافظات العراقية الاخرى. و نتيجة لذلك ثم القضاء على مظاهر الحرب والدكتاتورية وعسكرة المجتمع العراقي، وعدا الامن الى والسلام من جديد الى تلكم المحافظتين وبقية المحافظات العراقية، وتمكنت قوات البيشمركة والاساييش الكردية ان تحمي وبجدارة مناطق انتشارها خصوصاً في محافظتي نينوى وكركوك ومدينتي الموصل وكركوك.وتفانى الجيش الامريكي بدوره في الدفاع عن العراق والعراقيين سيما في المدينتين المذكورتين ومنذ عام 2003 والى الان فان هذا الجيش قدم نحو 5000 شهيد و 32000 جريح لاجل تمتع العراقيين بالسلام والديمقراطية والعيش الرغيد. الا ان الامر كما تبين لاحقاً لم برق للجهلة و العنصريين ومن في قلوبهم مرض من الذين جلبوا الويلات في الماضي والحاضر على الشعوب العراقية ، وكان حقدهم على البيشمركة رغم كونها جزءاً من منظومة الدفاع العراقية يفوق بكثير وما يزال حقدهم على الجيش الامريكي. بدليل وهذا على سبيل المثال.
زار وفدان موصليان عام 2003 مصيف صلاح الدين والعاصمة اربيل واجتمعا بالقادة الكرد، وفي اربيل التقى الوفد الثاني بالمرحومين سامي عبدالرحمن ومحافظ اربيل انذاك: اكرم منتك والح الوفدان على القادة الكرد سحب قوات الليشمركة ليس من الموصل فحسب بل من كل محافظة نينوى واذكر من بين اعضاء الوفد الثاني الدكتور الطبيب ادريس الحاج داود وكان من قادة الحزب الاسلامي لقد نصب الوفدان انفسهما ممثلين عن سكان الموصل في وقت لم يكن هناك من احد لينتخبهم ويتحدثون باسم الموصل، وكان خطأ كبيراً من القيادة الكردية في صلاح الدين واربيل استقبالهم واثبتت الوقائع فيما بعد انهم لم يكونوا يمثلون الموصل، والدليل على ذلك هو مطالبة مجلس محافظة نينوى المنتخب من الشعب الموصلي وفي منتصف شهر شباط 2019 بعودة قوات البيشمركة الى الموصل وطرد الحشد الشعبي منها عليه فان العداء للبيشمركة في الموصل لايعبر عن موقف اهاليها بل عن موقف زمرة شوفينية حاقدة، انظر الى التقاطع بين الوفدين غير المنتخبين وبين  مجلس محافظة نينوى المنتخب من قبل الشعب. في الموقف من  البيشمركة، القول عينه ينسحب على كركوك، اكثرية وتتمثل بالكرد  الساكنين فيها واقلية تتمثل بعرب التعريب والجبهة التركمانية، الاكثرية الكردية تطالب بعودة الاساييش والبيشمركة الى كركوك والاقلية العربية التعريبية والجبهة التركمانية تعارض هذه العودة، الاكثرية الكردية في كركوك وثقتها واثبتتها الوثائق ولغة الارقام والاحصائيات التركية  العثمانية والعربية العراقية الملكية، تقول دائرة المعارف العثمانية ( الانسلكوبيديا العثمانية في احصاء سكاني لها اجرته عام 1899 وفي الصفحة 3846 واحتفظ بالصفحة وسبق لي وان عرضتها على شاشة احدى الفضائيات العربية العراقية ، ورد ان 75% من سكان  كركوك هم من الكرد و25% منهم هم من العرب والتركمان والمسيحيين واليهود. ولدى الجميع في لعراق فان الاحصاء السكاني والتعداد العام للسكان في عام 1957 هو من اصح و انزه الاحصاءات السكانية في تاريخ العراق، ورد في التعداد السكاني لكركوك 178000 كردي و47000 عربي و 43000 تركماني وان 52% من سكان كركوك هم من الكرد و 48% من العرب والتركمان والمسيحيين. وتقول الوثائق انه من 80 مرشحاً لعضوية مجلس النواب العراقي في العهد الملكي كان 63 منهم كردا وال 17 الاخرين هم من العرب والتركمان والمسيحيين والمستقلين، وثبت فيما بعد انه كان من بين المستقلين عدد من الكرد، وبعد عام 2003 فان المحافظ المنتخب عبدالرحمن مصطفى كان من الكرد ، وفي انتخاب مجالس المحافظات كان عدد اعضاء مجلس محافظة كركوك 26 كردياً مقابل 14 عربياً وتركمانيا. عليه يجب الاخذ بارادة الاكثرية الكردية في كركوك عملاً بالديمقراطية وحقوق الانسان والاعتراف بكردستانية كركوك فالاصرار على عودة البيشمركة و الاساييش الكردية اليها.
