بين انزعاج بغداد من تسليم مجرم لألمانيا وتباكي باريس على الكلبة لايكا في الستينات

عبدالغني علي يحيى
   تضمن رد فعل وزارة الخارجية العراقية على تسليم حكومة أقليم كردستان للمدعو (علي بشار أحمد) الذي اغتصب وقتل الطفلة الألمانية سوزانا إلى السلطات الأمنية الألمانية انتقاداً ضمنياً لحكومة كردستان بشكل اوحى وكأن الحكومة العراقية جد حريصة على التقيد بالأنظمة والقوانين مقابل خرق حكومة الأقليم لها. وورد في الرد أن (لا اتفاقية مشتركة بين البلدين لتسليم وتبادل المطلوبين الذي هو صلاحية سيادية تختص بها وزارة العدل الاتحادية ) علماً ان الفتاة يهودية ومن سكنة منطقة مانيتس بالقرب من مدينة فرانكفورت الألمانية حسب المجلس المركزي اليهودي في المانيا وسلمت مديرية شرطة دهوك الجاني وهو من مواليد زاخو 1997 إلى المانيا بعد أن اعترف بخنقه الفتاة الألمانية بيديه
ان الرد الحكومي العراقي قد يذهب بالقاريء غير العراقي إلى النطن بسريان حكم القانون في العراق بشدة على غرار سريانه في ارقى الديمقراطيات الغربية مقابل جهل فظيع لحكومة كردستان به (حكم القانون  وانعدام الاخير في كردستان.
 قول الحكومة العراقية الذي ورد على لسان ممثلها (أحمد محجوب ) ان تسليمه (القاتل) إلى المانيا مخالف للدستور ) ذكرني بالحادث التالي: 
في مطلع الستينات من القرن الماضي، اطلق الاتحاد السوفيتي السابق الكلبة (لايكا) إلى الفضاء الخارجي . وفي حينه احتجت الحكومة الفرنسية بقوة على عملية إرسال لايكا تلك واتهمت الاتحاد السوفيتي بعدم الرفق بالحيوان واهابت بالعالم وبمنظمات الرفق بالحيوان على وجه الخصوص للتنديد بالسوفيت والأحتجاج عليهم. ولقد تزامنت العملية السوفيتية الفضائية مع الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي لأجل الاستقلال والسيادة، ولم يكن ليمر يوم انذاك دون ان تقتل فرنسا العشرات من الجزائريين بحيث ان الجزائر لقبت ببلد المليون شهيد. وعلى اثر الاحتجاج الفرنسي ذاك رد الاتحاد السوفيتي على فرنسا وجاء رده مفحماً، اذ ورد في رده: ان فرنسا تحتج وتتباكى على (لايكا) وتحرض المعمورة ومنظمات الرفق بالحيوان على الاتحاد السوفيتي وهي (فرنسا) التي تقوم بقتل يومي للعشرات من الوطنيين الجزائريين وتلقي بالمئات منهم في المعتقلات والسجون، لكنها في موضوعة لايكا نراها تذرف دموع التماسيح.
وما أشبه تباكي الحكومة العراقية على القانون الذي تتهم حكومة كردستان بخرقه بتباكي باريس على الكلبة (لايكا) عام 1962، وفي العراق خرق للقانون والدستور ومن اعلى المستوايات البرلمان، الحكومة …الخ ولقد كان الدكتور اياد علاوي مصيباً حين قال قبل اسابيع (ان شريعة الغاب تحكم العراق )دع جانباً الاقوال من قبيل وصف مساويء العراق على وزن افعل، أسوأ نظام تعليمي وصناعي وزراعي وامني وخدمي ..الخ وسط غياب حكم القانون في العراق. بلا شك ان الذي اغضب بغداد ليس تسليم الجاني الى برلين بل لقيام كبير المسؤولين الأمنيين الألمان بزيارة اربيل دون المرور ببغداد، فقيام سلطات كردستان بتسليم الجاني إلى المانيا دون استشارة بغداد، ناهيكم من أن عملية التسليم عززت من مكانة حكومة كردستان لدى أوروبا والعالم المتمدن اذا علمنا ان جرائم كثيرة يرتكبها عراقيون وعرب ومسلمون من اللاجئين في الغرب بحق السكان الاصليين هناك من غير أي تعاون من جانب الدول العربية والاسلامية مع الدول الغربية لملاحقة المجرمين واعتقالهم كل الشكر والتقدير لحكومة كردستان لتعاونها مع الحكومة الألمانية وتسليمها الأخيرة لقاتل الفتاة الألمانية البريئة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…