الأمازيغي: يوسف بويحيى
تكملة لم تطرقت له في المقال السابق بعنوان “إستفهام و إحتمال” بشأن القرار الأمريكي بخصوص مذكرة بحث على قادة العمال الكوردستاني الثلاث “قريلان” و “بايق” و “كالكان” بتهمة الإرهاب ،والتي ما هي إلا بداية خروج أمريكا عن ضبابية مواقفها بوجه مكشوف و قرار حاسم لإعلان مشروعها في مناطق شرق الفرات الكوردية ،كما أن هناك إحتمال التمدد الأمريكي صوب غرب الفرات في حالة توصل الروس و الأمريكان إلى إتفاق ثنائي بين الطرفين.
بالمقابل تصريحات قيادات الأحزاب التركية شديدة اللهجة و الغضب من القرار الأمريكي المفاجئ الذي يطمح إلى فصل تنظيم pkk الموضوع على قائمة الإرهاب عن حزب pyd ،ذلك لعدم إعطاء أي ذريعة و جحة للأتراك للتقدم إلى الأمام ،إضافة إلى عمل أمريكا على حشد الرأي الدولي في أن pyd غير إرهابي (لا يوجد على القائمة الرسمية) و له الحق في العمل على أراضيه الكوردية (السورية) و إنشاء ما يريده.
لقد كانت رسالة أمريكا واضحة جدا لقادة pyd عندما أكدت أن تعاملها معهم عسكري و ليس سياسي ،دون أن تغلق أمريكا الأبواب أمامهم بشكل قطعي إذ وضعت لهم شرطا أساسيا لأجل التعامل السياسي ،والذي عبر عليه السيد “كوشنر” بقوله لقادة pyd “ضعوا يدكم في يد البارزاني ،وإن لم تفعلوا ستخسرون كل شيء” ،وأبعاد هذه العبارة معناها وجوب قطع علاقتهم مع pkk و العودة إلى الخط الوطني الكوردي السليم الغير المحظور دوليا ،وبالضبط هذا ما يحدث الآن و هذا ما تعمل عليه أمريكا لشل حركة تركيا و إرباكها من كل النواحي.
إن الذي يقول من الصعب فصل pyd عن pkk نتيجة خلق أعذار ثقافية و إجتماعية و سياسية…،لا يعلم أن أمريكا لا تؤسس تنظيما إلا تضع له خططا عملية للتخلص منه عندما تنتهي مهمته و صلاحيته ،ولو عدنا للتاريخ و التجارب الأمريكية سنرى كيف تخلصت أمريكا من “صدام” و فكره في نفوس العراقيين ،ونفس الشيء إنطبق على مخلفات “جمال عبد الناصر” في مصر و المصريين ،وكذلك مخلفات “القذافي” في ليبيا…واللائحة طويلة.
إن العقلية الأمريكية لا تؤمن بالحوار عندما يتعلق الأمر بمصالحها الإستراتيجية ،لهذا فجميع التحليلات التي تستحيل فصل pyd عن pkk مجرد أراء عاطفية أكثر مما هي عملية ،علما ان امريكا تستطيع تصفية جميع القيادات الكوردية في pyd و إبدالها بمن هي مؤهلة للعمل تحت تصرفها ،فعند سماع كلمة إستئصال أو إنتزاع في الخطاب الأمريكي فليتأكد المرء أن المرحلة مقبلة على إنقلاب و تصفية و إعتقال و إختطاف و غيرها من الممارسات التي تتطلبها الضرورة السياسية.
إن الشعب الكوردي التابع لفكر pkk و pyd لا يمكن أن نقول عنه لا يؤمن بفطرة كوردستان و الثوابت الكوردستانية على الرغم من سياسة التغسيل و التفريغ الذي تعرض لها عن طريق سياسة هذه الأحزاب ،فالكوردي يبقى كورديا و الأمازيغي يبقى أمازيغيا مهما تم تعريضه لصدمة نفسية شوهت وعيه و إيمانه بالذات و الجوهر ،لهذا فلابد لذلك الكنه أن يشرق رغم عتوم السياسات المضللة و المسمومة ،زيادة إلى أن كلتا القاعدتين الجماهيرية و العسكرية الأبوجية تريد إستقلال كوردستان و المتطوعين فيها بدون قوة و إرغام كان وعيهم و إيمانهم بتحرير كوردستان و شعبها.
