الأمازيغي: يوسف بويحيى
كثيرا ما يتم إتهام المدرسة البارزانية بتهم و إشاعات ضعيفة براقة للفت إنتباه الفئة العاطفية و تمويه الشعب الكوردي عن الحقيقة ،فمن بين هذه الإتهامات الجاهزة أنها إسلامية ذات بعد ديني سني (نقشبندي) قصد إحداث الشرخ بينها و بين التوجهات اليسارية و الشيوعية و الإشتراكية و غيرها…
هنا أود أن أفسر بعض الأشياء بالتفصيل بعيدا عن المراهقة الفكرية ،وأضع بعض النقاط على الحروف لتعرية كل أقنعة الإتهامات الواهية التي تسعى من خلالها السياسات الإقليمية للنيل من هذه المدرسة الكوردية الوطنية (البارزانية) التي تعادي الإستعمار و تسعى للإستقلال و الحرية.
– هل المدرسة البارزانية إسلامية؟!
إن المدرسة البارزانية ليست نهج إسلامي كما يعتقد المتمركسون (لا الماركسيون الحقيقيون) و لا حتى الإسلاميون كذلك ،بل هي حركة إنسانية أخلاقية تاريخية جغرافية كوردياتية ،إذ لم تكن ثوراتها عبر التاريخ ذات بعد ديني أو لنشره أو لفرضه ،كما لم ترفع أي شعارات دينية فيها كما هو معروف و متداول في مظاهرات الجماعات الإسلامية (القاعدة،داعش،النصرة…) ،أي أن جل الثورات البارزانية كانت من اجل حقوق شعب كوردستان سواء كان مسلما او مسيحيا أو ملحدا أو أيزيديا…
– هل زعماء المدرسة البارزانية إسلاميون؟!
بداية بالزعيم “عبد السلام البارزاني” و “أحمد البارزاني” و “مصطفى البارزاني” و “إدريس البارزاني” إلى “مسعود بارزاني” يتضح أنهم مسلمين سنة كحرية شخصية من حقهم ،لكن ليسوا إسلاميين بمعناه الإديولوجي السياسي الذي مارسه العرب و الترك و الفرس على شعوب الشرق الأوسط و شمال إفريقيا و الأندلس ،فهؤلاء الزعماء البارزانيون على الرغم من تدينهم إلا أنهم لم يتزعموا ثورات دينية إسلامية قط ،بل قادوا ثورات إنسانية علمانية في جوهرها و لبها ،كما لم تكن هذه الثورات ضد أي دين أو طائفة بقدر ما كانت ضد الديكتاتورية مهما كان معدنها و إديولوجيتها.
– هل المدرسة البارزانية تقف عند البارزاني؟!
صحيح أن الزعيم الداهية “مصطفى البارزاني” من كان له الفضل في بناء قاعدة كوردياتية صامدة لم يستطع أحد إلى الآن زعزعتها رغم كل الظروف و الهجمات الشرسة من الداخل و الخارج ،لكن ما يلاحظ أن “مصطفى البارزاني” أسس مدرسة كوردستانية صالحة لكل زمان و مكان و ليس فقط مؤقتة مرتبطة بحقبته المعاشة ،كما أن إمتداد هذه المدرسة يمكن القول أنها أممية كوردستانية على مدار خريطة كوردستان الكبرى بأسرها وليس فقط كوردستان “باشور” ،من خلاله إستطاع “مصطفى البارزاني” أن يجعل من هذا النهج مدرسة شاملة لكل المجالات و القطاعات ،فسر نجاح هذه المدرسة يكمن في الإيمان أولا و إقترانها بالحقيقة العلمية على كل المستويات ،لهذا زرع البارزاني الخالد في كل قلب كوردي شعلة لا تنطفئ.
– هل المدرسة البارزانية قومية؟!
