xemginderik@yahoo.com
الحوار هي لغة الانسان بتعريفها المختصر ، ولايمكن تطوير النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العالم بمعزل عن الحوار والتبادل الاقتصادي والثقافي
والاجتماعي والسياسي والدبلوماسي ، والحوار هو ضرورة سياسية واجتماعية في منطقتنا التي تعيش توترات عديدة ، وهي على اعتاب تطورات كبيرة وتغيرات جذرية في النظم السياسية التي كانت سائدة الى الان ، ويتمحور الحوار في وطننا السوري بشكل خاص في الحوار الكردي العربي وعربي عالمي ، وكردي عالمي في منطقة الشرق الاوسط وبالاشتراك مع القوميات الاخرى من فرس وترك وارمن واشور ..الخ ، لان الكرد يشكلون حلقة الوصل بين هذه الشعوب تقريبا .
الاستناد الى الماضي وبناء المستقبل وفق هذا الماضي ، والذي يكون في اغلب الاحيان بناءا غير مكتملا ، نظرا للتطورات المتسارعة التي تشهدها العالم ، وعدم اعطاء افرازات الماضي الجواب الكامل لهذه التطورات ، لاننا لانستطيع ان ناخذ الحاضر بمعزل عن الماضي ، ولا ان ناخذ ونخطط للمستقبل بغض النظر عن الحاضر .
وبنظرة سريعة الى الماضي نجد ان تاريخ الكردي هو تاريخ التحالف والتعاضد ضد الخارجي ، وهو انشاء وبناء نظم فيدرالية العشائر والقبائل من اجل الحفاظ على
مكونات المنطقة او البقعة الجغرافية التي يسكنها هذه المكونات ، بغض النظر عن مذاهب وقوميات هذا المكون ، وان كان حاضر الكرد ايضا دليل واثبات لهذه الحقيقة ، الا انها تبقى ناقصة ويجب تطويرها وتطوير لغة الحوار بينها وبين القوميات والاثنيات المشاركة معها على هذه البقعة الجغرافية ، الا ان الممارسات القمعية والشوفينة التي مورست على الكرد ، يشكل عائق او حائط عدم الثقة بين هذه الشعوب للحوار والتواصل على الوجه الاكمل ، وان كانت توجد نية من اجل الحوار الا ان هذه النية وهذه النداءات لاتخلو من الخوف والتردد ، نتيجة ممارسات الماضي من قبل هذه القوميات على الكرد .
ولكن تاريخ الشعب العربي فهو معروف وحسب المصادر العربية التاريخية ، والتي تؤكد ان العرب لهم ثقافة القتل والانتقام والغزو والانفال ، وما من قبيلة او عشيرة عربية تسلم من شر جيرانها من القبائل والعشائر العربية ، وهذه الثقافة اصبحت الموروث الاساسي للانسان العربي ، ودخلت في تشكيل جيناته الوراثية مع كل اسف ، ولم يستطع العربي التخلص من هذه الثقافة والاعتراف بالقوميات والاثنيات الاخرى فحسب ، لابل انها تنكر جارتها العربي ايضا ، معتمدة سياسة الاقصاء والانكار والاستيلاء والغزو ، وخير مثال على ذلك احتلال الكويت من قبل النظام العراقي ، وتناقضات العديدة بين الدول العربية نفسها ، وان وجدت احدى الدول القوة الكافية لضمت الى نفسها الدولة الاخرى لتوسيع حدود نفوذها وجغرافية عشيرته التي اصبحت الان الدولة ، ولا يوجد سلطة عربية تعترف بدستور دولته في الجمهورية ، بل تم تحويل كافة جمهوريات العربية الى ممالك وراثية ، يورثها الابن من الاب شاء الجماهير ام ابى ، ولا يوجد انتخابات حره ونزيه في اية دولة عربية( في الشرق الاوسط) الى الان ، ولم نسمع بها ، واعتقد اننا لن نسمع بها في المستقبل القريب على الاقل .
