لماذا لم يكتب اسماعيل بيشكجي عن الهجوم التركي على عفرين ؟

 ابراهيم محمود
أعتقد أن هذا السؤال لا يثير إلا اهتمام الذين يتابعون كتابات المفكر وعالم الاجتماع التركي والمعروف بصديق الشعب الكردي اسماعيل بيشكجي، والذي لم يدَّخر جهداً في الكتابة عن الكرد وكردستان على مدى نصف قرن، ومن خلال عشرات الكتب، وتحديداً عن المظالم التركية المطبّقة على الكورد في نطاق حدودها السياسية وخارجها، كما يجري الآن، وهنا يطرَح السؤال نفسه، وهو: لماذا لم يكتب- ولو- مقالاً واحداً عما يجري في عفرين ومحيطها جرّاء الهجوم العسكري التركي ومن في إمرته، بينما كتب العديد من المقالات- مثلاً- عن الاستفتاء في إقليم كردستان وما بعده، وقد ترجمتُها إلى العربية في موقع ” ولاتي مه “؟
ما الذي أبقاه حتى الآن في وضعية الصمت أو التجاهل، بخصوص ما يجري؟ هل من تحفظ هنا، وكيف ؟
مجدداً: أليس الذي جرى ويجري في عفرين، جديراً بالكتابة من قبله وهو الذي يعتبَر باحثاً شمولياً في الشأن الكردي؟ هل لهذا التجاهل صلة بموقفه من الأطراف الكردية، وتحديداً: القوى السياسية، وتحديداً أكثر: الجانب الحزبي وامتداده في العمق التركي بالنسبة إلى ” PKK “، والذي يعرَف بنقده الحاد لسياساته الحزبية: في التفكير والممارسة ؟
لنبدأ من الأخير، ومن خلال متابعة متواضعة لي، وقد ترجمت العديد من كتبه إلى العربية-عن طريق الكردية- كما نشرت عنه كتاباً، حيث إن أول ما يمكن التنويه إليه، من وجهة نظري هو أن ليس لأن إحراجاً ما قد تسببه الكتابة له في هذا الموضوع وهي شائكة، كما هي الأوضاع في سورية، وبالنسبة للكرد وقواهم الفعلية على الأرض، لأن بيشكجي يعرَف بقابليته للخوض في أكثر الموضوعات تعقيداً، وهو عالم اجتماع، وتعرَّض للكثير من المسائل المشابهة، وبالتالي، فإن الوجهة الأسلم لإنارة هذا الموضوع تتمثل في مسار آخر، أظنه على علاقة مباشرة بما توقف عنده مفكرنا، أي عدم التقرُّب مما يجري في سوريا، وموقع الكرد في اللعبة السياسية بصورة كافية، سوى أن الأهم هو أن العزوف عن الكتابة في الوضع الأخير، ربما يدفع بنا إلى ما توصل إليه فكرياً، وهو خيار يقلّل من كونه المفكر الكردي الشمولي، عندما يركّز على جهة أو جهتين ويغضُّ الطرف عن جهة أخرى، وتحديداً، حين يكون الموقف مرتبطاً بدولته الغازية والتي لعبت، كما تلعب حتى الآن أدواراً متعددة في غاية السلبية من القضية الكردية، وكان يفترَض أن يكون الصوت الأول مندّداً بهذا الدور التخريبي والتدميري الذي تمارسه الآلة العسكرية التركية وأجندتها المسخَّرة في خدمة غاياتها الكولونيالية وأتاتوركيتها .
ذلك ما يقلّل بالمقابل، من البعد التنويري لما شدَّد عليه في أواسط سبعينيات القرن الماضي، وفي كتابه ” المنهج العلمي ” من خلال ” الواقعة الموضوعية ” والتي يجب أن تأتي كما هي عليه في الواقع، أي في إطارها العام، وفي الشأن الكردي نجد أنها تشمل عموم الكرد وكردستان، وأي تفضيل لجهة على أخرى إخلال بمبدأ العلم بالذات، والذي طبقه على قطاعات سياسية وأكاديمية وعسكرية ونقابية وإعلامية تركية مختلفة، فلماذا هذا القصور أو  صمته؟
إن أي جواب على ما تقدَّم لا يعفيه من مسئولية ما كلَّف به نفسه، وفي هذا الوقت بالذات، وإذا كان من عبارة أخرى يمكن التقدم بها، من نوع: اليأس بما يجري، فإن طابع التفخيم والتعظيم للتجربة الاستفتائية في إقليم كردستان العراق، ومن ثم اعتبار الكرد منتصرين وإن ظهروا بمظهر الخاسرين في أعقاب اجتياح كركوك ” 16-10/ 2017 “، يعني لزوم النظر في الجهة المقابلة: دولته الغازية، أم أن كرد عفرين الذين يتعرضون لنيران هذه الدولة: براً وجواً، ليس في مستوى ولو كتابة مقابل صحفي، ولو من قبيل ذرّ الرماد في العيون؟
ملاحظة: أشير إلى أنني أتابع موقع” روجناميا كردستان ” والذي يشرف عليه الكاتب أحمد كاني، وأحد مترجمي كتب بيشكجي ومقالاته” الأخيرة ” خصوصاً، من التركية إلى الكردية. وتصوري عن أنه لو كان هناك مقال ما، منشور في هذا المضمار، لتمت ترجمته، لأن ذلك مهم جداً بالنسبة لبيشكجي وقرّائه الكرد، ومن يترجمه من التركية إلى الكردية وعنها إلى العربية وغيرها، وأرى أن مرور أكثر من شهر على الغزو التركي وأجندته الأخرى، لعفرين ومحيطها، يستحق تساؤلاً من النوع الذي يصاغ جوابه في مقال على الأقل .
دهوك- في 20-2/2018 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…