سدود أو حدود

سيداي زانا

تبنى السدود عادةً أمام السيول في الوديان التي تجري شتاءً, لتجميع المياه للاستفادة منها في الصيف, وكذلك تقام السدود على الأنهار, للاستفادة منها في السقاية وتوليد الطاقة الكهربائية, ولن نسمع أو نشاهد بأن سدودٍ بنيت أو أقيمت من أجل توقيف مياه الأنهار وشل حركته, ولكننا وجدنا في تنظيمات الحركة الكردية سدوداً وموانع لشل حركتنا وتقييده, وتضع له حدوداً يستوجب عدم تجاوزها

فنجد منذ خمسون عاماً تقريباً نمطاً واحداً من القيادات التي تتحكم في قيادة القوى الكردية, وأصبحت فيما بعد مشاريع انقسام وتشتت لنضال شعبنا الكردي, في شُعب وتيارات هزيلة لا تلبي الطموح الكردي, ولا تستطيع القيام بالمهام الملقاة على عاتقها قومياً ووطنياً, وتصبح سدوداً مانعاً أمام مسيرة الحركة, مهمتها تجميع القوى ليس للنضال والمطالبة بالحقوق, بل من أجل تشكيل أطر تحمي هذه القيادات, وتحافظ على مصالحهم, وبتلوينٍ كردي ووطني براق تبهر عيون العامة والمريدين, كما في الطرق الصوفية والتي تعظم الشيخ والدعاية لسلطانها وقوته الخارقة في مجال الغيب والتنبؤ.
هؤلاء الرموز في الحركة السياسية الكردية, لا ننكر لهم دوراً في الماضي, وهم كانوا رجالها, ولكن متطلبات المرحلة الحالية, تبغي التجديد والتغيير, والسرعة في مواكبة المستجدات, أعتقد بان المرحلة ليست مرحلتهم, وليس بإمكانهم قيادة الشعب الكردي بتلك الحافلة القديمة والمهترئة, فالذي لا يستطيع أن يقدم خلال خمسة عقود سوى التقسيم والانشقاق, لا يستطيع العمل خلال المرحلة القادمة, فأسماؤهم طبعت في أذهاننا خلال هذه الفترة الطويلة, وتسمى الأحزاب بأسمائهم.
عندما نتحدث عن الأنظمة الديكتاتورية في البلدان التي تحكمنا, فأليس من الأولى أن نتحدث أنظمة أحزابنا وقياداتها التي تمارس نفس الأسلوب دون تغييرٍ وتجديد, أليس من الأولى لهم أن يتنحوا في إحدى المحطات الحزبية ليفسحوا المجال أمام الجيل الشاب والصاعد لتولي قيادة النضال في المرحلة الحالية, ولأن الولادة الجديدة تمت في انتفاضة قامشلو الباسلة, من شجون وأحزان الشعب والاحتقان المتجمع منذ عشرات السنين في قلوب هؤلاء الشبان, فأعتقد أن قيادتنا التقليدية لا تلبي طموح الشعب الكردي في قيادة نضاله في هذه المرحلة, وقيادة هكذا انتفاضة, فنطالب بالتجديد والتغيير في الأسلوب والبرامج والقيادة.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…

عبدالباقي اليوسف بصفتي فاعلاً في الحراك السياسي ومتابعًا لتطورات الحركة الوطنية الكوردية على مدى عقود، واطلاعي العميق على برامج وأهداف مختلف الأحزاب الكوردية في سوريا، ومشاركتي في بعضها وأساليب نضالها، أؤكد أنه لم يدعُ أي حزب أو حركة كوردية قط إلى تقسيم سوريا. لقد استرعى انتباهي البيان الصادر عن الرئاسة السورية تعقيبًا على المؤتمر الوطني الأخير الذي عقدته الحركة في…