قرأت البيان التأسيسي الذي أصدره السيد نوري بريمو والموجّه إلى أعضاء وكوادر حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا-يكيتي- من أجل مناصرته، والسير خلف قيادته بدلاً من السير خلف قيادة الحزب الحالية(المترهلة) كما يزعم، رأيت من الضروري أن أتوقف على بعض النقاط الجوهرية فيه.
يقول السيد بريمو في بيانه:
( تمكنت الدوائر الشوفينية من تحريف مسار حراكنا السياسي عن مجراه الطبيعي، فقصمت بذلك ظهر مشروعنا السياسي ومزقت جسدنا (القومي ـ المجتمعي) بهدف قطع دابر عمقنا الكوردستاني…!؟، حيث بات لم يعد بإستطاعة أيّ فرد منّا مجرّد التفكير أو الحلم بأية صِلة رحم كوردستانية تربطنا بالأجزاء الأخرى…).
أعتقد أن هذا الاتهام هو تجنّ على الحقيقة والواقع، لأن الحركة الوطنية الكردية في سوريا لم تتخلّ يوماً عن مشروعية وضرورة النضال من أجل بناء أوثق العلاقات الكردستانية الصحيحة المبنية على أسس الاحترام المتبادل وما يخدم مصالح شعبنا الكردي عموماً، كما أنها تعتبر الأحزاب الكردستانية في الأجزاء الأخرى عمقاً استراتيجياً لها، والأدلة على ذلك أكثر من أن تعد أو تحصى.
فلقد ساندت حركتنا الوطنية الكردية- التي كنت حتى الأمس القريب عضواً قيادياً في أحد أحزابها- النضال العادل لحركة شعبنا الكردي في عموم أرجاء كردستان مادياً ومعنوياً، ووفقاً للإمكانات المتاحة بدءاً من كردستان العراق، مروراً بكردستان تركيا وإيران، ولم يبخل شعبنا على أشقائه بشيء، حتى بتقديم خيرة أبنائه وبناته قرباناً لقضيتهم العادلة، والتي هي قضيتنا المشتركة.
ولكي تتضح الصورة أكثر، فإن النضال من أجل بناء أوثق وأفضل العلاقات الكردستانية بين الحركة الوطنية الكردية في سوريا والأحزاب الكردستانية لا يزال يحظى بأهمية استثنائية، ولا أعتقد من الجائز أن توهم الأخوة في كردستان العراق التي تقيم فيها اليوم بأنك كنت الوحيد الذي كان يسعى للحفاظ على صلة الرحم..!!، ما كان لك أن تقدم على تشويه هذه الحقيقة يا سيد نوري بريمو..
في موضع آخر من بيانه، يسوق السيد نوري بريمو اتهاماته لقيادة الحركة الوطنية الكردية، حيث يقول:
( في إطار النزعة التسلّطية لأكثرية المسؤولين الأوائل لأحزابنا الذين أقدموا -لأسباب مزاجية شخصية أولخلفيات أخرى مجهولة… !؟- على تقاسم تنظيمات حركتنا على مرّ السنوات الماضية إلى مجرّد مجموعات حزبوية جرداء تابعة لهم ومنقادة من قبلهم ووفق أهوائهم…؟!..
).
هنا, رغم قناعتي بأن واقع التشتت والتشرذم التي تعيشها حركتنا الوطنية اليوم واقع مؤلم ومرفوض، وتستدعي بذل كل الجهود المخلصة بغية إعادة التحامها لتواكب المرحلة وتتحمل مسؤولياتها المنتظرة، إلا أن الغمز واللمز الذي أشار إليه السيد نوري من خلال قوله(لخلفيات أخرى مجهولة)، تحمل إشارة واضحة إلى ارتباط تلك القيادات بالأجهزة المعادية لشعبنا، وكان قد وضح ذلك في بيانه رقم(1) نهاراً جهاراً، وأعتقد بأن زمن هذه الأساليب قد ولى على غير رجعة، فينبغي مخاطبة العقل والمنطق بلغة الأرقام والحقائق، فالتلاعب بالألفاظ بهذه الطريقة، لا تعبّر سوى عن محاولة رخيصة يائسة للانتقام منها وبأي ثمن!!.
يقول السيد بريمو في بيانه أيضاً :
(…إرتأينا القيام بالمبادرة التالية : 1 ـ إطلاق دعوة صريحة إلى كافة رفاق دربنا من قيادات وكوادر حزب الوحدة الديموقراطي الكوردي في سوريا ـ يكيتي ـ ، الذين لا يليق بهم أن يصبروا ويتحمّلوا أعباء العمل تحت وصاية وسطوة هكذا مسلكية مزاجية مرتدة بشكل واضح على منهجية حماية المصلحة القومية العليا لشعبنا ،وذلك لكي يبادروا من جانبهم لرفض هذا الواقع والخروج عن حدود طاعة ثقافة الرعب السياسي المطوِّقة لأفكارهم …،).
