عبد الرحمن آلوجي
إن الحركة الكردية في سوريا – على الرغم من تمزقها و عثراتها – تعيش حالة دقيقة , في مرحلة تتسم بالخطورة و الأهمية البالغة , في رصدو تحليل و تقويم اداء الحركة , و مدى فاعليتها , وقدرتها على تعبئة الجماهير , و حشد طاقاتها , و بلورة نضالها , على الرغم من كل عوامل الترهل و الانكفاء , او التراجع و الانحسار , او التردد أحيانا في اتخاذ المواقف الصعبة , و الاخرى المتوازنة , و التي تستلزم بالضرورة حسا عاليا من المسؤولية و قدرة على التصدي , لصناعة قرار يتسم بالمرونة و التوازن , و تعبئة الموقف و الحرص على تماسكه , و نصاعة أدائه , و نجاعته في الارتقاء إلى مهام المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة عامة و بلادنا خاصة.
و الحركة في ذلك بحاجة إلى اعتبارات عدة أهمها :
1- إعادة النظر في البرامج و الأسس النضالية و مناهج العمل بحيث تنسجم مع متطلبات المرحلة و آفاقها و تحولاتها الديمقراطية , و بروز ثقافة إنسانية شاملة تتضمن رؤية حقوق الإنسان و تبرز لوائحها , و تستجلي مظاهر و أسس و قواعد هذه الحقوق , و مفهوم سيادة الدول , ومدى ارتباط ذلك بقواعد المجتمع المدني ومعالمه الحضارية , و مدى ملاءمة ذلك للمناخ الدولي العام الساعي إلى نشر ثقافة جديدة متحضرة .
2- تقويم أداء الحركة سواء في إطار الحزب الواحد , أو المحور أو التجمع أو الهيئات العامة المقترحة , بحيث يلبي ذلك طموح الارتقاء بهذا الاداء إلى إحداث نمط تغييري من شأنه لملمة الصف , و بناء مرجعية قانونية نظامية , تشكل نموذجا حيا متحركا يعالج أزمات الحركة و تكتلاتها و انحسارها في جملة مفاهيم ضيقة , يغلب عليها الطابع الذاتي و تستأثر بها الاهتمامات الفردية و الأغراض الشخصية , وما تحمله من مياسم و علامات التشهير و التجريح أو الاستعراض الحزبي , مقابل موقف جاد و حاسم ينبغي أن تتصدى له الحركة , ومعالجة أدائها بحسم و قوة و موضوعية , ترقى إلى عمل وطني و قومي وحدوي , يبتعد عن إثارة المحاور و زرع العقبات المصنوعة و الاخرى المفبركة و المؤخرة لعمل جاد من شانه أن يقود إلى تقويم صائب يبرمج للحركة و يحد من المواقف المرتجلة و الأخرى المغامرة أو المتخبطة في دوامة غير مدروسة , تجعل من الأداء الحزبي و الحركي العام مربكا و غائما , في حين تحتاج الحركة في سيرها النقدي الحثيث إلى مراجعة متأنية تتيح للنقد الموضوعي الهادف ان يأخذ دوره و ينجح في تلمس الأسباب الحقيقية للتراجع و الانكفاء لمعالجة و تقويم الأداء.
3- لا بد من التاكيد على مرجعية فكرية و سياسية تستند إلى ثوابت نضالية سواء ضمن الحزب الواحد و متقارباته , أم ضمن الإطار الواحد وقواعد العمل فيه , و نقل ذلك إلى مرجعية كردية شاملة , تنفي سياسة المحاور و الالهاء الجانبي , و الصراعات العقيمة و الهامشية , و المؤخرة لتوحيد الخطاب السياسي و الإعلامي و التنظيمي الكردي , لإغناء مرجعية قوية أولا , و لتمتين القدرة التنظيمية للحزب مع الاحزاب و القوى المقاسمة له تجربته النضالية , و ثوابته الكفاحية , و الذي كان التمزيق و التشرذم حالة غير موضوعية و لا صحية , بحيث يستلزم الأمر معالجة الوضع بمسؤولية كبيرة و حس وطني رفيع , و قدرة على الاعتراف بالأخطاء , و سرعة في تداركها و إنهاء حالة الترهل و التشرذم و الاداء غير السليم .
4- إن التوازن الدقيق في الرؤية الكردية و تماسك الموقف النضالي و دقة المرحلة , و الاحساس العالي بتخلف الحركة عنها , و عدم قدرتها على لم طاقاتها و و إنتاج سياسة كردية متوافقة مع طموحات ووعي الجماهير و إدراكها لمسؤولياتها , وما يراد للحركة أن تبلوره , إن كل ذلك بحاجة إلى منطق حواري جاد و عادل و مسؤول , ينطلق من دقة الموقف و إيثار الموضوعي و الاستراتيجي على الذاتي و الحزبي العابر و المكاسب الضيقة و الضجيج الإعلامي غير المسند إلى تلك الرؤية المتوازنة , مما يجعل الخروج من الحالة المربيةو الهامشية ضرورة وطنية و قومية ملحة تستلزم جهدا مضاعفا و قدرة و حيوية على علاج مثمر , يجعل من الحركة و توازنها محط إعجاب و تقدير من أصدقاء الحركة و أنصارها و أحرار الوطنيين و النخب و الجماهير , في تأكيد على أهمية الحركةو دورها في البناء الوطني العام , بما يخدم المصلحة الوطنية العليا و يعزز الدور النضالي للحركة في بعديه الوطني و القومي , و في الرؤية و الموقف.
5- يتجلى أداء الحركة الفعال في جملة مراجعات و تدقيقات و فحص للمواقف و و تأن في اتخاذ القرار السياسي و التنظيمي , بحيث ترقى الحركة في ذلك إلى اختبار دقيق لأداء المرحلة الماضية و الاستعانة في ذلك بمنهج علمي وصفي دقيق , يجعل من المحطات النظامية نقطة اختبار و محطة انطلاق لبناء الاقوى و الافضل في البرامج و التوجهات و المناهج و القواعد النضالية ليكون ذلك مبنيا على رؤية استراتيجية نقدية عريضة , تخرج العمل النضالي من إطاره التقليدي الضحل إلى فضاءواسع من برامج العمل الوطني و القومي المتميز.
6-لايمكن للحركة بأية حالة أن تلبي طموحات أنصارها والملتفين حولها والساعين إلى إنجاح مساعي أدائها, إلا من خلال عمل مبرمج ومخطط ومدروس يرقى إلى إدراك دقيق في فكر تنظيمي جديد يعالج الثغرات ويدرس العلل ويحيط بها , ويضع يده على الإساءات المبرمجة والمقصودة والأخرى الملتوية والمدفوعة بقوة لتحقيق مكاسي آنية مفضوحة ومكشوفة من أفراد وهيئات ,يضيرها أن تعمل إلا في الأنفاق والدهاليز المظلمة وفي سدول الظلام وبمنطق تآمري , يبرمج للتحطيم والتخوين والصعود على الجماجم, ولي اللجم, والطعن من الخلف , في صناعة من النفاق المقيت على مستوى الأفراد والهيئات , مما بات قديما ومهترئا وممجوجا ,على الرغم من ارتدائه البراقع الزاهية والأخرى الملونة بأشكال المكر والالتواء , مما ينبغي فضحه وتعريته كأحد أكبر الأدوات والوسائل والمقدمات لأي إصلاح مرتقب , دون تسمية الجناة والمسيئين , لمعرفة الناس بهم وعرفانهم لأنفسهم جماعات وأفرادا .