أهل عفرين أولاً..

حسين جلبي
إذا أردت أن تحرر عفرين من الأتراك، وتتخلص من اللصوص والمرتزقة، وتستعيدها وتعود إليها، فعليك أن تعد العدة لذلك، فتبدأ بالتفكير بما حدث منذ البداية؛ وتمتلك الشجاعة لتشخيص المشكلة، والجهر بالحقيقة التي يراها حتى الأعمى، وهي أنك تخليت عن مدينتك في محطات مصيرية؛ ولم تتضامن مع أهلها عندما كنت على الأرض، وكان ذلك مفيداً وقتها، وكان يمكن أن يمنع وصول الأمور إلى ما هي عليه اليوم.
أما حملات تبادل اللايكات مع أصدقائك على الفيسوك؛ لأظهار ألمك مما جرى للمدينة ولتبرئة ذمتك، وتخوين من لا يشاركك وهم المقاومة الذي تعيشه؛ فسوف تنتهي ـ دون نتيجة ـ من حيث بدأت، ذلك أن هذه الدائرة الزرقاء أصبحت للتسلية أو للتنفيس عمن يعانون جنون العظمة، وهي على كل حال مغلقة على المقيمين فيها، ولم يعد أحد خارجها يسمع بمن فيها؛ الذين أصبحوا بدورهم منفصلين عن الواقع، ولا يأبه بالأعمال البطولية التي يتوهمون بأنهم يقومون بها، بمجرد رصفهم للكلام العاطفي.
عليك أن تكرس جهودك الآن، للعمل على تحرير عشرات الآلاف من أهالي عفرين؛ الذين اختطفهم حزب العمال الكُردستاني إبان فراره أمام الأتراك، عندما اتخذهم دروعاً بشرية وتسلل بينهم تحت جنح الظلام، ويتخذهم الآن رهائناً، ويستعملهم خزاناً بشرياً ومالياً؛ ويبني لذلك مخيماً للتفريخ الايديولوجي في براري الريف الحلبي، يشبه مخيم “مخمور” الذي أقامه الحزب قبل عشرات السنين في إقليم كُردستان، في الوقت الذي يمتلك فيها هؤلاء بيوتاً وأملاكاً وحياةً كريمة في عفرين، إلا أن مسلحي الحزب وبأوامر من شبيحة نظام الأسد، يمنعونهم بقوة السلاح من العودة.
جيد أن تنتقد ما يجري للمدينة، لكنك تتعامل بذلك مع الخطوة الثانية في التغيير الديمغرافي الذي تتعرض له، وهناك خطوة أولى سبقتها بحاجة للوقوف عليها بشجاعة، وهي إرغام أهلها على ترك بيوتهم بعد تفخيخها، أو التهويل لدفعهم إلى الخروج من مدينتهم. إن عودة هؤلاء هي الخطوة الأولى في تحرير عفرين. إذا عادوا، فستعود البيوت لأصحابها وعفرين لأهلها، ولن يجد الأتراك ومرتزقتهم لأنفسهم عندها مكاناً في المدينة.
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2055097311168295&set=a.19713974363073
7.53778.100000041384924&type=3&theater¬if_t=feedback_reaction_generic¬if_id=1530989753168260

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…