حقاً، إنه لمن المحزن جداً أن يصل الحقد بالسيد نوري بريمو إلى هذا الحد الذي أفقده توازنه وصوابه، لأنه على يقين تام بأن رفاق دربه الذين يعرفهم ويعرفونه جيداً، ليسوا بقطعان ماشية تساق وفق أهوائه أو أهواء غيره من القياديين، بل يناضلون في حزبهم الذي بنوه بعرقهم ودمائهم وفقاً لبنود نظامه الداخلي وبرنامجه السياسي ووثائق مؤتمراته، وأن مثل هذه المقولات لا تستطيع خداع أحد.
هنا، تستحضرني واقعة كنت شاهداً عليها، حيث كنت مشاركاً في الاجتماع الموسع الذي عقد قبيل انتخابات مجلس الشعب للدورة المنصرمة، كانت القيادة حاضرة بموقف مسبق، وهو مقاطعة الانتخابات، وقدمت تبريراتها بعدم وجود ديمقراطية، ووجود تزوير وقضية المجردين من الجنسية المحرومين من حق التصويت والترشيح…إلخ.
إلا أن الاجتماع الموسع قد خرج بموقف مغاير تماماً لموقف القيادة، وكانت المشاركة ترشيحاً وتصويتاً شريطة توحيد القائمة الكردية أو الجزء الأكبر منها، مع إعطاء القيادة صلاحيات في هذا الإطار.
هل يمكن القول عن هذه القاعدة الحزبية بأنها منقادة لأهواء فلان من الناس؟ ثم هل من الوطنية أن تحاول شق حزب قدّم الكثير لشعبنا إلى جانب بقية فصائل الحركة الوطنية انتقاماً من فرد أو مسؤول؟!!أهكذا علمتك تجربتك الحزبية التي زادت عن الثلاثين عاماً؟!.أفي هذا العمل منفعة لشعبنا الكردي؟!..
في موضع آخر من بيانه يقول السيد نوري بريمو:
(…إذا تنكّرت وأنت في أي موقع كان (مناصر أومخالف) لحقيقة الوجود التاريخي لشعبنا ،وقلت بأنه ليس وجود قومي مشروع ،وأنّ المناطق الكوردية الواقعة ضمن الخارطة السياسية السورية الحالية هي ليست كوردية ولاجزءاً من كوردستان التي جرى تقسيمها ما بين الأقوياء في زمن ضعفنا…!؟، فأنت ساقط حقوقياً لا بل نكّارٌ للحقوق والحقائق معاً…!؟،).
هنا، أتساءل، ما الذي جرى لهذا الرجل؟ أتراه نسي بين ليلة وضحاها برنامج حزبه السياسي أم يتناسى ذلك عن قصد بغية خلق التباس في ذهنية القارئ؟!! ألا يدري بأن أحزاب الحركة الكردية برمتها ومنها حزب الوحدة لم تفرط يوماً بكردستان ولا بالمناطق التاريخية لشعبنا، ألا يدري بأنه قد ورد في البرنامج السياسي لحزب الوحدة بالحرف ما يلي:
أليس هذا واضحاً وضوح الشمس، ولماذا كل هذا الظلم والتجني بحق حزب قد اتخذ بحقك إجراءاً تنظيمياً نظراً لخروجك عن بنود نظامه الداخلي، فثارت ثائرتك، وقمت باستخدام كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتلطيخ سمعة الحزب وقيادته دون أي رادع، أهكذا سوف تقود حزباً وتسميه بـ (الحقيقة)!!؟.
إن الطريق الذي سلكته يا رفيق الدرب طريق مسدود ولا يوصلك إلى ما ترمي إليه، فقد ملّ شعبنا من هذه المهازل المتكررة، من قبيل أن القيادة بوجودك كانت مثالية، ولم تقل عنها ملاحظة واحدة طيلة العقود المنصرمة من عمرك النضالي، وبمجرد خروجك منها لأسباب معينة، أصبحت تلك القيادة خائنة وعميلة، تستحق السحق والموت!!.
أقول أن هذه الترهات لم تعد تنطلي على أحد، لأننا بحاجة ماسة إلى أصوات داعية إلى توحيد صفوف هذه الحركة قولاً وفعلاً لا تفتيتها… فلو كانت لديك الأدلة الكافية لإدانة عناصر من هذه القيادة، فما كان عليك سوى التحلي بالصبر ريثما يتم عقد المؤتمر السادس للحزب، فتقدم تلك الأدلة والقرائن برجولة وجرأة للمؤتمرين، وأعتقد جازماً، إن كنت تملك أدلة حقاً، فإن تلك العناصر ستحاسب وفق النظام الداخلي، ولن يخضع المؤتمرون لأمزجة وأهواء أحد، وأنت تعرف هذا أكثر من غيرك..!!