رسالة هادئة إلى قياديين منفعلين

بقلم الصحفي أكرم الملا

قبل أيام نشرت مقالة قيمة للدكتور عبد الحكيم بشار بعنوان ” الحركة الكردية وظاهرة تقليد السلطة ( البعث ) تناول فيها وبجرأة نادرة معاناة الحركة الكردية في سوريا من مختلف النواحي السياسية والتنظيمية وأسلوب النضال الجماهيري ، حيث انطلق الكاتب من الركود التنظيمي الذي تعاني منه الحركة الكردية نتيجة الابتعاد عن الفكر الإصلاحي والتغيير الديمقراطي في صفوف الأحزاب الكردية السورية واعتماد مبدأ المراضاة والتوافق في سبيل البقاء على قمة الهرم التنظيمي دون مراعاة أبسط مبادئ الديمقراطية المتمثلة بالتجديد المستمر والانتخاب الحر دون الانتقاء المر .

إن الكاتب وبتطرقه إلى فكرة المقارنة مع حزب البعث بعدم قيام الحركة الكردية بتطبيق مبدأ الإصلاحات الديمقراطية قد مس بمقدسات بعض قياديي الحركة الكردية المتحصنين في الهيئات القيادية المحاطة بأسوار منيعة لا تخترقها الديمقراطية والنقد البناء ، وأبراج عاجية تصد رياح التغيير ، لذلك بدأت ردود الأفعال من مختلف الفئات والهيئات والأشخاص والمثقفين وكل حسب قراءته وتحليله للموضوع المطروح ، لكن الملاحظ أن ردود الأفعال من قياديي الحركة الكردية كانت متميزة بطرحها وعنفوانها والتي انطلقت في غالبيتها من غريزة البقاء على ( الحياة ) والمجد القيادي الذي يمارسونه ، حيث ردود الأفعال من القواعد الحزبية وأصدقاء الحركة الكردية بمعظمها كانت إيجابية وتتصف بالتأييد الكامل للفكرة المطروحة وبتوقيتها المناسب وهذا يدل على المعاناة التي تعيشها القواعد الحزبية وأصدقاء الحركة نتيجة الجمود التنظيمي في قيادة الحركة الكردية .
إن الكاتب طرق باباً موصدة منذ عقود من الزمن ، طرقه بهدوء وبثقة تمنحه إياها الفكرة والرأي اللذين طرحهما من خلال مقالته الجريئة ، ولكن وللأسف الرد حتى الآن هو من وراء الباب بتعنيف والصراخ في وجه الطارق دون فتحه ، والسؤال عما يريده ، إن اعتماد مبدأ النقد في الزوايا المعتمة والأزقة الضيقة دون اعتماد الأسلوب الحضاري في النقد والحوار ، والمهاترات من قبل بعض القيادات بحق الكاتب وموضوعه ، إنما يدل على الجهل الكامل بالديمقراطية والتراكمات السلبية في عقول البعض حتى اجتهد البعض منهم بأن هذا يدل على خلافات في قيادة ( البارتي ) التي ينتمي إليها كاتب المقال ، الرجاء الوحيد من أولئك هو قراءة ما كتب بتأن وروية ، ولبعض قياديي الحركة الكردية قراءته أكثر من مرة .
إن الدكتور عبد الحكيم بشار وهو قيادي في حزب جماهيري كردي عريق ” البارتي ” عندما ينشر هكذا مقالة وبهكذا مضمون قيم وبهكذا جرأة وصراحة نادرتين وعلى موقع الانترنيت التابع للحزب الذي ينتمي إليه وتشرف عليه قيادة البارتي ، أهذا خلاف في قيادة الحزب أم ديمقراطية وشفافية تتمتع بها قيادة البارتي بل وطرح جريء لموضوع قيم ومفتوح للنقاش والتحاور .
حتى الآن لم يتجرأ أو يبادر أحد إلى الرد على هذه المقالة رغم تشكل سحابة من الانفعالات في القيادات الكردية حولها ، لأن الرد على الصحيح هو رد إيجابي فقط .
إن قراءة البعض لموضوع المقالة اعتمد على الشكل دون المضمون واعتماد مبدأ قراءة السطور والابتعاد عن قراءة ما بين السطور ، حيث لام البعض الكاتب بأنه ذم البعض ومدح الآخرين ، ناسبن أو متناسين بأن الكاتب يجب أن يتصف بالموضوعية ومبدأ ” الحق حق ” بالتأكيد كان هناك ذم ولكن للسلبيات والتراكمات المسيئة لنضال الحركة الكردية والاحتشاء الواضح في الشرايين التنظيمية الذي أدى إلى إصابة الحركة الكردية بجلطة تنظيمية ربما قاتلة ، وكان هناك مدح ولكن دون شك للديمقراطية والإصلاح والتغيير في الحركة الكردية ، كل ما قام به الكاتب هو تشخيص هذا المرض العضال الذي يشفى فقط باتباع حمية ديمقراطية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…