ميرآل بروردا
(كنا نتأمل ذلك الفلاح المسكين الذي كان يرتجف عندما يسأله الجندي التركي عن اسمه ونتساءل كيف سنستطيع تغييره وكيف سيحمل البندقية ويقاتل في وجه جحافل الجيش التركي)انطلاقة جيدة لحزب العمال الكردستاني وشعار ملائم له .وبالفعل استطاع هذا الحزب تغيير ذاك الإنسان الكردي البسيط ولكن باتجاهين مختلفين :
الاتجاه الأول: تغير وحمل البندقية وقاتل في وجه الجحافل وأتقن المعترك السياسي والنهج الثوري لحركة التحرر وكانت الدماء دفاقة في أودية كردستان تركيا .
الاتجاه الثاني: تغير ولكن نحو الخلف فبعضه مال إلى صف العدو (وفقا للتصنيف الذي وضعه هذا الحزب الشقيق من وطنيين وخونة )
رغما عنه لأنها إرادة البقاء حيا فهو عدو العدو وعدو الصديق .-لعلها أكبر الأخطاء التي وقع فيها هذا الحزب – وبعضه الآخر آثر الاستمرار في الحياة بعيداً عن التفجيرات والمعارك وقضبان الحديد و اهانة الإنسان .
فكانت الهجرة نحو العاصمة والمناطق التركية الأخرى مما أدى إلى فراغ واسع في البنية الاجتماعية والأسرية لشعبنا الباسل في كردستان الشمالية .
هذان الاتجاهان وما حمله هذا الحزب من آثار سلبية على باقي الأجزاء وخاصة غرب كردستان جعلته من الأحزاب الغير مرغوب بها في أوساط حركة التحرر الكردستانية وبشكل خاص تدخله الغير مبرر في جنوب كردستان وافتعال القلاقل فيه.
واليوم وبعد مرور أعوام من اعتقال رئيس هذا الحزب ما زالت آثاره جلية على المجتمع الكردي اجتماعيا وسياسيا ورغم ذلك لو تأملنا هذا الوضع ونظرنا إليه من زاوية أخرى خاصة التغيير الهائل والكبير في نهج هذا الحزب وانتقاله للنضال بشكل آخر وتحوله إلى النهج الموضوعي والعلمي والنضال السلمي المعاصر ومحاولاته العودة إلى السرب لوجدنا عجز واضح لدى هذا الحزب في التأقلم والعودة إلى الجماهير والحركة التحررية وذلك لأسباب عديدة منها ما ذكرناه سابقاً إضافة لـ:
أولاً : عمليات التصفية الجسدية الواسعة التي قام بها فيما مضى بحق الكثير من المفكرين ورجالات الدين والمثقفين ممن كانوا سواء كانوا على خلاف فكري مع هذا الحزب أو عبر تصفية حسابات شخصية أو عائلية أو حتى نفسية وهي التي أقرها كثيرون من أعضاء هذا الحزب ولم تستطع الجماهير نسيانها .؟
ثانياً: عدم قدرة هذا الحزب على التحول من الشكل الصنمي إلى الشكل الديمقراطي المراعي لخصوصية كل جزء كردستاني خاصة التحول التنظيمي الذي حصل والذي بقي أسير سيطرة الأغلبية الشمالية كون قيادة هذا التنظيم تتسم بمجلس يتمتع بأغلبية شمالية مشاركة لم تستطع الدخول والتوغل إلى الوضع الكردي الخاص بكل جزء وبالتالي عدم اتخاذ القرار المناسب والداخلي المتعلق بكل جزء وبشكل دقيق يرتقي بهذا التنظيم إلى مستوى المسؤولية والاعتذار الفعلي للمجتمع الكردي .
لعل أزمة هذا الفصيل كجزء من الأزمة العامة للحركة التحررية الكردية عموما في طريقها إلى الحل فيما لو تخل هذا الحزب عن هذه الفواصل الأساسية خاصة وأن التغيير بات سمة من سمات هذا العصر ولكن هذا الوضع الحالي لا ينفي محاولات هذا الحزب الولوج إلى الطريق القويم وتحقيقه لنقلات لا بأس بها في هذا الصدد خاصة في غرب كردستان ومحاولاته إثبات نفسه كجزء من التيار الوطني .لنأمل لهذا التنظيم النجاح والتحول نحو الأفضل مع باقي الفصائل التي تعاني أيضاً أزماتها الخاصة بها.