الأمازيغي: يوسف بويحيى
لم يكن تواجد قوات سوريا الديموقراطية ذات الأغلبية الكوردية الكاسحة أبدا وجودا ٱستراتيجيا في المناطق العربية (الرقة،دير الزور،منبج) بل وجود تكتيكي لا أقل و لا أكثر ،إذ كان متوقعا منذ البداية أنه وجود مرحلي لتداعيات محاربة داعش ،مع العلم أن محاربة القوات الكوردية لداعش في المناطق العربية المذكورة لم تكن أبدا من أولوياتها ،كون هذه الحرب مجانية و خسارة على الكورد في ظل تواجد قوات عربية نظامية تستطيع الدفاع على مناطقها ،مقابل ذلك و خدمة لأخوة الشعوب ترك قادة pkk و pyd المناطق الكوردية في متناول داعش كوباني مثالا.
إذا تمعن أي عاقل في ممارسات النظام السوري و التركي و الإيراني و تكتيكاتهم العسكرية الحالية سيستنبط أنها شبيهة بتكتيكات تنظيم داعش الإرهابية ،فقط الإختلاف يكمن في أن خطوات هذه الأنظمة في المنطقة تتم بشكل رسمي و مكشوف إلى حد ما ،حيث كانت عفرين أول منطقة بيعت في البازار الكوردي و الٱقليمي قبل الدولي بين كل من العمال الكوردستاني بفرعه السوري pyd و تركيا و إيران برعاية روسية ،بينما إلى الآن مازالت المفاوضات تجرى على كل من كوباني إلى قامشلو…،والتي ستباع بنفس الطريقة مهما طال الوقت إذا بقي الحال على ما هو عليه بدون أي حس قومي و إنساني من طرف العمال الكوردستاني ،مع العلم أن الشيء الوحيد الذي يستطيع إيقاف هذه الكارثة التي ستحل على روجاڤا هو إعادة النظر الأمريكي في بقائه في سوريا.
من جهة فبقاء القوات الكوردية في المناطق العربية مجرد شيء مؤقت ،كون أن رغبة إيران و النظام هي إعادة تجربة الغوطة على مناطق الرقة و دير الزور و منبج قصد إبادة العرب السنة و تغييرها ديموغرافيا إلى شيعة ،بوادر هذه النية بدأت عندما أعلن الناطق الرسمي لقوات سوريا الديموقراطية إنسحاب عدد كبير من القوات الكوردية من المناطق العربية قصد الإلتحاق بمقاومة أهل عفرين إبان العدوان التركي الغاشم ،الحقيقة أن الإنسحاب تم لكن الشيء الذي لم يتم هو أن هذه القوات لم تتجه نحو عفرين بل إلى النبل و الزهراء بأمر من إيران و النظام كضربة لأمريكا ،ما فسرته أمريكا بأنه خطر و خطأ كبير قد يعيد نشاط داعش من جديد ،فما كان للأمريكيين سوى أن يرسلوا قوات أمريكية إضافية أخرى و فتح الطريق للسعودية و الإمارات بتشكيل قوات عربية لسد الثغرات التي تركتها القوات الكوردية ،هذا الشيء زاد من قلق إيران و النظام السوري بإعتبار إياه تقوية للمعارضة السورية من جديد و تثبيت العنصر السني داخل سوريا ،هذا الشيء الذي جعل النظام السوري يهدد و يتهجم على قوات سوريا الديموقراطية مع أن المقصود على حد نيته القوات العربية السنية لأن أغلبية قوات العمال الكوردستاني و الإتحاد الديموقراطي إنسحبت منذ مدة.
إن مسألة الصدام العسكري بين النظام و قوات قسد تبقى مسألة تقف على التفاهم الأمريكي الروسي بالدرجة الأولى ،مع العلم إذا تخلت أمريكا على “قسد” سنشهد نفس مسلسل عفرين يعاد ،من خلاله سترفض القوات الكوردية المتبقية تسليم المناطق للنظام بعد الهجوم ستنسحب قصد إنجاح خطة التغيير الديموغرافي لهذه المناطق ،بينما هذه الأحداث تبقى متعلقة بالقرار الأمريكي إذا منحت الضوء الأخضر مقابل المزيد من الإمتيازات الإقتصادية في سوريا ،لهذا فإن تواجد قوات “قسد” بالأخص الكوردية منها و دفاعهم على المناطق العربية كان خطأ كبيرا إرتكبه قادة الكورد خدمة لمصالح النظام السوري و الإيراني و الروسي بالمقابل تركوا روجاڤا كلها عرضة للإرهاب ،لولا تدخل البيشمركة بضغط “مسعود البارزاني” على التحالف الدولي لإيقاف المؤامرة الشمولية في كوباني لكانت روجافا كلها ضحية داعش ،بالإضافة إلى أن الوضع الراهن لسوريا لا يبشر بالخير أبدا بخصوص المناطق الكوردية المتبقية التي أراها فوق برميل بارود قابل للإنفجار في أي لحظة ،دون نسيان أن قادة pkk و pyd هم السبب في كل هذه الكوارث الجارية و التي تحاك مستقبلا.
تضارب مخطط إيران (النظام السوري) التي تطمح إلى تغيير طائفي لسوريا عموما ،بينما تركيا ترصد التقدم صوب كوباني و قامشلو و منبج…بالضبط كما فعلت في عفرين ،ما سيؤدي إلى صدام كبير بين إيران و تركيا (مع الدول العربية السنية) علما أنه فخ روسي_أمريكي مخطط له مسبقا ،كل هذه الأشياء واردة إلا إذا إتخدت أمريكا و روسيا قرار طرد تركيا و إيران من سوريا بشكل فوري كمخطط نهائي روسي أمريكي كذلك.
قد يتساءل البعض عن دور الكورد و أية آفاق لهم في كل هذا؟! ،الجواب أن الكورد إتخدتهم إيران و النظام السوري فقط كجنود حرب لا كمكون سوري ،كما أن المشكلة لا تكمن في تخاذل النظام و إيران و روسيا بل في أن القادة الكورد خصوصا pkk و pyd المسيطرين سياسيا و عسكريا في كوردستان روجاڤا لم يكونوا بقدر المسؤولية و باعوا كل شيء دون نتيجة إيجابية على الكورد ،إلى هنا لم يتبقى للشعب الكوردي سوى أن يعيد النظر و التدقيق في طبيعة و حقيقة تنظيم العمال الكوردستاني و الإتحاد الديموقراطي الذي يقود الكورد إلى الهاوية و الزوال ،من اجل إنقاد ما يمكن إنقاده.