الجوع يقوّي الذاكرة وهذا مفيد لنا في سورية؟!

 

بقلم: سيامند إبراهيم*

تفر الخطوط الأنيقة من أنامل الخطاطين في عالم الأثير لتتماوج في فضاءات لازوردية, حلمنا بها لتخرجنا من واقع سوداوي, خطوط  حفرت وقائع وحوادث أليمة وأصابت كبد الحياة السورية في سويداء قلبها,  خطوط  رست في أذهان وعقول المسئولين في سورية, وتتفتق العبقريات في تحذير العباد بأشد العقاب لمن يتجاوز هذه الخطوط, والتي تتكاثر وتنتشر انتشار النار في الهشيم

لذا فإن الذاكرة الفنية لا يمكن لها نسيان أي نوع خطت به أنامل (ابن مقلة) الخطاط العظيم, وليحيا خطه المشهور, لكن ثمة خطوط في سورية تتقاطع, تتماوج مع خطوط أخرى أثيرياً, ربما لتشكل آفاقاً أخرى, لتخرج على الأقل سراباً يتراء من بعيد ليشكل كتل هلامية, ترتفع من بعيد, تهفو الأنفس للوصول إليها, فلا تلبث أن تتلاشى نهائياً لتشكل ذوات أخرى وفي حركات مكرورة, هذه هي أحلام الذين رسموا في آفاق مخيلتهم ربيعاً مزهراً لسوريا بخطوطها الممتدة من البحر إلى الجزيرة, التي من المفترض أن تكون موسومة بالاسم التاريخي لكن كل يجري فيها هو ممارسة خطوط حمراء, و حمراء تدخل شرايين الحياة في هذه الجزيرة ’في كل بقعة فيها ترتفع سوا تر عالية, ترسم لك خط أحمر, تحذرك من الاقتراب, شوارع تمني نفسك بالسير فيها تحت ظل أشجارها, تتوادد معها, تلمسها برفق, تبحث عن وريقات أكثر اخضرارا, تتألم لاصفرار البعض منها, فلا تجد إلاً أشجار كئيبة في مدينة تئن ألماً في كل نسغ حياتها, جمال الروح يتملل في وجوه فتيات هذه المدينة, الكآبة ترتسم على وجوه شبانها, لا مكان للعشق في هذه المدينة الموسومة بمدينة العشق؟!  في وطن تتفتق العبقريات, وتأخذ الخطوط منحى آخر؟ تصطدم بشعارات مرسومة بدرجات من الألوان الأخضر, الأحمر, والأسود, وهو الذي تماهى مع كل شيء في حياة ونسغ هذا الوطن, وأصبح يجوس كل شيء فيها يشوهها, مهزومة حتى نقي العظام تترنح بانتظار الحانوتي الأزرق ليوسدها في كهوف النسيان, نلج مملكة الألوان ننتقل مع الأحمر, نسوح معه و الأحمر له درجات لونية ومنازل مغوية من الدم القاني إلى الأحمر المالبورو الأمريكي السيء الحظ في مشاريع الديمقراطية في الشرق الأوسط,؟ إلى الخطوط الفكرية الحمراء والتي لا تستطيع أن تناقش فيها أحد؟! وثمة خطوط إن تجاوزتها فالويل لك و لأمك الذكية التي أنجبتك فهيماً؟! وهو من المحرمات على أي حركة سياسية, أو ثقافية وتشير آخر الدراسات العلمية في لندن, بأنه من الأفضل للمواطن إذا أراد الذهاب إلى عمله, أو الطالب إلى امتحانه فالأفضل له أن يذهب ببطن خاوية, فإذ تناديني زوجة أخي, وتربت على كتفي, ليس لأننا نعيش تحت خط الفقر المتزايد في سورية والوطن العربي, لا القصة ليست هنا بل لأن زوجة جارنا المسؤول في الدولة قد انفرجت أساريرها وهي لم تعد تفتح التلفاز الذي يؤرق زوجها الذي كان اسمه على قائمة الفاسدين, قد تجاوز جميع الخطوط العرض والطول, وجميع الخطوط الفيثاغورثية, والسلطانية والرئاسية بنجاح باهر.

وهي بعكس زوجة أخي النقاقة, والتي ألقت علينا دروساً في علم الاقتصاد وقالت لنا كم أنتم مساكين, ولم توفر لنفسك شيئاً, وخرجت من المولد بلا حمص؟! عندما كنت مديراً عاماً لمؤسسة اللحوم, فقلت هل تقصدين بأنني لم أسرق من خزينة الدولة؟نعم ها قد فهمت القصد يا فهمان! وكان حالك ليس كما هو اليوم من فقر وتعتير؟! وبربك ماذا حققت لكم الثقافة التي تحمل لوائها منذ ربع قرن غير الفقر, الجوع والحرمان, وأنت تشتري يومياً جرائد, لا تسمن ولا تغني عن جوع, أنت غلطانة يا شاطرة, تقولين وتهملين الجرائد وتمسحين بها الطاولات وتبحثين عن برجك التعيس, وتبحثين عن الكلمات المتقاطعة, وعن إحدى مرادفات الجوع كفاك مهازل.