لقد برهنت الوقائع مقبولية ومرغوبية البيشمركة لدى اهالي مدينة الموصل فبالاضافة الى مطلب مجلس محافظة نينوى المنوه عنه بعودة البيشمركة واجلاء الحشد الشعبي انه بعد ظهور الارهاب في الموصل عام 2003 فان الالاف من الشبك الشيعة والمسيحيين والايزيديين فروا من الموصل الى المناطق الخاضعة للبيمركة في بعشيقة وبرطلة وتلكيف وبغديدا (قرقوش) وكرمليس، في وقت لم يلجأ اي من الفارين الى المناطق الخاضعة للحكومة العراقية في عام 2008 شهدت الموصل موجتي نزوح للمسيحيين الى مناطق نفوذ البيشمركة ولم يلجأ اي مسيحي اثناء ذلك الى المدن الخاضعة للحكومة العراقية وقبل ذلك بنحو عام ، وبعد المجزرة التي ارتكبها الارهابيون بحق 23 عاملاً ايزيدياً في حي التأميم بالموصل، فان 5000 ايزيدي من كسبة وعمال وطلاب الجامعات نزحوا الى كردستان ومناطق نفوذ البيشمركة، حتى الايزيديين العاملين في بغداد تركوا الاخيره وعادوا الى مناطق نفوذ البيشمركة. ان لجوء الموصليين من عرب موصليين ومسيحيين وايزيديين وشبك الى مناطق سيطرة البيشمركة سابق على احتلال داعش للموصل يوم 10-6-2014 وتقول الاحصائيات ان ما يقارب 200000 شخص من تلك الفئات الاجتماعية نزحوا الى كردستان ومناطق نفوذ البيشمركة.
عملياً ومن خلال اكثر من حادث فان الموصليين وما زالوا يفضلون وفضلوا العيش في كردستان على العيش في العراق فضلوا حماية البيشمركة لهم على دونها من الحمايات وكانوا وما زالوا محقين في تفضيلهم واختيارهم. وتعد مطالبة مجلس محافظة نينوى بعودة البيشمركة الى مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى الى جانب مطالبتهم بمغادرة الحشد الشعبي للموصل، تعد تطوراً ايجابياً وتحولاً في عقل وموقف الانسان الموصلي ولو جاء متأخراً بعض الشيء اذ كان عليهم ان يطالبوا بالانضمام الى كردستان التي تقدمت باشواط كبيرة على العراق في مختلف المناحي، وكان من المحتم ان تتقدم الموصل كما كردستان في مختلف المناحي ايضاً، فيما  لو كانت قد طالبت بالانضمام الى كردستان وبدل من مطالبة بعض من المتعصبين العنصريين بمغادرة البيشمركة للموصل ومحافظة نينوى، كان على جماهير الموصل والنخب المثقفة والواعية فيها الاصرار على ضم الموصل الى كردستان التي كانت ايام زمان مقراً لولاية الموصل- ولاية كردستان.
