كل هذه وغيرها الكثير ، كان على المدعو كمران أحمد رشيد – من أربيل – أخذه بالحسبان، قبل نشره لمقاله المعنون «الصراع الطبقي يشتعل في كردستان العراق» في صحيفة صوت الشعب – عدد 37 أيلول 2006 – التابعة لإحدى مجموعات الحزب الشيوعي السوري، والذي أورد فيه أراءً ، وأقوالاً ، توحي للسذج من أمثاله، إن كومونة باريس ثانية، قد اندلعت ولكن هذه المرة – ليست في باريس ، مدينة برج إيفل الشهير، وعاصمة الثورة الصناعية ، وأقوى الدول برياً في القرن الماضي ، بل في كردستان العراق ، هذا الإقليم الذي مازالت جراحه تنزف دماً ، لتعرضه وعلى مدى عقود من السنين ، لأشرس حملات الإبادة الجماعية – الجينوسايد – وعمليات الأنفال السيئة الصيت، التي أودت بحياة / 182 / ألف كردي وقصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي، حيث أدى لقتل أكثر من / 5 / آلاف كردي ومثل هذا العدد من الجرحى ، وتداعيات عصية على الحصر، وقتل ونفي واعتقال البارزانيين أبطال ثورات تحرير الكرد الذين مازال مصير / 8 / آلاف منهم مجهولاً حتى الآن، وتدمير /4500/ قرية وقصبة كردية وتسويتها بالأرض ، وغيرها من الجرائم البشعة التي يندى لها جبين البشرية، والتي ابتدعتها آليات الفكر الشمولي للسيد كمران وصحيفة ( صوت الشعب ) التي لم تحصل يوماً ما على ثقة الشعب، في أي استفتاء شرعي ،وما نوابهم في ( مجلس الشعب ) مثلاً، إلا هبة من الآخرين، هذه الصحيفة ( الأممية جداً ) التي لم تكلف نفسها بالإشارة إلى أية جريمة من كل تلك الجرائم – ناهيك عن استنكارها – والتي صمتت صمت القبور ، على جريمة العصر في حلبجة واستعاضت عن ذلك بذرف دموع التماسيح، على تفريق مظاهر مبهمة في هذه البلدة بالقوة – كما تدعي – في أعظم أممية هذه الصحيفة ، وما أبرعها في محاولات التضليل ، واستغباء القراء ، وإضافة إلى ما ورد فهي مصابة بمرض مد البصر منذ زمن بعيد، فلا ترى إلا الأحداث البعيدة !؟ ويحضرني هنا وصف أحد المصابين بهذا المرض، لحالته بالقول: «أليس عجبا أن أرى علماً يرفرف على مخفر يبعد عني كثيراً ، ولا أرى باب فناء داري»
إضافة لذلك وبالدهشة فإنها باتت لا ترى إلا الأمور الصغيرة – دون الكبيرة والهامة – أ فليس من العار، الحديث عن جرح عدد من المواطنين المتظاهرين ،وتجاهل القبور الجماعية، واستخدام الأسلحة الكيماوية، ومئات الجثث المجهولة الهوية، وقتل المصلين في المساجد الشيعية والسنية، والعمال والأبرياء في الأسواق العمالية والشعبية، ثم توصف نفسها بأنها جد أممية!!!.
ويتضح إن المثل القائل: «إذا عرف السبب بطل العجب» ينطبق على القائمين على هذه الصحيفة، لأن غضبهم اللاطبقي ، والنابع من نهجهم الذيلي، يزداد سعيراً ، من مشاهدة إقليم كردستان، يستطيع فيه الكرد التمتع بالحرية، والسلام، والإخاء ، والأمان والاطمئنان، بعيداً عن الاستعباد والشمولية والطغيان.