هل تدرين أن مشكلة الجوع قد حلت في سورية؟ كيف هلا بشرتني يا سلفي العزيز؟ طيب لقد قرأت اليوم أن الجوع يقوي الذاكرة, وقد أجرى العلماء من جامعة (يل) الأمريكية دراسة.” نشروا نتائجها في مجلة «نتشر نيروساينس»، وتفيد بأن هرمون الجوع «غريلين» يمكنه زيادة عدد الموصلات العصبية في منطقة الدماغ التي تتشكل فيها ذاكرة الأحداث الجديدة.

ويفرز هذا الهرمون نحو مجرى الدم عندما تكون المعدة خاوية، كما يعرف عنه بأنه ينشط المستقبلات العصبية عبر كل المخ.

ورغم أن العلماء يعرفون أن الهرمون يؤثر على المنطقة الدماغية المسماة الهايبوتلاموس، أو ما تحت السرير البصري، فإن تأثيراته الأخرى ظلت غامضة.

ووجد العلماء الآن إنه يؤثر على منطقة أخرى تسمى قرين آمون في الدماغ، الذي يعرف عنه أهميته القصوى في تعلّم الإنسان.

وأشار العلماء إلى أن فئران التجارب التي توالدت بعد فقدانها للجين المولد لهرمون «غريلين»، قلت لديها موصلات الأعصاب بين الخلايا العصبية في هذه المنطقة، بينما أظهر حقن الفئران السليمة بكميات من الهرمون، أدى إلى زيادة عدد موصلات الأعصاب في قرين آمون، الأمر الذي عزز ذاكرتها وقدراتها على التعلم.

(1) هل صحيح ما تقوله؟ نعم يبدو أنك لا تقرئين الصحف والمجلات ولا تتابعين سوى محطة روتانا وآخر أخبار نانسي عجرم, التي حولتنا كالمشمش العجرمي اليابس, هي تقبض الملايين ونحن ننام جياع على صوتها المخدر.

افرحي ها قد حلت مشكلة التخمة لدى الأغنياء’ والجوع لدى الفقراء ورحم الله أمير المؤمنين علي بن طالب, حين قال:” لو كان الفقر رجلاً لقتلته).
—————-
رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سورية
عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق
*الشرق الأوسط – الثلاثـاء  –21 فبراير 2006 العدد 9947

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نحن أبناء قبائل الملية وحرصا منا على وحدة الصف وتمسكا بقيم وتضحيات أجدادنا التاريخية التي دأبت على توحيد الكرد، فإننا ندين ونستنكر بشدة زج اسم عشيرة الملية في البيان الصادر والمعنون ب بيان الكتل السياسية والعشائرية والمدنية الكردية برفض وثيقة مؤتمر القامشلي والذي نشر بتاريخ ٢٨-٠٤-۲۰۲٥- والذي يرفض وثيقة مؤتمر وحدة الموقف والصف الكردي المنعقد في قامشلو بتاريخ ٢٦ نیسان…

بيمان حسين ما حدث في 8 ديسمبر من عام 2024، على قدر جماله وروعته، كان شيئا غير متوقع على الإطلاق. فحلم الانعتاق والتحرر من نير النظام القمعي كان حلما تطلب تحقيقه مهرا غاليا من التضحيات اللامتناهية. في أعرافنا وثقافاتنا، نربط الأشياء غير المفهومة بالقدرة الإلهية، ولكن في هذا الموضوع بالتحديد، هناك رغبات وقدرات أخرى غير إلهية كان لها التأثير الأكبر…

المهندسِ باسل قس نصر الله في زمنٍ مضى، كانتْ سوريّٞةَ تصنعُ رجالاً لا تصنعُهمُ ٱلظروفُ، بلْ يصنعونَ ٱلظروفَ ذاتَها. فارسُ ٱلخوريِّ كانَ واحداً منْ هؤلاءِ: معلماً، ومشرِّعاً، ورجلَ دولةٍ يعرفُ أنَّ الوطنَ ليسَ شعاراً يُرفعُ عندَ ٱلحاجةِ، بلْ عقدَ شرفٍ يُمارسُ كلَّ يومٍ. فارسُ ٱلخوريِّ لمْ يُعرفْ بطائفتِه ولا بمذهبِه، بلْ بسوريّتِه المطلقةِ. وقفَ في وجهِ الانتدابِ الفرنسيِّ،…

جلسة حوارية منظمة من قبل منصة ديفاكتو الحوارية حول مفهوم الإعلان الدستوري في سوريا في فندق الشيراتون . حاضر فيها الاستاذ أحمد سليمان نائب سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا والأستاذ معن الطلاع مدير قسم البحوث العلمية في مركز عمران للدراسات و بتيسير من الأستاذ خورشيد دلي بمشاركة عدد من المثقفين و المهتمين بالشأن السياسي السوري. تمحورت الجلسة حول…