ان مواقف النخب السنية العنصرية في الموصل العدائية للبيشمركة والجيش الامريكي بعد سقوط النظام السني في العراق يوم 9-4-2003 كانت من اسباب  ظهور ( القاعدة) و ( داعش) و كل المنظمات الارهابية على غرارهما، فالضغوط المستمرة على البيشمركة للانسحاب من الموصل والتصدي بين ان وان  للقوات الامريكية، لم تكن بريئة ولم تكن وطنية كما يعتقد بعضهم، بل كانت مديرة مقصودة ومشبوهة لاجل احلال الارهاب محل البيشمركة والجيش الامريكي، اذ بعد انسحاب البيشمركة من الموصل، رأينا كيف ان المنظمات الارهابية بدأت بالانتشار والسيطرة على  الموصل الى ان انتهت باحتلال داعش الموصل يوم : 10-6-2014 ان الذين كانوا يلحون على انسحاب البيشمركة من الموصل كانوا ينسقون مع الارهاب ظانين ومعتقدين، ان ذلك كفيل باعادة السنة الى الحكم في العراق، وهنا مكمن  الخطاً الذي حول السنة الى اداة طيعة بيد الارهاب لتدمير السنة سكانا ومدنا وقصبات وقرى، ان السنة الذين وقفوا وراء الحملات لاخراج البيشمركة من الموصل يتحملون مسؤولية ماجرى للموصل ولاهل السنة عموماً في العراق . وفي تتبعي لاحداث الموصل وقفت على حقائق منها ان الذين نادوا باخراج البيشمركة من الموصل كانوا في طليعة مستقبلى احتلال داعش للموصل و التعاون معه، ويكاد التاريخ يعيد نفسه، فها هم عرب كركوك وتركمانها في معاداتهم للبيشمركة ومنع عودتها الى كركوك اثبتوا انهم نسخة طبق الاصل للموصليين الذين قاوموا سلطتي البيشمركة والجيش الامريكي في الموصل، وما على جماهير كركوك التواقة الى السلام والعيش المشترك الا ان تهب بوجه الساعين الى اعادة عقارب الساعة الى الوراء، ان الرافضين لعودة البيشمركة الى كركوك، داعشيون قتله ارهابيون 100% لقد اضاع الموصليون واهل كركوك والى حد كبير العراقيون اجمع فرضاً ثمينه بعد سقوط النظام العراقي السابق في نيسان 2003 اذ كان عليهم المطالبة الدائمة ببقاء الجيش الامريكي في العراق وفتح قواعد عسكرية له فيه وببقاء قوات البيشمركة الكردية في محافظات نينوى وكركوك والاجزاء الكردية في محافظتي ديالى وصلاح الدين. كان على العراقيين ان يحذو حذو اليابانيين والالمان والكوريين الجنوبين في الترحيب بالجيش الامريكي وتوقيع اتفاقيات معه تقضي باقامة قواعد امريكية في العراق لعقود من السنين، ان العراقيين ليسوا اكثر وطنية من اليابانيين والالمان.. الخ من الشعوب التي تتواجد القواعد والقوات العسكرية الامريكية في اراضيها وليسوا اعقل منهم واثقف. ولا يغيب عن البال انه بفضل بقاء الجيش الامريكي في بلدانهم فانهم تقدموا في المجالات كافة، وكان من الممكن ان  يستفيد العراقيون من تجارب اليابانيين والالمان والكوريين.. الخ ويكيفوا انفسهم مع الجيش الامريكي ويمتنعوا عن التحرش به او مطالبته بالانسحاب من العراق والقول نفسه بالنسبة الى البيشمركة التي طالبوا باخراجها وما زالوا في كركوك يمتنعون عن عودتها.