تاريخيا و جغرافيا فكوردستان أرض الكورد قبل أن تأتي لها كل القوميات الحالية ،لكن رغم إمتلاك الكورد للحقيقة و القضية إلا ان جل الثورات بقيادة البارزانيين لم تفرق بين الكوردي و العربي و الأشوري و التركماني….داخل كوردستان و خارجها ،حيث كانت اهداف الثورات و المقاومات العسكرية إنتزاع الحق من الديكتاتورية ،كما كان كل حرص الداهية ””””مصطفى البارزاني” و الزعيم “مسعود بارزاني” إحترام كل القوميات و الطوائف داخل أرض كوردستان عن طريق العدالة و المساواة في الحقوق و الواجبات بين الجميع ،والدليل على هذا الإنجاز الإنساني العظيم أن كوردستان تاريخيا هي ملجأ الملاحقين من طرف الديكتاتورية مهما كانت القومية و الدين…،وكدليل ثاني هو إصرار العشائر العربية على الإستفتاء التاريخي و إختيارهم الولاء لكوردستان بدل دولة العراق الفاشلة ،لهذا فالمدرسة البارزانية كورديتها تتجلى في إيمانها بالتاريخ و الجغرافيا الكوردستانية و ليست حركة عنصرية عرقية.
– هل المدرسة البارزانية تبعية؟!
عبر التاريخ و بحسب التجارب و المواقف أثبت كل من الداهية “مصطفى البارزاني” إلى الزعيم “مسعود بارزاني” على أن نهج البارزاني غير تبعي لأي قطب أو إديولوجية إقليمية و دولية معينة ،حيث يكون المحور الأساسي لكل الإتفاقيات السياسية و العسكرية هي ضمان حقوق الشعب الكوردي قصد الإستقلال حسب الظرفية الزمكانية ،كما ليس للمدرسة البارزانية أي خط أحمر تجاه أي حليف مهما كان بشرط أن يكون مستعدا لمبادلات المصالح الثنائية لضمان حقوق الشعب الكوردي دون المس بالمقدسات و الخصوصيات الكوردية ،مدرسة تتبنى الإنسان و التاريخ و الجغرافيا كأسمى ركائزها الثابتة الغير القابلة للتغيير و المساومة ،لهذا ترى الأنظمة الغاصبة لكوردستان في المدرسة البارزانية عدوتها الأولى.
– هل المدرسة البارزانية علمانية؟!
إن النظام العلماني الحقيقي ينص على تعايش كل الديانات و الطوائف و إحترام بعضها البعض وفق الدستور و القانون ،نظام يعيش فيه الإنسان كأسنان المشط دون تسلط دين أو طائفة على أخرى ،لهذا فحسب الواقع الملموس في كل من الخليج العربي و الشرق الأوسط و بلدان شمال إفريقيا أن كوردستان “باشور” هو الوطن الذي يستطيع أن يعيش و يتعايش فيه المسلم و اليهودي و الأيزيدي و المسيحي…دون أي ضغط و عنف ،هذا له دلالة تاريخية عريقة تعود إلى طبيعة الشعب الكوردي العلماني المسالم بالفطرة قبل الغزوات الدينية بشكل عام ،الشيء الذي يؤكد بأن المدرسة البارزانية جزء حقيقي من ذلك التاريخ الكوردي النظيف الذي لم يدنس من طرف الغزاة و المجرمين و المحتلين ،لهذا فبقاء كوردستان وطن التعايش و الإخاء و السلم و السلام ناتج لدور المدرسة البارزانية التي ثبتت هذه القيم و الأخلاق و المبادئ ،فلولا المدرسة البارزانية و الزعماء البارزانيين لكانت كوردستان بقعة للإجرام و القتل على يد الإرهابيين و القتلة و العملاء.
– هل المدرسة البارزانية شيوعية؟!
إن المدرسة الكوردية تؤمن فقط بحقها التاريخي و الجغرافي على مدار كوردستان الكبرى ،إذ لا تطمح ابدا للتوسع على أراضي الغير كما هو حال الإتحاد السوڤياتي سابقا ،لهذا فالمدرسة البارزانية لا تؤمن و لا تريد إلا حقها المنصوص وفق التاريخ و الجغرافيا الكوردستانية المدروسة و المعلومة ،كما أن تشبت الداهية “مصطفى البارزاني” بإيماناته الوطنية رافضا النظرية الشيوعية إبان تواجده في الإتحاد السوفياتي كان خير دليل على أن أسس المدرسة البارزانية ثابتة أكثر من نظام الإتحاد السوفياتي نفسه ،لهذا فالمدرسة البارزانية كانت ترى نفسها الوجه العملي للقضية الكوردية كقضية شعب و وطن و ليس نظام إقتصادي و سياسي مؤقت.