ولكن وبعد هذه المقدمة في تعريف تاريخ هذين الشعبين وارجو ان لااكون عنصريا في هذا التعريف ، علينا ان نعرف ان العصر الحديث يتطلب اليات ووسائل نحن الشعبين لم نكن نملكها في تاريخنا المنصرم ، واقصد بذلك التطورات العلمية الهائلة وثورة المعلومات ، ووسائل الاتصالات ، بالاضافة الى القوة الاقتصادية الضخمة والتي تسيطر على كافة مفاصل الحياة السياسية والدبلوماسية ، وهي التي تقرر المستقبل ، ومن ناحية اخرى نجد ان الظروف الموضوعية ادخلتنا نحن الاثنين في اطار دولة واحدة لايمكن تمزيقها ( في الوقت الحالي على الاقل ) ولا يمكن التغاضي عن هذا التداخل ، ونحن الاثنين نملك مقومات وميزات تخولنا ان نؤثر على الاخر، او ان نضع العوائق والعراقيل في طريق تطور الطرف الاخر .
ولكن هل لنا ان نستمر في حالة الصراع والاقتتال والانكار والاقصاء ، مع وجود الحضارة الاوربية وتدخلها في المنطقة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، وفقدان
الحدود والاسوار لمعناها الجغرافي ، وتطور المفاهيم الانسانية في الديمقراطية وحقوق الانسان ؟ ، وهل سيسمح لنا الاطراف الخارجية ان نضرب على وترنا القديم
والمعهود في القتل والانتقام والتعذيب والانكار والاقصاء ، وعدم الاعتراف بحرية الاخرين في العيش الكريم ، والبعد عن ركب العصر ؟ ، او هل بمقدور احد الاطراف ان تستعبد الطرف الاخر الى ما لا نهاية ، والتفرد بالقرار في شؤون الدولة والمجتمع ومقدرات الشعوب الاخرى ؟، او هل بمقدور شعب ما ان يتبنى نظام ديمقراطي تعددي او فيدرالي دون قبول الاخرين او اشتراكهم فيها ومساندتها ؟ ، ولكن يتضح من الاجابات الضمنية اننا لانملك وسائل تطور منفردة ولا يمكن ان نعطي الصورة الحقيقية لمجتمعاتنا بالطرق الفردية ، او التفرد في المزايا والنوايا الحسنة ، لابل يجب ان نتجه الى وحدة الموقف الانساني ، والتعبير عنه علنا عبر التحاور والتشاور وقبول الاخر ، وتقديم العون والمساعدة في تطوير النظم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، لان تطور اي شعب في هذه المنطقة سيكون فخرا لكافة شعوبنا ، ان لم يكن على حساب الشعوب الاخرى ، بل يجب ان يكون بالترافق مع التطور الديمقراطي للنظم السياسية والتي تضمن تطور الشعوب الاخرى ايضا ، ثقافيا واقتصاديا .
نحن على اعتاب مرحلة جديدة ومضطرين للدخول فيها شئنا ام ابينا ، لان العصر الحديث يجري ويضغط علينا من خلال التطورات العظيمة التي حققها في مجال حقوق الانسان والحريات الاساسية ، ولا يمكننا التغاضي عن هذه التطورات ، والا ستكون النتائج وخيمة على مستقبل تطورنا القومي والوطني على حد سواء ، ويجب ان لاننسى اننا شركاء في الوطن ، والوطن ليس ملك لفئة او طرف دون الاخر ، وعلينا التوجه الى التكامل في بناء الوطن والمواطن وفق اسس واحترام الانسان وحقوقه وحرياته الاساسية ، ولن يتم هذا دون حوار الشعوب والقوميات والاديان والمذاهب المتعددة في كل دولنا ، والتي تشكل موزاييكا غنيا للتطور الاجتماعي والثقافي في المنطقة ، ونسأل هنا : ما ضر العربي ان قال الكردي انا كردي ، وما ضر الكردي ان كان العربي شريكا له في الدولة والوطن ، وما ضر الاثنين ان كان لكل منهما ثقافته الخاصة ، ولماذا لانحب السلام والتاخي ؟ ـ فلابديل لنا عن التاخي والمساوات والاعتراف بالاخر .