في عام 2003 والاعوام التي تلته التقيت بالعشرات من الموصليين من مختلف الاصناف والاعمار، فلم القى متذمراً من البيشمركة أو الاحزاب الكردية .ولا اجانب الحقيقة اذا قلت، ان مواطني الموصل من شدة فرحهم بالبيشمركة والحزب الديمقراطي الكردستاني فان العديد منهم من اهالي الموصل واريافها كانوا يزورون الفرع (14) ل: p.d.k مطالبين المسؤولين في p.d.k بفتح مقرات للحزب والبيشمركة في قراهم وعلى ان يتحملوا هم نفقات المقرات في مجالات الايجار والماء والكهرباء.. الخ مرددين ابداً انهم مرتاحون من البيشمركة لأنها لاتجبر الناس على الدخول في صفوفها وذلك على الضد من الجيش الشعبي السابق الذي كان يرغمهم على حمل السلاح والتوجه الى جبهات القتال ضد ايران وفيما بعد ضد الكويت . يكفي ان نعلم ان اكثر من 200،000 موصلي هربوا من الارهاب في الموصل الى مدن اربيل ودهوك والسليمانية و ذلك قبل احتلال  داعش للموصل باعوام ولم يتوجهوا اطلاقاً الى بغداد والمدن الخاضعة للقوات الامنية العراقية.
ومن المواقف الانسانية النبيلة والصادقة للشعب الكردي و احزابه وقوات البيشمركة ازاء المعارضين العراقيين من شيعة وسنية احتضانها لهؤلاء المعارضين وحماية مقراتهم وفعالياتهم ولا نغالي اذا قلنا ان معظم القادة العراقيين الحكوميين الحاليين من شيعة وسنة من الذين تولوا المسؤوليت في العراق منذ عام 2003 كانوا يقيمون في كردستان وفي حماية ورعاية البيشمركة  ولسنت ادري لماذا يدير بعض  من ناكري الجميل هذه الحقيقة ويوقومون  باستفزاز البيشمركة والشعب الكردي على مدار العام.
ان قوتان عسكريتان رئيسيتان وبدرجة اولى حررتا العراق من الدكتاتورية والحرب والفاشية  الا وهما:  البيشمركة والجيش الامريكي فللبيشمركة فضل في مقارعة النظام العراقي في انتافاضة اذار عام 1991 حين حررت كركوك وتوابعها وكذلك خانقين وسنجار والشيخان…الخ ولعبت الدور الاكبر في تحرير المناطق المتنزاع عليها أو المستقطعة من كردستان. وكانت في طليعة القوات التي دخلت كركوك والموصل ..الخ  فلماذا كل هذا الحقد عليها وهي منذ عام 2003 تعتبر جزءاً من منظمة الدفاع العراقية تتلقى روابتها واسلحتها منها؟ أو لم تحرر البيشمركة مسافة 1050 كم ن داعش واحالت دون وقوع كركوك في قبضة داعش في حين عجزت القوات العراقية عن حماية الموصل وسلمت اسلحة نحو 6 فرق عسكرية الى داعش.
اعود الى مطالبة عرب سنة موصليين بعد عام 2003 الى مطالبة البيشمركة بالانسحاب من الموصل وعموم محافظة نينوى والى ممانعة عرب سنة من كركوك من عودة البيشمركة الى كركوك بعد مغادرتها لها في 16 اكتوبر 2017 وبعد تجريد العراق لحملة عسكرية ظالمة بقيادة قاسم سليماني والمئات من الجنود الايرانيين لاحتلال كركوك واقول ان كلاهما النخب العربية الشوفينية في الموصل وعرب التعريب والعنصريين من الجبهة التركمانية المعادين للكرد في كل الظروف والاجواء للكرد، ان  هؤلاء لا يختلفون عن النخب الطائفية الشيعية العراقية وقادة الحكم في طهران، لقد كان على العرب السنة وبالاخص عرب كركوك ان يصنعوا ببالهم احتضان كردستان لاكثر من 200,000 عربي سني فروا من الموصل بين اعوام 2003 – 2014 ومن بعدهم نزوح اكثر من مليون عربي سني اليها بعد احتلال داعش للموصل يوم 10-6-2014 دع جانباً القول ترحيب القيادة الكردية وعلى رأسها الرئيس مسعود البارزاني بنازحي محافظة الانبار السنية بمعزل عن شرط الكفيل الذي لوحت القيادة العراقية بوجههم عندما حاولوا دخول بغداد واختطف نحو 3000 منهم، من السنة في نقطة سيطرة بين بغداد والانبار، ان جميع السنة الذين لجؤا الى كردستان منذ عام 2003 من اطباء ومهندسين ومدرسين ورجال اعمال وو .. الخ يمارسون اعمالهم في كردستان وبكل حرية ويعقدون مؤتمراتهم في اربيل بين فينة واخرى. 