– هل المدرسة البارزانية نسبية؟!
هنا يجب أن أفسر أمر مهم جدا يكمن في الفرق بين الحركة البارزانية و المدرسة البارزانية ،فالحركة نهج عملي إنساني و سياسي و إقتصادي و عسكري يمكن أن يصيب أو يخطئ حسب الرؤية الإنسانية الغير المعصومة ،لهذا فلا توجد حركة تحررية على وجه الكون لم تخطئ قط لكن تنتصر في الأخير بعقيدة الإيمان و الإصرار و التعلم و الصمود ،أما المدرسة البارزانية فهي تلك الثوابت الكوردية التي تسعى الحركة البارزانية في إنتزاعها من أيدي الغاصبين ،فثوابت المدرسة البارزانية هي الإنسان و التاريخ و الجغرافيا و الإستقلال و الحرية ،لهذا فلا يمكن التنازل على هذه الثوابت على أية بقعة كوردستانية ولو كانت شبرا واحدا ،لهذا فالمدرسة البارزانية مؤسسة مطلقة صالحة في كل زمان و مكان كوردستانيا.
– هل المدرسة البارزانية كوردية فقط؟!
بمنطق الأحرار فالمدرسة البارزانية هي مرجع لكل الشعوب المضطهدة و المستقلة كذلك ،إذ أن هذه المدرسة لا يمكن تقزيمها في أنها تخص الكورد فقط ،بل هي مدرسة إنسانية أخلاقية يمكن لكل إنسان أن يقرأها و يستفيد منها و يكون ذاته كإنسان حر ذو مبدأ و رأي و كرامة ،هي مدرسة لا يمكن إختزالها في العرق و المنطقة و الجهة لأنها إنسانية كونية فضفاضة أكبر من كل ما يروج ضدها ،إنها مدرسة ستسود عالم كل المضطهدين لإقترانها بالحق و العقل و الشريعة الإلهية التي فطرها الله في كل كائن.
– هل للمدرسة البارزانية بديل؟!
أجزم أن لا بديل للبارزانية إلا البارزانية نفسها في نيل الإستقلال ،فلا نجاح لأي حركة تطمح لحقوق الشعب الكوردي إلا بتبني مبادئ المدرسة البارزانية ،فأي حركة أو نظام يعادي البارزانية سيسقط و تبقى البارزانية قائمة لأسباب يكمن سرها في التاريخ و طبيعة الإنسان و عقيدة الوطن و النفس الطويل.
– ما معنى أن تكون بارزانيا؟!
إن معنى البارزاني يمكن إستخلاصه من المدرسة البارزانية و ثوابتها المقدسة ،فالبارزاني هي أن تؤمن بنفسك و وجودك و تاريخك و جغرافيتك و وطنك و حريتك و العمل على إنتزاع كل هذه الحقوق و الموت في سبيلها دون التنازل عليها ،لهذا فأنا أمازيغي أومن على ما تنصه المدرسة البارزانية شكلا و مضمونا كحل أنجع لما يطمح له الشعب الأمازيغي و كل الشعوب المضطهدة و المستعمرة ،فالبارزاني هو الإنسان الحقيقي الوفي المؤمن بقناعاته و النزيه و المخلص في عمله و الخادم لشعبه و وطنه ،فعلى هذا الطرح يمكن أن أقول بأن كل من “مصطفى البارزاني” و “إدريس بارزاني” و “مسعود بارزاني” و “البيشمركة” و الوطنيون هم كورد بارزانيون بمعنى “أوفياء” تحت ظل المدرسة البارزانية الفطرية الوطنية ،وليس مسألة ولاء أو تبعية كما يظن الفارغون و الخونة و الجحوش.