بيان الأمانة العامة لإعلان دمشق بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان

تمر الذكرى الثامنة والخمسين لإطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 / 12 / 1948 على بلادنا ، مثلما مرت في العقود الأربعة الماضية .

وما زال الشعب السوري يتوق إلى الحرية ، ويعمل من أجل أن يرى لحقوق الإنسان مرتسمات على أرض الواقع وفي الحياة العامة في سورية .

وفي الوقت الذي أصبحت فيه الحريات الأساسية وحقوق الإنسان للأفراد والجماعات سمة الحياة المعاصرة في الألفية الثالثة ، فإن شعبنا ما زال ينوء تحت مظاهر الانتهاك الفظ لهذه الحقوق وتلك الحريات .

وعلى الرغم من أن سورية من الدول التي صادقت على الإعلان ، ووافقت على جميع الوثائق والعهود الدولية ذات العلاقة ، وكان آخرها المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، إلا أن السلطة أبقت التزاماتها حبراً على ورق ، وتركت البلاد فريسة للاستبداد والشعب محروماً من أبسط الحقوق ، التي تقرها قوانين السماء والأرض وشرعة حقوق الإنسان .
لقد شهد العام المنصرم تصعيداً في تجاهل الحقوق وممارسة الانتهاكات بشكل فظ وسافر ، بدأ يذكر بأجواء الثمانينات الكريهة .

مما يشير إلى أن العالم يسير باتجاه ، والسلطة تقود بلادنا باتجاه آخر.

ومن معالم ذلك :
–  استمرار فرض حالة الطوارىء منذ اكثر من اربعة عقود والأحكام العرفية ، وما تمنحه من سلطة مطلقة للحكام ، خارج الإطار الدستوري والقانوني في البلاد .
–  استمرار الاعتقالات واحتجاز حرية الناس على خلفية آرائهم ومعتقداتهم ونشاطهم الاجتماعي والسياسي الوطني .

مع حرمان الآلاف من حق السفر خارج البلاد وآخرين من حق العودة إليها بحرية وكرامة .
–  التضييق على الحريات العامة للمواطنين التي كفلها الدستور،  من حرية الفكر والتعبير والتنظيم والتظاهر والاعتصام والنشاط السياسي والاشتراك في العمل العام .
–  استخدام القوانين والمحاكم الاستثنائية للتنكيل بالمعارضين وأصحاب الرأي الآخر.

والاستمرار بتفعيل القضاء العسكري ومحكمة أمن الدولة العليا والقانون 49 لعام 1980 في مواجهة النشاط السياسي
–  التعامل البشع وغير المعهود مع المثقفين والسياسيين المعارضين ، كزج معتقلي الرأي بين القضائيين وأصحاب السوابق الجنائية والتحريض على الاعتداء عليهم .

وكذلك التسريح من العمل كعقاب رادع للنشاط العام ، ومحاربة المواطن الحر بمصدر رزقه ولقمة عياله .
–  منع اللقاءات والاجتماعات الثقافية والسياسية والحزبية في طول البلاد وعرضها .
–  حجب المواقع الألكترونية المعارضة ، ومحاكمة وتجريم نشر الثقافة السياسية والديمقراطية في نشرات المعارضين ووسائل إعلامهم .
–  الفشل في تأمين حقوق أساسية للمواطن مثل حق العمل والتعلم والضمان الاجتماعي والعيش الكريم في الوطن بأمان وحرية واكتفاء .

والإمعان في حرمان الشعب وممثليه من تفعيل دورهم في مراقبة السلطة ، والاشتراك في تقرير مصيرهم ومصير الوطن .
–  الاستمرار في تجاهل حقوق المواطنين الأكراد الذين جردوا من الجنسية نتيجة إحصاء 1962 في استعادتها .
ومن الملاحظ أنه كلما مضت سياسات النظام العربية والدولية بعيداً على دروب الفشل ، كلما عمد إلى ترهيب الشعب في الداخل ، وزرع الخوف بين الناس لتأمين الانصياع والصمت .
بهذه المناسبة ، وإحياء لذكرى ولادة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، نحيي جميع العاملين في هذا المجال- أفراداً وجماعات- في  المنظمات واللجان والهيئات السورية والعربية والعالمية ونثمن جهودهم ، ونهيب بهم إبقاء العيون مفتوحة على قضايا حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية في سورية ، لأن انتهاكاتها لا حدود لها .
وندعو الشعب السوري بمختلف مواقعه وانتماءاته إلى التمسك بمنظومة الحقوق والحريات الديمقراطية التي عبر عنها الإعلان ، والاستعداد للدفاع عنها ، والعمل على استعادة ما سلبته السلطة ، التي أدمنت نزع حقوق المواطنين وسلب حرياتهم ، وتحويلهم إلى رعايا .

وهذا لا يليق بشعب كشعبنا السوري  صانع للحضارة، صنع دولته الاستقلالية الأولى جمهورية ديمقراطية ، تلتزم جانب الشعب وحرياته وحقوقه .
الحرية تؤخذ ولا تعطى .

والحقوق المغتصبة لا تسترد دون مطالبة واستعداد للتضحية .
ودون الانخراط في عمل جماعي موحد ، ينظم الطاقة الشعبية ويؤطرها ، ويتوجه نحو التغيير الديمقراطي ، يصعب التفكير بسورية حرة وديمقراطية وناهضة ، وطناً يحفظ الحقوق المتساوية لجميع المواطنين .

10 / 12 / 2006
لجنة المتابعة والتنسيق لإعلان دمشق
الأمانة العامة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…

عبدالباقي اليوسف بصفتي فاعلاً في الحراك السياسي ومتابعًا لتطورات الحركة الوطنية الكوردية على مدى عقود، واطلاعي العميق على برامج وأهداف مختلف الأحزاب الكوردية في سوريا، ومشاركتي في بعضها وأساليب نضالها، أؤكد أنه لم يدعُ أي حزب أو حركة كوردية قط إلى تقسيم سوريا. لقد استرعى انتباهي البيان الصادر عن الرئاسة السورية تعقيبًا على المؤتمر الوطني الأخير الذي عقدته الحركة في…