في مقال سابق لي نشر شهور من الان وفي الحوار المتمدن قلت ان الانكليز والامريكان كانوا ارحم المحتلين بالعراقيين، فالانكليز اسسوا الدولة العراقية وحرروا شعبها من الاحتلال العثماني اثناء الحرب العالمية الاولى، وفيما بعد اي بعد اي في عام 2003 حرر الجيش الامريكي شعوب العراق من اعتى نظام دكتاتوري وفاشي في العالم، فاسقطه وسلم العراق الى الشيعة. وفي كلت الحالتين بقي العراق الدولة في حين لم يتمتع العراق بالاستقلال والدولة المستقلة على يد المحتلين المسلمين كالعثمانيين و لصفويين ولا المحتلين الشرقيين كالمغول مثلاً. لقد حكم العثمانيون العراق ما يقارب ال 400 عام ولم يفكروا حتى بمنحهم حكماً ذاتياً. في عام 2010 زرت فنلندا وعدد من مدنها مثل هلسنكي ولاهتي وغيرهما، اللافت اني وقفت على حب واحترام شديدين لدى الشعب الفنلندي لمؤسس الدولة السوفيتية فلاديمير لينين، ولما استفسرت عن سر ذلك. قالوا: لقد منحنا لينين الاستقلال والسيادة بعد ان ذقنا مرارات الاحتلالين السويدي والقيصري الروسي). لذا على الشعوب العراقية ان تكون وفيه للانكليز ومن بعدهم الامريكان فلولاهم لكان العراق جزءاً من الدولة التركية الحالية مثل الاسكنندرونة وشمال كردستان…الخ لقد كان الخطأ الاكبر للامريكان بعد قضائهم على النظام الدكتاتوري الفاشي في العراق هو الابقاء على الجيش العراقي وقواته المسلحة الاخرى، اذ ان التجربة والعقل والحكمة كانت تقضي بان يعامل العراق بعد اسقاط ذلك نظام معاملة المانيا واليابان ومنعه بناء جيشه، فالعراق كما المانيا والبابان خاض جربين خليجيتين مدمرتين وفي كلتيهما كان البادء والمعتدي مثلما كانت المانيا واليابان قد خاضت حربين عالميتين غير عادلتين. الا انهما منعا فيما بعد من تشكيل الجيش وتنمية قدراتهما العسكرية، ولو كان المجتمع الدولي يسمع لهما بذلك، لكانت البشرية تدخل في حرب عالمية ثالثة- عليه اكرر ان من اخطائها ايضاً انسحابها من العراق تلبية لأمر من اوباما في مطلع عام 2011 ومن الاخطاء ايضاً عدم اقدامها على تقسيم العراق الى ثلاث دول: شيعية وكردية وسنية ما ابقى على الباب مفتوحا امام الحروب والصراعات الداخلية المسلحة.