إني لا أرى تحرير الشعب الكوردي من فكر “أوجلان” الذي هو فكر الأنظمة الغاصبة شيئا مستحيلا ببرهان واحد ،هو أن فكره (أوجلان) وهم و لابد للوهم أن يسقط إذا تم نهج التنوير و العقل و العلم في المدارس و الجامعات و الأكاديميات و المؤسسات…،بينما الشيء الذي أراه من المستحيل التخلص منه هو إغتيال الوعي الكوردايتي في الكوردي مهما تشوه وعيه الداخلي في ذاته ،أما بخصوص الكوردي الذي يدعي القوميات الأخرى و الديانات على أنها قومية يدخل في منظومة الإستيلاب و الإبتلاع التي هي بذاتها وهم لابد له أن يتحطم بثورة العقل و الفكر و العلم مع الوقت عاجلا أم آجلا ،والجموع الكوردية المستلبة ليس مستحيلا عليها أن تعود إلى نهج فطرتها الأم ،بل فقط تحتاج إلى قفزة نوعية عملية علمية لأجل العودة إلى الذات ،أنذاك ستعتنق جوهرها و ماهيتها و روحها ،وهذا حدث مع شعوب كثيرة و ليس فقط الكورد.
إن الشعب الكوردي المسلوب مجرد ضحية سياسة قيادات التنظيمات الكوردية العميلة ،ولا يلام الشعب المغلوب على أمره كونه بين كماشتين لا ترحمان أبدا ،فالكوردي الواعي إن لم يقتل على يد الأنظمة الغاصبة يقتل على يد قادة الأحزاب الكوردية ذاتها ،لهذا فتنظيم pkk و pyd قتل ألاف من شباب الكورد الذين أرادوا الإستقالة من التنظيم السياسي و العسكري بعد أن إكتشفوا الحقيقة ،والغريب أن القادة يقتلونهم و يتبنونهم شهداء في نفس الوقت ،لهذا يجب على المثقف دائما الفصل بين القاعدة الشعبية بما فيها العسكرية التي هي جزء شعبي و بين القادة العملاء و الخونة و المرتزقة و تجار الدماء و الحروب.
إن في جبال “قنديل” يتواجد ألاف من شباب الكورد غير راضيين على قادة حزب العمال الكوردستاني ،وينتظرون فقط الفرصة المناسبة للهروب لإكتشافهم الحقائق ،ناهيك على من تم إختطافهم و إجبارهم على حمل السلاح بالقوة رغما عن إرادتهم ،ثم القاصرين الذي كان من واجب قادة pkk و pyd ان ياخدوهم للمدرسة و ليس الجبهات.
إن تنظيم pkk مهما بلغ لمعانه في الإعلام إلا أنه هش و ضعيف و مشتت و منشق على نفسه داخليا ،إلا أن سياسة الترهيب و التخويف و القتل تمارس يوميا على الجنود الكورد في كهوف و معتقلات جبال قنديل من اجل الوضع.
إن أعداد كبيرة من شباب الكورد الذين كانوا في pkk و pyd إستغلوا أوضاع الحرب السورية و هربوا كمدنيين إلى أروبا ،علما أن هروبهم ليس خيانة و خوفا بل إكتشافهم حقيقة تنظيم pkk و pyd و مشروعهم اللاكوردي و قياداته التي لا تريد تحرير كوردستان بل تدميرها و محو الشعب الكوردي منها ،وإلى هذه اللحظة مازالت المافيات الإيرانية و السورية و التركية تلاحق أعدادا كبيرة منشقة و هاربة من pkk في كل بلدان العالم لأجل دفن الأسرار و عدم كشف الحقائق بالأدلة القاطعة…
لا يوجد شيء صعب في السياسة إذا قررت أمريكا و أرادت أن تفعل ،كما لا يوجد أي شيء مستحيل أمام ثورة العقل و العلم ،لهذا فعلى الشعب و النخبة المثقفة أن تعلم أن الحكومات و الأنظمة و الأحزاب تزول و تبقى الشعوب و الفطرة ،وقوة الحزب و التنظيم تكمن في تبنيه المنطق و الفطرة و الجوهر و اللب و التاريخ و الجغرافيا….