الأمازيغي: يوسف بويحيى
كثيرا ما يجد البعض حجته الضعيفة بالقول أن الزعيم “مسعود البارزاني”””” متدين مسلم ليحسم بعض الردود التي لا يجد لها جوابا ،لكن ما لا يعلم هذا النوع أنه إنغمس في مستنقع يعود بالعقل الكوردي إلى القاع عوض الصعود ،والحقيقة الفصل هي أن “مسعود بارزاني” مسلم و إسلامه تاج على رؤوس البشرية جمعاء و لكنه ليس إسلاميا ،هنا يكمن الفرق.
لم يقرأ و لم يسمع الشعب الكوردي أبدا من الزعيم “مسعود بارزاني” دعوة إسلامية أو فتوى او مشروع إسلامي ،بل كل ما يدعو له دولة كوردية ديموقراطية علمانية تعددية حداثية ،الجذير بالذكر أنه الزعيم الوحيد الذي دافع عن الكورد جميعا مهما كانت دياناتهم و أفكارهم و توجهاتهم و إديولوجياتهم ،وهذا يظهر في قاعدة حزبه الوحيد الذي يقبل أي مواطن في كوردستان سواء كان عربيا أو كورديا أو تركمانيا…،من هنا يتضح أن مشروع بناء دولة مدنية علمانية ديموقراطية لا تعارض أبدا حريات الشعب ،بل الإسلاميين فقط من يرونها بعقلية قاحلة معششة رغم التباهي بالإعتدال و الوسطية.
“مسعود بارزاني” مسلم نقشبندي كما يدعي البعض ليبرر قوله الضعيف ،لكن هل دعا لدولة إسلامية أو قال بأن الإسلام الحل الأوحد ،بالمقابل رفض كل أنواع التبعيات المذهبية و دعا إلى دولة مدنية تعددية ،لأن طموح البارزاني كبير عكس ما يعتقد البعض لإرادته دولة كوردستانية كاملة و مكتملة فكريا و إجتماعيا و ثقافيا و سياسيا و إقتصاديا و تعدديا لضمان بقائها و تماسكها مهما تغيرت المعادلات ،مع العلم أن الدول التي تبني على الدين و العرق الأحادي مهما طالت فنتيجتها الدمار و الزوال ،لهذا “مسعود بارزاني” إستفاد من تجارب التاريخ و كيف لا وهو ذاكرة كوردستان المعاصرة بدون منازع.
إن الدولة الكوردية لو أرادها “مسعود بارزاني” دولة إسلامية سنية لتدفق عليه التأييد من كل الدول أولهما تركيا و السعودية ،ولو أرادها دولة إسلامية شيعية لركضت إليه إيران بلهف ،لكن هنا يكمن ذهاء الزعيم الكوردي و إرادته القوية التي لم تنكسر و وفائه العظيم على حد قول الحديث “رحم الله عبدا عمل عملا صالحا فأتقنه” ،فكوردستان على مر التاريخ مكان للجميع لهذا فنجاح قيامها يستوجب الأخد من طباع التاريخ الكوردي الإنساني الحافل.
رغم مرجعية فكر البارزاني المتحرر و المعتدل و المنفتح إلا أن الغرب رغمه الراعي الرسمي لهذا الفكر يبقى أكبر الأعداء لمشروع الدولة الكوردية لسبب واحد مدروس منذ مئة سنة قبلا ،بصريح العبارة و بجواب ملخص أن الداهية البريطاني “برنارد لويس” أكد و قال أن قيام دولة كوردية بالشرق بمثابة جدار حضاري على أروبا ،هذا يتضح بشكل ملموس جدا كيف حول “مسعود بارزاني” كوردستان إلى دولة قائمة تنافس دول الخليج و الشرق أمنا و بنيانا رغم قلة الإمكانيات ،دون التطرق إلى مشروع الهلال الشيعي الماسوني الذي مازال البيشمركة إلى اليوم العقبة الأكبر في عدم إكتماله…
فالشعب الكوردي يرى في العظيم “مصطفى البارزاني” و الزعيم “مسعود بارزاني” صوت الحق و أمل قيام الدولة الكوردية و صمام أمان كوردستان و شعبها و جبالها ،كان همهم خدمة الشعب و إنتزاع حقوقه المشروعة و المسلوبة ،فلم نسمع أبدا من هؤلاء العظماء أي إقصاء لطرف كوردي مختلف فكرا و توجها و دينا و لونا…،بل لم يكن لهم أي مشروع ديني سياسي بقدر ما كان لهم مشروع قومي تحرري بمعناه الواسع على كوردستان الكبرى ،بمفهوم القومية الإنسانية القابلة لكل الأعراق و الإنتماءات تحت راية كوردستان التاريخية و الجغرافية ،لا القومية المتوحشة بمفهوم العصور الغابرة و القرون الوسطى و الإقليمية التي دمرت البشرية و الكورد على وجه الخصوص.
كوردستان لن تنجح إلا بمشروع “مسعود بارزاني” القومي السلمي التحرري العلماني التعددي الحداثي ،فمن يعتقد العكس فليطرح البديل و أتحداه أن يصمد فكره و بديله لخمس سنوات كما صمد فكر و مشروع البارزاني لمئات السنين و مازال الأقوى و الركن الأساس و المرجع و سيبقى ،فلو رجع البعض فقط للتاريخ و التمعن في بعض الأحزاب ذات الإديولوجية الدينية و القومية و الشيوعية الكوردية المؤسسة بعد حزب “البارتي” التي فشلت و إنهارت لإفتقارها الموضوعية و الفكر و المشروع لتأكد أن النضال مسألة عمق و ليس ثرثرة ،في حين مازال مشروع البارزاني قويا متماسكا صامدا لأنه مشروع إنساني شامل قبل كل شيء ،بالضبط هذا ما يفتقره الإسلاميون و الشيوعيون و ما بينهما.
إني أتمنى إلى من يجد ضالته بالإستدلال و الإفتراء بالحجج الضعيفة أن لا يدخل شعبان في رمضان و أن لا يخلط الحابل بالنابل ،فكوردستان قادمة بسواعد البيشمركة و قائدها العظيم “مسعود بارزاني” رغم أنوف الأعداء و الخونة و المرتزقة ،فالكورد لا يريدون ضيعة تلجم فيها الأفواه بكلمة واحدة بل يريدون كوردستان وطنا يتسع لكل الكلمات لهذا هم مع البارزاني ،شريطة ألا تكون هذه الكلمات مسمومة الجوهر رغم جمال ألفاظها عند من يزعمون الإعتدال و الوسطية الإسلامية.