هذه هي اخطاء الامريكان الكبيرة
في متابعتي للرافضين لبقاء الجيش الامريكي في العراق، تبين لي، ان قادة الجيش العراقي من المحترفين والمهينين من امثال رئيس اركان الجيش الفريق الركن عثمان الغانمي واللواء نجم الجبوري قائد عمليات نينوى.. الخ غير متحمسين لرحيل القوات الامريكية من العراق. فلقد اشادة الاول اكثر من مرة بدور القوات الامريكية. في مكافحة الارهاب وتدريب القوات العراقية وتسليحها واستقبلوا نبئ فتح مقر لقوات حلف الاطلسي في العراق بشكل اعتيادي كما ان اللواء نجم الجبوري اشادة في اخر تصريح له الى حاجة العراق الماسة لقوات التحالف الدولي.
بالمقابل فان المطالبين بسحب القوات الامريكية ومنع عودة قوات البيشمركة الى المناطق المستقطعة من كردستان، هم النفر الذي يفتقد الثقافة العسكرية والحرفية والمهينة العسكرية من قادة فصائل الحشد الشعبي الفوضوية امثال: ابو مهدي المهندس وقيس الخز علي وهادي العامري، ان هؤلاء يعملون على الحاق الدمار بالعراق، ومثلما كان صدام حسين مدنياً غير عسكري لايفقه من الامور العسكرية شيئاً ولو كان يفقه مبادئها الاولية لما كان يزج جيشه في معركة خاسرة ضد جيوش 31 دولة تحركت لدحر قواته من الكويت بسهولة لقد اثبت هذا الدكتاتور جهله بالامور العسكرية وفي حينه اذكر كيف ان الخبراء والقادة العسكريين من عرب واجانب ردوا تحديه لجيوش 31 دولة تلك الى انه كان مدنياً غير ملم بالعلوم العسكرية. ان المطالبين بانسحاب القوات الامريكية من العرق وعدم السماح  لقوات البييشمركة بالعودة الى المناطق الكردستانية المستقطعة هم نسخ مكررة من صدام حسين، وعلى العراقيين سد الطريق امام المغامرين الطائشين الجهلة من الذين يقفون على الضد من التواجد العسكري الامريكي في العراق ومن عودة البيشمركة الى المناطق تلك.
على امتداد تاريخ العراق الحديث والقديم، لم يكن هذا البلد خالياً من التواجد العسكري الاجنبي فيه بل كان ومنذ عام 630 للاحتلال الاسلامي العراق والى يومنا هذا مسرحاً لاكثر من 13 احتلالاً اجنبياً متتاليا له واذا اضفنا الاحتلالات الحالية لتركيا وايران وداعش له واضفنا اليه الانقلابات العسكرية التي وصفها الباحث القدير د.رشيد الخيون بالغزوات الداخلية وقمنا بتقسيم الاعوام بين 630 و 2014 على عدد الاحتلالات لتنيبن لنا ان العراق كان ينتقل كل نحو (50) سنة مرة من هذا المحتل الى ذاك، عليه والحالة هذه يمقدورنا القول ان العراق كان محتلاً طوال تاريخه ولم ينعم بحكومة وطنية قط اي ان القول بانعدام الوطنية لدى العراقيين صحيح، و ليعم المعارضون للتواجد العسكري الامريكي، انه في اللحظه الحالية هناك قوات اجنبية تعود للعديد من الدول في العراق، تركية، ايرانية، امريكية، استرالية، ايطالية، فرنسية، بريطانية واخرى لمنظمات مثل: داعش، حزب العمال الكردستاني، رجال الطريقة النقشبندية، القاعدة .. الخ.
 ان تصور خلو العراق يوماً ما من القوات الاجنبية ضرب من الخيال ولتبدأ الوطنية العراقية الصحيحة والمصلحة العراقية الصحيحة من تقدير واحترام دور الجيش الامريكي والولايات المتحدة ودور البيشمركة والشعب الكردي ومنح كردستان الاستقلال والسيادة باقصى سرعة. ولن تستقيم امور العراقيين الا بتحالف ابدي مع امريكا والاعتراف باستقلال كردستان العراق والاشادة بدور وبتفاني البيشمركة والجيش الامريكي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…