المجلس الوطني الكردي بين الوهم والحقيقة

علي شيخو برازي
 
حين شكّل المجلس الوطني الكردي، كان يتكون من 15 حزبا سياسيا، بالإضافة للمستقلين والحركة الشبابية، وكانت بداية انطلاقه كمشروع يحمل طموحات الشعب الكردي، كخطوة أولى نحو توسيع هذا المشروع مع توسع دائرة عمله، وتعاطفت معه الجماهير الكردية إلى حد كبير، ظنا منها أنه سيكون بمثابة برلمان لهم، يمثلهم في الداخل والخارج .
على هذه القاعدة وهذه الثقة الجماهيرية ، انطلق المجلس وفق برنامجه السياسي، ونظامه الداخلي الذي يضمن تمثيل كل فئة من فئات الشعب الكردي دون استثناء، فكانت خطوات البداية مقبولة إلى حد ما، وكانت التغيرات السياسية والعسكرية  متسارعة إلى حد كبير، حيث أصبح المجلس أمام تحديات تفوق طاقاته التنظيمية والسياسية، على الساحة السورية عامة، والكردية بشكل خاص .
وقد أثرت هذه التغيرات على الساحة السياسية الكردية بشكل ملحوظ، ما جعل الكثير من أحزاب المجلس والحراك الشبابي والمستقلين، يطالبون بمراجعة خطوات هذه التجربة الفتية، وأن يتوقف المجلس عن ضم الأحزاب الصغيرة التي لا يتعدى إطارها التنظيمي بلدة واحدة ، وأن لا يتخلى عن الطاقات الشبابية التي كانت أساس الحراك في الشارع الكردي .
لكن المجلس سرعان ما تخلى عن القسم الكبير من مهامه، ومن التزاماته تجاه أعضاءه ومجالسه المحلية، وتهميش دور الشباب والمستقلين ومنظمات المجتمع المدني، ووقع في تناقض كبير مع برنامجه ونظامه الداخلي، ناهيك عن عودة الخلافات بين أحزابه، وخاصة التيار الثاني المتمثل بحزبي الوحدة والديمقراطي التقدمي، و بدأ المجلس في تراجع مستمر، من حيث سياسته ونشاطه والتزاماته تجاه الشعب الكردي في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا، وخاصة منطقتي كوباني وعفرين،
في هذه الإطار وجهت قبل أيام مجموعة من النشطاء والسياسيين، وشخصيات اجتماعية وثقافية،
نداء إلى قيادة المجلس الوطني الكردي، طالبوا فيه المجلس المذكور بمراجعة سياسته الخاطئة ، التي ينتهجها في هذه المرحلة المهمة من تاريخ الشعب الكردي، الذي بات يعيش حالة ضياع ، نتيجة سياسة التخبط اللامسؤولة، وضبابية الموقف السياسي من المجريات على الساحة الكردية، وبضرورة إصلاح هيكلية مؤسساته وأدواته، وتفعيل كل آلية كان السبب في تعطيلها، بقصد أو دون قصد، وإن الاستمرار وفق هذه العقلية، سيجعل منه مادة منتهية الصلاحية .
وطالبت هذه المجموعة، على تشكيل لجان وهيئات وتعيينات للمجلس الكوردي على أسس سليمة، أسس سياسية لا حزبية، وحسب الكفاءات والقدرات لكلّ منطقة، لا حسب الولاءات الحزبية ، أو قربهم من القيادات الحزبية، وعلى ضرورة التعامل مع المناطق الثلاث بالتساوي (قامشلو وكوباني وعفرين) على أنها متساوية في التمثيل والحقوق.
وهنا يكون المجلس المذكورأمام خيارين فحسب، وهو: أما أن يضع المصالح والمحسوبيات جانبا، و يبدأ جديا بتفعيل آليات المجلس، أو أن يستمر في نهجه بعيدا عن طموحات الشعب، ويفقد بذلك ما تبقى من تأييد الشارع الكوردي له، ويرتفع صوت النشطاء يوم بعد يوم، وفي كل مكان، حتى يظهر البديل المطلوب ، الذي بات الشعب الكوردي في الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا، بأمس الحاجة له

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…