صفية عمر
ان منطقة عفرين الكردستانية بجبالها وهضابها ووديانها وأشجار زيتونها وقراها المتشعبة وسكانها البسطاء والأوفياء لقضية شعبهم تتعرض لابشع مؤامرة في التاريخ ، حيث تسعى الدولة التركية في حربها القذرة هذه ضد عفرين وشعبها ليس فقط تدميرها وقتل سكانها وتهجيرهم بل العمل من أجل اقتلاعها عن جذورها الكردستانية السورية ، وان هذا العدوان لا يستهدف عفرين فقط بل يستهدف الشعب الكردي والقضية الكردية في سوريا والبنية التحتية للمنطقة وذلك من خلال القصف التركي العنيف والذي لازال مستمراً منذ يقارب الشهرين ، هذا العدوان التركي والذي يبرره وعمل بشكل محترف في الأوساط الدبلوماسية العالمية بوجود حزب العمال الكردستاني في عفرين وانه يشكل الخطر على الحدود والمصالح التركية ، وان الجيش التركي يستخدم في عدوانه هذا كل أنواع الأسلحة الثقيلة من الطيران والدبابات والمدفعية والعشرات الآلاف من العرب السوريين المحسوبين على المعارضة والموجودين في تركيا.
ان هذا العدوان التركي والذي أحدث تعقيداً مضاعفاً في المشهد الدموي السوري والذي لا يمكن التبرير له مطلقاً من النواحي السياسية والعسكرية اذ أن حزب الاتحاد الديمقراطي وقواته العسكرية لا يشكل اي خطر على مصلحة تركيا القومية ، حيث تتواجد هذه القوات على كامل الحدود السورية التركية بل بالعكس استطاعت هذه القوات حماية هذه الحدود وبشكل محترف على المسار السوري ولَم يعبر هذا الحزب يوماً عن طموح الشعب الكردي القومية ولا يملك اي مشروع بهذا الخصوص بل أساء لقضية الشعب الكردي من خلال تفرده بقرار السلم والحرب في المناطق الكردية وهذا يخدم بشكل لا ريب فيه المصلحة التركية ، لذلك ان هذا العدوان لا يستهدف حزب الاتحاد الديمقراطي بل يستهدف الشعب الكردي وكل قواه المعبرة عن ارادة الشعب الكردي القومية .
ان هذا العدوان والدمار والقتل الذي يحصل في عفرين وزاد في تعقيد مسألة الشعب السوري بكل مكوناته لا تتحمل مسؤوليته الدولة التركية فقط بل يتحمل مسؤوليته المجتمع الدولي عموماً بصمته المريب ويتحمل هذه المسؤولية مباشرة محور الشر الروسي الإيراني والتركي هذا المحور المشكل حديثا والمقاد من قبل روسيا والمخطط لهذا العدوان والذي يعمل على اعادة توزيع نفوذ هذه الدول في سوريا والعمل على تأهيل النظام السوري للمرحلة المقبلة و ابعاد الدولة التركية عن حليفتها التاريخية أمريكا واحداث شرخ كبير بين المكون الكردي والعربي وذلك من خلال مشاركة بعض المعارضين العرب في هذا العدوان ، هذه المعارضة التي أساءت بمشاركتها في عفرين للثورة السورية وللشعب السوري ، وكان يفترض ان تكون قوات المعارضة تشارك في حماية الغوطة من النظام السوري المجرم بدلاً أن تتحول الى أداة لدى الحكومة التركية التي تشارك في المحور الجديد المعادي للشعب السوري عموماً .
ان تورط الدولة التركية في عدوانها ضد عفرين والشعب الكردي في سوريا ستخسر وبشكل نهائي
تعاطف الشعب السوري مع حكومة أردوغان والتي كشفت كل أوراقها في هذه الحرب ، هذه الحكومة التي كذبت كثيراً على الشعب السوري وخاصة في صمتها الواضح ووقوفها مع المحور الجديد في حربه ضد الشعب السوري وخاصة في موضوع الغوطة الشرقية .
ولا بد ان نربط بشكل موضوعي مسألة مدينتي عفرين وكركوك الكردستانيتين واللتان تعرضتا
لهجوم غادر من أعداء الشعب الكردستاني في ظل صمت وسكوت المجتمع الدولي عموماً ، وهذا يعبر بشكل لا لَبْس فيه بان المصالح الدولية لا تتوافق مع قضية الشعب الكردي المرحلية ، وهذا يعيدنا الى ضرورة طرح العديد من التساؤلات المشروعة ، ماذا بعد عفرين ، وهنا يكمن الخطر الحقيقي ؟؟؟؟ وأين هو حزب العمال الكردستاني من هذه المؤامرة ، هل سيستفيد منها ويعود الى حضن الشعب الكردي وقضيته القومية المشروعة أم سيبقى متشبثاً بمواقفه وسياساته البعيدة كل البعد عن مصالح الشعب الكردي والتي تدعو الى وحدة الصف الكردي والبحث جدياً عن المشتركات في المصالح الدولية لخدمة قضية شعبنا .
ان عفرين في خطر حقيقي وخطرها سيشعل ثورة ستطال كل من شارك في هذه الحرب ضد عفرين ، وكل من ساهم في أشعال هذه الحرب على عفرين .
ولن ترحم هذه الثورة المتآمرين الكرد منها .