أردوغان والخازوق الكردي في عفرين

ابراهيم محمود
ها هي أيام خمسة تمضي، وعفرين أكثر تجمُّلاً بالصبر والقوة، وحضوراً بدمغتها الكردية في واجهة أخبار التلفزيونات العالمية وغيرها، ومؤخرة أردوغان أكثر بروزاً من ذي قبل وهي تفاجَأ باستماتة كردية لم تحسب لها حساباً. لأن القصف الجوي يعني لزوم تحقيق ” النصر ” السريع، وهذه المدة تعني أن أردوغان فوجىء بكل غصن زيتون عفريني وقد استحال خازوقاً في مؤخرة كل أردوغاني ومرتزق أردوغاني وشارة رعب لكل عدَّته وعتاده، وهي علامة الهزيمة الكبرى، وحتى لو ” لو ” دخلها أردوغان، فإن صدمة هذه المدة ستكون أكبر إهانة في التاريخ التركي الحديث لمدينة كردية وادعة لكنها مسلحة بالصخر والنار الكرديين ضد عنصرية أردوغان. تصوَّروا مدينة تهزم دولة ! فليسخر من يشاء مما كتبتُ، وشكراً لأردوغان وسحرة أردوغان الذين منحوا مدينة كردية أخرى هذه الفرصة للظهور البطولي عالمياً !
لقد علَّمتني هذه المدة حتى الآن، أن أي كردي، ودون استثناء يصدق وإن كان يكذب، بينما أي تركي: طوراني وبمقياس أردوغاني يكذب وإن كان يكذب، ليس لأن الكردي لا يكذب، وإنما لأن الذهنية التركية بطبعتها الأردوغانية مصابة بلوثة اعتبار كل ما ينطق به الكردي إنما للنيل منها، وقد استفحل جنون ارتياب أردوغان على امتداد ” الخارطة التركية ” أكثر من ذي قبل.
 بعيداً عن أي دفاع عن أي طرف كردي، فلعفرين، كما لكوباني، كما لقامشلو ” رب ” ناطق بالكردية يحميها، مهما كان موقعه، ولونه وشكله، ولا أخفي الحمَّى التي تتلبس أردوغان وبطانته، وقد طال أمد عملية ” غصن زيتونه “، وها هو الغصن الملوَّح به يتكلم الكردية عامة والعفرينية الكردية خاصة، وقد طال هذا الغصن وتشعب إلى كوابيس تؤرقه وبطانته، فهل يحتاج الكرد المأخوذون نعامياً بالرمل، لأن يروا حقيقة اللعبة، حيث الزمن يشهد أكثر من ذي قبل على الجاري؟
لقد علَّمتني هذه المدة وفي ظل هذا الوضع الشديد التوتر، كعملية حسابية، كم أسهمت عملية ” غصن زيتون ” أردوغان في إضاءة المناطق الكردية أبعد من مفهومها الحدودي السياسي السايكس- بيكوي: بقعة بقعة، قرية قرية، بلدة بلدة، مدينة مدينة، وكم همو الكرد نفوساً، رجالاً ونساء، وكم أسهمت في لفت الأنظار العالمية، إلى الحضور الجغرافي الكردي، أبعد من حسابات أردوغان ومن يتحدثون بلغتهم بصورة ” مفشكلة ” وهم ليسوا أتراكاً، ويتبلبل عليهم الوضع وقد تأزم، حيث التوجه إلى عفرين ليست نزهة في ” ميدان تقسيم ” أو ”  توب كابي ” أو ” دولمة بهجة “…الخ، إنما ما لا عين أردوغانية أرادت رؤيته أو تمنته، جرّاء هذه المجابهة الكردية والهوان الذي يتملك نفوس سدنة أردوغان وهم يتجرعونه .
شكراً مرَّة أخرى لأردوغان الذي نبّه سياسييه المعمية أبصارهم، ومن هم في الجوار ممن يرتعدون من سماع كلمة ” الكردي “، من أخوة ” الإسلام ” ومن في صف أردوغان من سوريا والعراق وإيران، كما نبَّه من لا يعرفون عن الكردية إلا ما يتردد في الإعلام المزوَّر هنا وهناك، إلى أن هناك كردستان حقيقية، وكرداً بعشرات ملايينهم.
شكراً لعملية ” غصن الزيتون ” التي منحتني شعوراً أعمق بأهمية زيتوني الكردي المقاوم، وقد استطال خازوقاً في مؤخرة أردوغان ومن شاكلة أردوغان أنَّى كان، ومهما كانت لغته .
دهوك، في 24-1/ 2018 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…