واستناداً على الدوافع المبيتة للسيد كمران ومنط ومنهج تفكيره ، وتطبيقاً للمثل «كلمة حق يراد بها باطل» فلا غرو ألا يسلم احد من المختلفين معه في الرأي ، من سهامه المسمومة ، إذ نجدها – أي السهام – قد طالت شعارات وطموحات الحركة القومية التحررية الكردية ، – التي تمثل أكثر من / 40 / مليون كردي يعيشون على أرضهم – التي كانت وستبقى مبعث فخرنا واعتزازنا حيث يقول: « إن الفكر القومي يستطيع أن يعبئ الجماهير ، ويسيطر عليها لزمن محدد عبر تسويق ديماغوجي لفكرة الامة ولخطر الخارجي وضرورة التوحد حول الأهداف والمثل والمنطلقات السامية لأرباب هذا الفكر الذي لن يلبس أن ينكشف ولو بعد حين عندما تنتهي فترة الصلاحية للشعارات الجميلة والرومانسية التي سيطر بها على عقول الجماهير،…» وكأن شعاراته ، وشعارات الصحيفة السالفة الذكر، قد وجدت تطبيقات لها ، وهنا ادعوه لإلقاء نظرة على شعاراته، في اليمن الجنوبي وروسيا – ألمانيا الشرقة – يوغسلافيا – رومانيا – بولونيا – بلغاريا … والتي أفرزت دكتاتوريات لا منصف ينكر ما اقترفت أياديهم ضد الحرية والبشرية، كما وطالت سهامه الخشبية، الحزبين الكرديين الرئيسيين ، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حين يقول: «وتوضحت المواقف أكثر بعد الغزو وتقاسم الغنائم بين هذه القوى التي تنكرت لماضيها الوطني…» كما وتهجم السيد كمران على الحزب الشيوعي العراقي بالقول: «ما يثير الغثيان أيضاً هو الموقف المخزي لمجموعة حميد مجيد موسى وفخري كريم التي تدعي تمثيلها للحزب الشيوعي العراقي…».
كما لا يخلو المقال من الإساءة إلى رمز النضال التحرري ، ورمز الفداء والتضحية الكردييّن – الپيشمركة – موحياً بأن نضال الشعب الكردي قد ذهب هباءً وأن تضحياته لم توفر له أية حرية ولا أي جديد، حين يقول: «فماذا بقي أمام الشعب الكردي ليكتشف أن حريته لا تأتي بتغيير مستغليه من ناطقين بالعربية إلى ناطقين بالكردية» ولا يسعني هنا إلا الدعوة بملاحظة نسبة وعدد المشاركين في الحكومة الإقليمية والإدارة والمؤسسات وهوياتهم القومية والدينية والسياسية وكذلك المستقلين منهم، أمثال السيد عبد الرحمن مصطفى محافظ كركوك والسيد فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الإقليم… وغيرهما ، ومقارنة هذه الأمور بمثيلاتها في زمن الدكتاتورية طبعاً بعد الاعتذار من العدالة على المقارنة، مما سيدحض وبكل جلاء ما ذهبت إليه الصحيفة على لسان كمران.كما أن مقارنة بسيطة، وبعد الاعتذار من العدالة ثانية من العدالة، في أسلوب ،والية وكيفية تقلد السيد جلال الطالباني لمنصب رئاسة الجمهورية الفدرالية يظهر خطر آراء الكاتب ، ناهيك عن المقارنة بين صلاحيات كلٍ منهما كرئيس للعراق.
ودرءاً لاتهامات أخرى قد يلجأ إليها الكاتب وأمثاله لا بد من القول: أن حق التظاهر وحرية التعبير وحقوق الإنسان، مصانة في الإقليم – رغم الظروف القاهرة – دستورياً وعملياً على الأقل أكثر مما هو عليه في أغلب الدول المجاورة.
أما بشأن الصراع الطبقي أو قميص كمران – إذا جاز التعبير – والذي عنون به مقاله ، فبذوره موجودة في كل مجتمع وتبعاً للتطور الاقتصادي والاجتماعي وهي عملية مستمرة تتراجع وتتقدم حسب الأجواء الاقتصادية والسياسية والمناخات السائدة والمجاورة و… .وهذه حقيقة ، مثلما إن وجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية حقيقة لا يجوز نكرانها، ومن حق الكرد السعي والنضال للحصول على حقوقه ، على قدم المساواة مع شعوب المنطقة والعالم.
وختاماً أقول: ليس صحيحاً ما ورد في المقال من إن القوى الكردية، تنكرت لماضيها الوطني فلهذه القوى تاريخ نضالي يعنيهم عن تلقي الدروس الوطنية من المدجنين – على حد تعبير صديقي الكاتب الاستاذ علي الجزيري – ممن يقفون مع الاستبداد بذرائع وكليات ولى زمن الانخداع بها ولله الحمد، وإذا كانت الوطنية تعني كما تراه الصحيفة الوقوف مع الطاغوت ومساندته، فتحية عطرة للخيانة وكذلك للعمالة!!!.
24 / 9 / 2006
قامشلي