مروان سليمان
لجأت الأحزاب الشمولية منذ نشأتها إلى تهميش دور المثقفين للتحكم بأعضاء حزبه و لكي تمتد سلطته على كامل المجتمع و المثقفين معاً و من يعارض هذه السياسة يعتبر من الأعداء للوطن و القائد. كما لجأت تلك الأحزاب إلى أدلجة الثقافة لكي تتلائم مع مقاس القائد الضرورة و عناصره من المصفقين و إنحرافهم لحساب التوجهات الفكرية التي تصدرها مكاتبهم و إعلامهم و هذا ما أدى إلى دخول المجتمع في صراع داخلي بين الأحزاب أو بين المثقفين أنفسهم.
هذا الصراع جاء من أجل أن ينوب عن الذي يدعي زوراً و بهتاناً بأنه سياسي و ضد المثقف الذي لا يقبل هيمنة هذا الحزب الشمولي و تسلطه أو استخدام ذلك المثقف نفسه كواجهة لهذا الحزب لتبرير ضحايا حروبهم العبثية و الدفاع عن سياساتهم الفاشلة و تحويل هزائمهم إلى إنتصارات و هذا ما يجعل المثقف المتحول يدفع ثمن تلك السياسة المصالحية أو الغرورية فيما بعد عندما تنجلي الأمور أمام عينيه و يجعل أدائه ضعيفاً و هشاً و هذا يجعله بعيدأ عن التطور و الرؤية الصريحة.
هذا كله أدى إلى تبسيط المجتمع و تفكيكه و تشريده بسبب التفكك في المؤسسات القائمة و جعلها تحت تصرف أشخاص لا يفقهون في السياسة و علومها شيئاً و هذا كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت بالناس إلى ترك الوطن و العيش في مناطق اللجوء هرباً من القمع و الحروب العبثية و الأفكار الطوباوية التي طرحتها الأحزاب الشمولية من أجل الهيمنة على المنطقة و بمباركة المخابرات الأقليمية و الدولية و وضعت تلك الأحزاب نفسها تحت تصرف تلك القوى تقدم الضحايا من الأبرياء مقابل رضا الأسياد.
و لهذا يتطلب من المثقفين أن يستعيدوا دورهم و لو في اللحظة الأخيرة من أجل الحفاظ على وحدة المجتمع و القيام بدور أكبر في الحياة السياسية لوضع حد للتدهور و الإنهيار و التحريف الذي يحصل في مجتمعنا منذ سنوات حيث لجأت الأحزاب الشمولية في تعطيل الدور الفعلي للمثقفين الذين يرغبون في توجيه المواطنين نحو الطريق الصحيح و لكن تلك الأحزاب الشمولية إتخذت من المتنورين و المثقفين واجهة لممارسة الإرهاب ضدهم و ضد كل من يخالف فكرهم الشمولي.
في الأحزاب الشمولية تسلقت الحثالات نحو السلطة و تمكنت من مصادرة القرار السياسي و جعلت المواطنين يكرهون السياسة بسبب وضع تلك السياسة و الثقافة تحت تصرف أيديولوجيتهم الحزبية و لكي يكسبوا العناصر الجديدة الذين يعانون من نقص التعليم و الثقافة و حتى السلوك الإجتماعي و هذا أدى بتلك العناصر الداخلة الجديدة و التي لا تفقه شيئاً سوى ترويج الأفكار التي يتلقاه صباح مساء إلى إستعمال العنف و القمع و فرض الأتاوات و التفنن في أساليب النصب و الخداع و التمويه و غيرها من الأساليب حتى تم استخدام السلاح ضد المناوئين و المعارضين لسياساتهم و حتى أحياناً تلك الأحزاب الشمولية لم تسلم نفسها من بطش تلك العناصر و تعسفها.
إن كسب العناصر و جعلهم من أنصار تلك الأحزاب الشمولية بغير أن يكون هناك ضوابط لذلك تعتبر من أفضل السيئات في صنع الهربجية و المصفقين و يعتبر من أقصر الطرق التي تتبعها تلك الأحزاب الشمولية من أجل الوصول إلى مبتغاها الجماهيري و نشر أيديولوجيتهم بين تلك الأوساط و لهذا فإن الأحزاب الشمولية تتحمل مسؤولية الإنقسام الحاصل في المجتمع بسبب فسح المجال أمام الحثالات إلى القمة و هذا يشكل خطراً كبيراً على المجتمع لأن تلك العناصر المنحرفة و عند تبؤهم للمناصب يصعب التحكم فيهم و هذا ما يؤدي إلى استخدامهم العنف من أجل الحفاظ على مناصبهم و مستوياتهم الجديدة و هو ما يدفعهم أكثر للإنتقام من المعارضين لهم و التعامل معهم بقسوة بسبب الغرور و التعالي على المجتمع الذي يعيشون فيه.
09.06.2018