أسباب فشل الكورد في تحقيق أهدافهم

مروان سليمان
حين نستعيد شريط الذكريات القديمة نكتشف كم كنا بريئين و كيف كنا نمد جسور الوفاق و التصالح بين ما يسمى بالمجلسين الكورديين حيث ذهبت كلها أدراج الرياح و بأن ثمار ما تم زرعه في ذلك الوقت قد تم إتلافها ليس بسبب حادثة مرورية صغيرة و إنما هذا الشعور نابع من مناخ و أجواء و مرارات و مشاعر العديد من المحيطين و الذين عايشوا الأحداث بعينها و هذا يجعلنا بأن الذين كنا أو التي كان البعض  يعقدون عليهم الآمال قبل أعوام قد إختلف تماماً حيث أصبحنا أمام مشهد لم تخطر لنا ظواهره و قسماته على بال أحد منا و أضعف ما يقال عنه هو أن شرخاً حدث في العلاقة بين الكورد أنفسهم و تحول مع مرور الزمن إلى فجوة عميقة و تزداد إتساعاً كل يوم و مع الأسف فإن جهود إصلاح تلك الفجوة و ذلك الشرخ حققت فشلاً ذريعاً حيث تراجعت فرص المصالحة و حتى ماتت فكرة العيش المشترك و وصلنا إلى حالة من اليأس و التي يمكن أن تتطور نحو الأسوأ إذا لم نتداركها بعناية تامة و الوقوف عليها بجدية و إخلاص و إذا لم يشارك الجميع في توضيح خطورة الآثار الناجمة عن تراكم هذا الكم الهائل من الخلافات و فضح كل من يرفض الإجماع الكوردي لأنه بغير ذلك لن يستطيع أحد حفظ كرامة الإنسان الكوردي في مجتمعه الذي ينتمي إليه، و علينا أن نأخذ التسامح كعنوان للعلاقة بين المجتمع الكوردي. 
السؤال الذى يستحق أن نفكر فيه جيدا هو: لماذا فشلت جهود تأسيس العيش المشترك؟ إذا استبعدنا فكرة المؤامرة أو الأدوار الخارجية أيا كانت دورها، و إن من أسباب تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا أننا لم ننجح فى التوصل إلى تشخيص صحيح للمشكلة، واختزلناها فى بضع طلبات تتعلق بزيارة القبور و إقامة الأربعينيات وشغل الوظائف وحصص التمثيل فى المجالس المنتخبة والمناصب العليا في الهيئات و الفعاليات التي تشكلت في الفترة الأخيرة. كأن الوضع سوف يتصلح و الآلام والمرارات سوف تختفى والنفوس سوف تصفو إذا تمت الاستجابة لتلك الطلبات.
كما إن سقف محاولات ترقيع الواقع و العمل معاً يرتفع حينا بعد حين، وإن مطلب المساواة فى الحقوق والواجبات لم يعد كافيا ولا مطلب التعايش بات مثيرا للحماس. وإنما استشعر أحد الطرفين أنه فى مركز قوة و يحمل السلاح و تدعمه الأنظمة الأقليمية و الدولية و هذا ما كان يشجعه على أن يطلب من الطرف الآخر أن يتنازل عن كل ما لديه من مبادئ وتعاليم مما أدى إلى حالة الضعف و الوهن في الحالة الكوردية بشكل عام.
  هذا كله أدى إلى إغلاق باب الحوار و المصالحة و التعامل المشترك و كانت النتيجة هي إن جسور الحوار الحقيقى لم تعد قائمة، وإن المؤسسات التى يمكن أن تنهض بهذه المهمة جرى تغييبها أو اختطافها، فصغر شأنها واختزلت فى أشخاص جاهلين يحملون السلاح و بيدهم مفاتيح القوة آثروا استخدام الضغوط وممارسة لى الأذرع بديلا عن الحوار.
و السبب الأخر في الفشل هو هشاشة المواقف و ضعفها داخل الهيئات بسبب التعامل غير المتزن و البحث عن المصالح و المكتسبات الحزبية الآنية أكثر من البحث عن مصلحة عامة الشعب و هذا ما دفع بالبعض الآخر إلى الإحتماء بالأقوى كما حصل مع صالح كدو و محمد موسى و غيرهم و تعاملت الهيئات القوية التي تحمل السلاح و وضعت نفسها في خدمة الآخرين مع الهيئات الضعيفة كمنافس و ند لها و أصبحت تحاربها على جميع الأصعدة فعملت على حرق مكاتبهم و إعتقال قياداتهم و قتل أعضاء الأحزاب و خاصة المنضوية تحت سقف المجلس الوطني الكوردي كما حصل في عامودا.
و هنا تدخل سبب آخر و هو إن مناخ التعصب والحساسية أصاب الجميع بسبب الأعمال الفظيعة التي قام بها حركة تف دم بحق الشعب الكوردي، فظهرت أعراض تلك الخلافات على الرأس والجسم عند طرف المجلس و هو محاولة بث الفرقة بين ممثلي الأحزاب حتى تكون نسبة الفشل بينهم قوية جداً، فى حين ظل الطرف الآخر محتفظا بتوازنه بسبب تقديم الدعم العسكري و المادي له و هذا لم يكن بسبب حنكته أو مراوغته و إنما بسبب جهله للأمور و تخليه عن المبادئ القومية و تحقيق أهداف الشعب الكوردي و وضع نفسه كجنود تحت الطلب يحارب في جميع الجبهات على حساب دماء شباب الكورد و هذا ما أدى به إلى إفتعال الحروب و تدمير المنطقة الكوردية كما حصل في كوباني و عفرين ، وظهرت أعراض التعصب من خلال ردات الفعل لدى ذلك الطرف الآخر وأحدث ذلك خللا فى قنوات الاتصال أصبحت خارجة عن السيطرة.
و أخيراً نقول جوهر المفاصلة الحقيقية و الخلاف الناشب ليس بين الكورد أنفسهم ولكنه بين سلطة فرضت نفسها بقوة السلاح في غفلة من الزمن وبين المجتمع الكوردي الذي أصبح أسيراً للسياسات الهمجية لذاك الطرف الذي أصبح يعمل من أجل تحقيق أجندات الدول الإقليمية و الدولية بدون أن يكون لهم في المعادلة ناقة و لا جمل إلا قبض أثمان أكفان القتلى في معاركهم الخارجية  و البعيدة كل البعد عن الحدود الكوردية و ليس من مصلحتهم التعامل مع الطرف الكوردي الآخر لأنهم لا يريدون أن يضطلع الآخرون على أسرارهم و مخططاتهم ضد الكورد شعباً و وطناً.
02.07.2018

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….