خضراويون وحمراويون.. لا بل زرقاويون..


عــبداللـه نور إمام
منذ لحظة مقتل الإرهابي أبي مصعب الزرقاوي ، بدأت بعض الأبواق الإرهابية تكشف عن مكشوفها وتكرر عرض صورها المنبوذة وحالاتها المتعفنة الكائنة على هامش الحاضر واللاكائنة في المستقبل.
خضــراويون :
   البداية كانت من « ذوي القربى » ، حيث قام بعض مروّجي الإرهاب بإقامة خيمة عزاء للزرقاوي في مسقط رأسه، وقد كانت عشيرته وأهل مدينته تبرأوا سابقاً منه بعد أن وصلت اختراقاته الإرهابية إليهم بتفجيرات عمان الماضية.

ولم يكن مستغرباً أن يستعجل مروّجوا الإرهاب من تنظيم «جبهة العمل الإسلامي» الأردني من أعضاء البرلمان بتقديم العزاء حيث وصفوا الزرقاوي بـ «الشهيد» و «المجاهد»..

وما إلى ذلك من أوصاف تمجيدية.
بالترافق مع ذلك قام أنصار حركة حماس الفلسطينية بالتظاهر في شوارع مدينة غزة ورفع صور الزرقاوي وإدانة عملية قتله، سائرين في ذلك على خطا تنظيمهم ومؤسسهم أحمد ياسين.
تلاهم تنظيم القاعدة الإرهابي عبر أيمن الظواهري الذي نعى تلميذه الزرقاوي واصفاً إياه بـ «أمير الشهداء»..

وقد تكفلت قناة الجزيرة القطرية ببث الشريط المسجل للظواهري كتكميل لعملية إيصال الرسالة الإرهابية.

وتلاه رأس الهرم الإرهابي العالمي أسامة بن لادن في شريط مسجل متمماً لمن جاء من قبله..
هذه الصور الإسلامية الخضراوية (نسبةً إلى لون الراية الخضراء) كانت تعبر عن حقيقتها المرعبة لتؤكد للعالم ضرورة متابعة النضال البشري للقضاء على هذه الآفة من جذورها.

وما الزرقاوي سوى صنيعة أفرختها مصانع الإرهاب وموّلتها بنوكه وروجت لها قنواته وأبواقه المعروفة لكل قارئ.
حــمـراويون :
   ترافقاً مع ذلك أيضاً ، قام سليل الدكتاتورية الشيوعية فيديل كاسترو بوصف عملية قتل الزرقاوي بأنها «عملية بربرية»، وقد كان كاسترو يتمنى لو أن الإرهابي الزرقاوي لم يقتل لأنه لا يمثل عنده سوى نسخة من كيفارا الشيوعي ولكن بطبعة إسلامية هذه المرة.
كاسترو الحمراوي (نسبة إلى لون الراية الحمراء للشيوعيين) القابع على أنفاس الكوبيين منذ نصف قرن تقريباً، والذي لا يختلف في مظهره ولحيته عن الزرقاوي، كما أنه لا يختلف عنه من حيث المضمون الإرهابي، لم يأسف لحياة مئات الألوف من البشر الذين قُتِلوا ويُقتَلون جماعات وفرادى على أيدي رفاقه وعلى رأسهم رفيقاه صدام، والزرقاوي..

بل إنه كان فرِحاً جداً عندما تراءت له لوحة حلبجة وهي تفترش الأرض بضحايا السلاح الكيمياوي.
النسخة الكاستروية تتجلى في بقايا الشيوعيين عندنا وعلى اختلاف أجنحتهم، والذين يمجدون ويطبلون ويزمرون ليل نهار لما يسمونه بـ « المقاومة العراقية الباسلة» التي تحارب حسب زعمهم «لتحرير العراق من الامبريالية والصهيونية وحلفائها» أعضاء وأنصار الحكومة العراقية الحالية، كما يرفضون الدستور الحالي الذي صوّتت عليه الأغلبية الساحقة من العراقيين.

إن جرائد: «صوت الشعب» و«النداء» و «قاسيون» بالإضافة للصحف الرسمية السورية..

تنافس قناة الجزيرة القطرية في هذا المضمار، في وقوفها إلى جانب الإرهابيين وفي مواجهة دعاة وبناة الديموقراطية التي يسعى إليها الشعب العراقي وشعوب المنطقة عموماً.
زرقــاويون :
   هؤلاء الخضراويون والحمراويون، ما هم في حقيقتهم إلا زرقاويون (نسبة إلى الإرهابي المقتول أبي مصعب) عندما يسيرون على درب «الزرقاوي» ويسلكون سلوكه ويروّجون لفكره أو لعمله ويشيدون به..

مستهترين بالقيم الإنسانية النبيلة التي تخدم الإنسان وحياته وحريته وكرامته وكافة حقوقه المتعارف عليها عالمياً.
في 30/6/2006م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…