Aras1@aloola.sy
إن نشر ثقافة حقوق الإنسان هو من إحدى أهداف المنظمات الحقوقية, و تشكل خطاً فاصلاً بين ماضي البشرية وحاضرها الراهن, وربما لعقود إضافية , لذا نقول إن ثقافة حقوق الإنسان ثقافة عصرية, لأنها تعبّر عن الفاصل الزمني بين عصر قهر الإنسان وعصر إطلاق حرياته والاعتراف المقنن بحقوقه, كما أنها مرتبطة بمثالية البحث عن حضارة جديدة إنسانية حقا تعترف بكرامة الإنسان ,وتقنن حرياته الأساسية والمساواة التامة وتقرير مصيره بنفسه ونفض كل صور التشيؤ والاغتراب المفروض عليه.
أما فكرة حقوق الإنسان فكانت تظهر في فترة وتختفي أحياناً , لكن بعد انهيار المعسكر الشرقي قفزت هذه الفكرة إلى قمة جدول الأعمال العالمية بقوة, وأصبحت في مقدمة القضايا التي تشغل العالم ولا يمكن لأحد أن يتجاهلها ,لأنها في صلب الحضارة الجديدة .
ولأنها تتمثل في الإصرار على جعل مستقبل البشر مختلفاً عن ماضيهم, وبالتحديد تمكنهم من أن يعترفوا لأنفسهم اعترافاً جماعياً ومتبادلاً بتعبير مقنن عن كرامتهم المتأصلة والمتساوية دون أي تمييز بسبب الأصل أو اللغة أو الدين ….الخ .
كما إنَ حقوق الإنسان ليست بآمال ورغبات وما يشتهي به الناس, بل هي مصادر قانونية متعددة التي اعتمدها المجتمع الدولي وهي :
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
2- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .
3- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
إذاً هذه المصادر تعتبر المظلة الجامعة لحقوق الإنسان أو شرعة الحقوق , ومن هذه الشرعة تم استنباط عشرات الإعلانات والاتفاقيات والبروتوكولات .
– عالمية حقوق الإنسان
تعتبر عملية نشر ثقافة حقوق الإنسان هو تأسيس لعالميتها, والكشف عن أصالتها في طبيعة الإنسان ،أن تقبل على نفسك ما تقبله على غيرك .
فمثلاً أنت مسلم وتعتقد في صحة وحقيقة دينك وإن حرّمت المسيحية في بلدك من حقوقهم بحكم الأغلبية, إذاً عليك أن تقبل ما يفعله أصحاب الديانة المسيحية في بلد ذي الأغلبية, إنّ انتهاك الحكومة التركية لحقوق الكرد في كردستان تركيا بحكم السلطة والجندرمة , إذاً لا تستطيع الحكومة التركية المطالبة بحقوق تركمان في كركوك إذا كانوا مضطهدين حقاً في كردستان العراق, وإن الحقوق ليست نسبية كما يدعي بعض البلدان بحجة أنها تصلح في بلد ما ولا تصلح في بلد آخر .
فمثلاً قد تعترف بلد ما بحرية التعبير, وبلد آخر يقمع هذه الحقوق وهذا ينطوي على فوضى عقلية وأخلاقية وهذا يجعلنا ألا يكون لدينا معيار نقيس بها الأساسيات ما يجب أن يتمتع به الإنسان في كل مكان من معاملة لصيقة كونه إنساناً له كرامة .
وهذا ما يجعل لنا ألا نستطيع الاستناد إلى مبدأ له قيمة عالمية ومطلقة .
فمثلاً مبدئية حق الأمم في تقرير مصيرها إذا لم تكن مقبولة من عموم البشر وكل أطراف المجتمع الدولي, فأن الدول القوية سوف تهدم الدول الضعيفة, والأمم القوية تحكم الأمم الضعيفة .
إذاً يجب أن نعترف بأن هناك مبادئ عامة وجوهرية في علاقة الدولة بمواطنيها الأفراد والجماعات الذين يعيشون في ظل نظامها التشريعي, وولايتها القانونية وأهمها بأساسية معاملة الإنسان كانسان له حرية وكرامة متساوية مع غيره أي الإقرار بعالمية حقوق الإنسان وبأنها مطلقة وغير قابلة للاختراق أوالانتهاك أو التجزئة
آليات تطبيق حقوق الإنسان .
إن آليات التطبيق هي ذات طابع سلمي على عكس الحركات الثورية العنيفة ولا تؤمن باستخدام العنف والقوة, وإنّ هذه الحركات تخاطب العقل والضمير والوجدان, وإن قوة النداء السلمي أقوى من دقات طبول الحرب أو الثورات المسلحة.
ونبدأ من الآليات العالمية حيث أن الإنسان والمواطن الفرد أصبحا شخصاً من أشخاص القانون الدولي, ومخاطباً بقواعده ونصوصه, ومشمولاً برعاية هذه القواعد والنصوص الخاصة بحقوق الإنسان إن أي تطور أو توسع قانوني دولي خاص بحقوق الإنسان معناه أن الإنسانية ككل قد صارت تعتبر أن هناك حداً أدنى من المعاملة اللائقة للإنسان ينبغي ألا تخرج عليه أية دولة أو هيئة سياسية منظمة وإن أي خروج هو جرح للإنسانية كلها أي انتهاك لحق الفرد هو انتهاك لحق الإنسان كله, وهذا ما يجعل المواطن له القيمة ويعطيه الأمل في تضامن حقيقي عندما يقع أسيراً في قبضة حكومته.
أما الآليات القانونية والقضائية في أي بلد كان هي آليات فعلية لتطبيق حقوق الإنسان وهي التمتع بنظام قانوني وقضائي مستقر ومحترم ومستقل ونزيه وهنا مهمة المنظمات الحقوقية أن توظف كامل طاقاتها في استخدام النظام القانوني والجهاز القضائي الموجود في بلادها, وأن نستمد من بلورة تقاليد قانونية وقضائية سليمة ,والدفاع عن استقلالية القضاء سيادة القانون وهو بحد ذاته أهم المكاسب في مجال حقوق الإنسان .
وتعد قنوات التعليم والثقافة أكثر آليات الدفاع عن حقوق الإنسان فعاليةً وإن المعركة الحقيقية الناجحة لحقوق الإنسان هي معركة ثقافية وتعليمية وإن الإيمان بحقوق الإنسان هو الدعوة إلى الاحترام وتعزيز حقوق الإنسان بالوسائل التشريعية والقضائية والثقافية والتعليمية .
وإن التضامن مع ضحايا الانتهاك وتحريك الدعوى القضائية ومخاطبة جهات التشريع والإدارة واستخدام كافة الوسائل المطروحة هذه هي أدوار جوهرية للمنظمات الوطنية غير الحكومية , وإعلان نتائجها على الرأي العام .