الأمازيغي: يوسف بويحيى
هنا سأتحدث بأسلوب و نظرة سياسية خالصة بعيدا عن الخوض في التاريخ و السوسيولوجيا و مشتقاتها ،فقط لأوضح نقاط عديدة كما كنت دائما أقول لجميع الأصدقاء عندما يبدون تخوفهم من تحركات الجحوش و الأنظمة الغاصبة في ضرب الوجود الكوردي و المشروع القومي التحرري ،حينها كنت أصر على قول أن لدى “البارزاني” خيارات عديدة لا يعرفها أحد سوى القادة الكبار في حزب الديموقراطي الكوردستاني ،هنا أكتفي القول بخلاصة دون تمييع المعلومات بأن “البارتي” بمثابة نظام دولة على شكل حزب ،فقط لألمح للكثيرين عن جهلهم بالعمق الكوردي.
لقد كان للبارتي فرص عديدة لإنهاء مراهقة سياسة جحوش السليمانية في أكثر من مناسبة ،لكنه أخطأ في التعامل مع هذه الفرص سياسيا من زمن بعيد ،كانت آخرها فرصة خيانة “كركوك” التي كانت مناسبة في تعرية المكشوف للشعب الكوردي ،وكذلك السكوت على تزوير انتخابات البرلمان العراقية علما أن حزب الإتحاد الوطني الكوردستاني إستغل أصوات لاجئي كوردستان روجافا من المخيمات ،مع العلم أنه لولا كورد روجافا لما حصل حتى على 11 مقعدا ،كان كل هذا و العديد من الأمور سياسة من “البارزاني” فقط لعدم إصعاف الصوت الكوردي ككل في العراق لكن بدون جدوى.
من بين أهم المشاكل التي يواجهها قادة “البارتي” أنهم يعقدون الإتفاقيات مع جحوش لا تفي بها ،وتاريخ الإتحاد الوطني الكوردستاني واضح و مليء بهذه الخيانات و الخرقات من حقبة “إبراهيم احمد” و “جلال طالباني” إلى جحوش احداث 16 أكتوبر ،مع العلم أن هذه الزمرة لن تتغير ابدا من داخلها و ستبقى تنهال من منابع الجحشنة حتى تموت.
كان الهدف من الدفع بشخصية “برهم صالح” إلى منصب الرئاسة تشتيت الوحدة الكوردية في برلمان بغداد ،وضرب كل الإتفاقيات المبرمة سابقا بين “البارتي” و “اليكتي” بعرض الحائط ،ومحاولة منها (إيران) إجهاض الإنتخابات الكوردستانية المقبلة كونها تعرف أن “البارتي” المرشح الأول بالظفر بها ،ومن جهة ثانية إنقاد حزب “اليكتي” عن طريق تمثيلية “برهم صالح” من الإحتضار و التشتت و الضياع بعد أحداث خيانة “كركوك” التي إعترفوا بها هم قبل الآخرين (مع إحترامي للشرفاء من اليكتي).
المضحك أن “آل طالباني” يظنون أنهم يقفون عقبة أمام المشروع القومي ،واهمين بذلك إثر التعامل الناعم الذي يبادله بهم “البارتي” في مئات المناسبات ،لكن الآن بدأ الكل يعرف حجمه الحقيقي و موضعه الأصلي بعد أن تم تحريك الكرات الساخنة من طرف “نيجرفان بارزاني” و “مسعود بارزاني” ،من خلاله أقول بأن لحزب “البارتي” خيارات قوية ستقسم ظهور الجحوش و ستمتد إلى الأعداء الإقليميين كذلك ،ولن أضيف شيئا.
لم تكن زيارة “نيجرفان بارزاني” لبغداد مفاجئة لي بل كنت أتوقعها منذ ان بدأ التشهير بإسم “برهم صالح” الذي كان خارج حسابات حزب “اليكتي” قبلا ،بل هي خطوة كان شعب كوردستان ينتظرها منذ عقود من الزمن (العارفون سيفهمون قصدي) ،على إثرها أحس باعة “كركوك” بأن خطتهم فشلت مجددا ثم إلى حين إنتظار نكستهم الإنتخابية القادمة ،ثم إحباط مخطط إيران الذي نسجته عن طريق أخطبوطاتها المحسوبة على الكورد.
لم تكن زيارة الزعيم “مسعود بارزاني” اليوم لمدينة “السليمانية” مجرد التشهير بالحملة الإنتخابية لحزب “البارتي” ،بل هي زيارة تحمل في عمقها الكثير من الرسائل و الحقائق التي تأخر بالإدلاء بها و إعطاؤه لكل شخص حجمه ،مفادها أن زمن التساهلات و التنازلات و “الفيفتي فيفتي” إنتهى ،إما ان تكون كورديا و إما عدوا يجب أن تفضح و لن يفتح لك المجال نهائيا ،وأن تأخد حقك على قد صندوقك الإنتخابي ،ثم وداعا للمرونة و العاطفة.
لا يخفى على أحد بأن “البارتي” من لديه الشعبية المطلقة في كوردستان ،كما أنه الحزب الأول إنتخابيا على مستوى كوردستان و العراق عموما ،إضافة إلى أنه المطلوب و المرغوب فيه عراقيا و إقليميا و دوليا للتحالفات ،وليس “اليكتي” الذي إنتحر سياسيا ولم يتبقى له سوى إثارة البلطجية و الترهيب و العنف للوصول إلى المناصب. و المال ،مع ذلك تنازل “البارتي” كثيرا للعديد من الأحزاب الكوردية لينالوا مناصب ليست من إستحقاقاتهم كحزب “كوران” و “الجماعة الإسلامية”.
في نظري أرى حزب “البارتي” سينضم إلى محور (الصدر،العبادي،الحكيم) المدعوم أمريكيا لتشكيل الكتلة الأكبر شريطة تطبيق الدستور و دعم مرشح “البارتي” إلى منصب رئاسة العراق ،بهذا سيبقى البارتي قويا داخل البرلمان العراقي ،وكذلك تبقى حظوظه قوية في الإنتخابات الكوردستانية القادمة بعد أن إنضم العديد من أعضاء الأحزاب الكوردية المشبوهة إلى “البارتي” ،بذلك سيأخد “البارتي” رئاسة العراق و نيابة رئاسة برلمان العراق و رئاسة حكومة كوردستان…،ومنه سيتم معاقبة إيران و إعادة تربية جحوش “أل طالباني” الذين سيخرجون بلا شيء يذكر عراقيا و أغلب الظن حتى كوردستانيا.