الحلقة ما قبل الأخيرة

دكتور هژار أوسكي زاخوراني
لهذا لا أتابع الأخبار كثيرا ،فالأعلام العربي والكردي لايدرس بل ينشر كل ما يطلب منه ،فيأخذنا من النقيض إلى النقيض ،فلا يخفى على أحد كيف أنكب المحللون وأصبح شغلهم الشاغل ولأيام عدة مناقشة وتحليل أسباب ونتائج الخروج الأمريكي السريع والغير متوقع من سوريا ،وتأتي بعدها اليقظة الفجائية الأمريكية بعد حوالي سبع سنوات بضرورة تأديب النظام السوري إثر أستعماله السلاح الكيميائي رغم إن هذه ليست المرة الأولى التي يستعملها وربما هذه المرة لم تكن بحجم سابقاتها من حيث عدد الضحايا والأثباتات، لسنا هنا طبعا بصدد الدفاع عن أحد أو التقليل من حجم المأساة الأنسانية ،بل محاولة فهم السياسة الأمريكية المتغيرةوالمتطورة في العالم ،نعم سيقول الجميع إن السياسات الدولية قائمة على المصالح ،هذا كلام سليم لكنه سطحي وبسيط ولايشرح الواقع بشكل دقيق ،أصبحت أمريكا كدولة عظمى لاتبحث عن مصالحها فحسب بل تصنعها ،وتحرض الأخرين على الرجاء منها وتقديم التنازلات لها  دون علمهم حتى وعلى طبق من ذهب وعندما تريد…(سياسة التوجيه )..
فمن المستحيل خروج أمريكا من سوريا بمعنى تركها ،بعد كل هذه الجولات دون أستفادة من كل هذه الجهود التي بذلتها ،حتى ولو لم تكن وزارة الدفاع هي من تدفع الفاتورة والأهم معرفة نقطة واحدة إن الولايات المتحدة لاتريد شركاء لافي العراق ولا في سوريا وأنتظرت منذ بداية الأزمة السورية تراقب الوضع وبعد الأنتهاء من تنظيم داعش ،نهضت لتعيد استلام زمام الأمور في اللحظة المناسبة بعد أنهاك كل القوى وأستنزاف طاقاتها… وبمباركة دولية وخليجية وإسرائيلية خاصة وهذا يذكرنا بالحرب الأهلية اللبنانية  ،وكل مايروج عن صدام مع روسيا خارج حدود المنطق ويبقى تهويلا ،فروسيا لاتملك النفوذ العالمي الذي تملكه امريكا ولا الشرعية المستمدة من الدول العربية ولا الدعم المادي ولاتستطيع تحمل أعباء الخصام مع الغرب، ولاتملك حلفاء كما تملك امريكا ناهيك عن التفوق الأمريكي في كل المجالات العسكرية و الأستخباراتية ولن تستطيع روسيا تحمل نفقات  القطيعة مع الغرب…. و….إذا ماذا يحدث …؟
كل ما هنالك إن خطوة عودة الملف السوري إلى طاولة الأمريكان هو المطلوب سواء عن طريق ضربة عسكرية ترغم الوجود الأيراني والروسي وحتى التركي على التقهقر أو عن طريق تنازلات كبيرة من هذه الأطراف بعد أن مهدت لأمريكا ما تريد ….
ماذا ينتظر سوريا …؟
هناك تياران في الأدارة الأمريكية أقواهما يريد أنتقال للسلطة دون تدخل مباشر أو جهد منها وهو الأقوى وتيار يريد الأطاحة بالسلطة السورية وهو ضعيف ولم تعد خياراته مطروحة حاليا ….
لذلك من المتوقع أن نشهد على المدى القريب أو البعيد سيطرة أمريكية أوربية على الأجواء السورية وشل قدرة النظام الجوية وقطع أتصاله مع العالم الخارجي مع أنهاء قدرته الدفاعية هو وحلفاؤه وأرغام أيران على تقديم تنازلات أكثر في ملفها النووي دون توجيه ضربة مباشرة على أراضيها وأختبار الأسلحة الأمريكية الجديدة وأثبات فعاليتها وتفوقها على الأسلحة الروسية ،وهذا ما يرفع الأسهم الصناعية الحربية الأمريكية كما حدث عندما ضربت الطائرات الفرنسيةالقواعد الليبية فأشترت  الأمارات العربية وحدها على سبيل المثال أكثر من ستون طائرة رافال خلال عام واحد  وغيرها من الصفقات ….
أما التغيرات الكبيرة على الأرض ربما ستطول بعض الشيء نتيجة  لتغيرات تقررها الأدارة الأمريكية وشركاتها تبعا  لمشاريعها في سوريا من إعادة الأعمار وغيرها….
وهنا ورغم المعاناة الإضافية على الشعب السوري يبقى التجهيز والتخطيط للمرحلة القادمة هاما جدا وخاصة للشعب الكردي ،وهناك ضرورة ملحة لأيجاد صيغة أو هيئة تجمع البيت الكردي ،لأن الوضع الحالي لايبشر بالخير في غياب التفاهم في العلاقة بين جناحي المسكن الكوردي في سوريا بعيدا عن الصلاح أو الأحقية أو الخير أو الشر فهذه سياسة ومن واجب الأحزاب أن تتجاوز أساليب الدعاية والتشهير والتخوين إلى أساليب نافعة لها وللشعب  فلكل جناح شعبية وتمثيل شعبي ،والوضع يحتاج هنا إلى وضع حجر أساس جديد برعاية جهة ذات مصداقية تجمع وتضع تفاهمات وخطوط عريضة ،والخارجية الأمريكية تسعى إلى هذا الأمر منذ فترة وقامت بممارسة بعض الضغوط على الطرفين ،و للوصول إلى هذه الغاية يتطلب الخروج من حالة الحزبية في المفاوضات وحتى تغير الكوادر المفاوضة إلى كوادر مختصة وذات خبرة و أشراك تمثيلات أخرى مثل الهيئات الشبابية أو حتى زعماء عشائر و عدم أملاء الشروط وبالضرورة عندها الأتفاق والتلاقي مع الطوائف والأثنيات الأخرى ووضع تفاهمات  معها وإن أمكن حتى أنشاء تحالفات معها .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…